نقاش القانون الجنائي

نقاش القانون الجنائي..

المغرب اليوم -

نقاش القانون الجنائي

عبد العالي حامي الدين

اعتبارات كثيرة تقف وراء مراجعة شاملة لمقتضيات القانون الجنائي المغربي، الذي أقره المشرع المغربي سنة 1962، ودخلت عليه بعض التعديلات، أبرزها ما يتعلق بمكافحة الإرهاب..

فمن جهة، هناك مستلزمات الملاءمة مع مقتضيات الدستور الجديد المتقدمة في مجال الحقوق والحريات، وضرورة الانسجام مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية، سواء في مجال القانون الدولي لحقوق الإنسان، أو في مجال القانون الدولي الإنساني. ومن جهة أخرى، هناك متطلبات مكافحة الجريمة ومواكبة تطورها بهدف ضمان أمن وسلامة المجتمع..

اليوم الدراسي، الذي نظمته وزارة العدل والحريات، كان مناسبة للمتخصصين للمشاركة في نقاش ديمقراطي ساهمت فيه مدارس واتجاهات مختلفة، سمحت بالوقوف عند أبرز مستجدات مسودة مشروع القانون الجنائي والتعبير عن العديد من الانتقادات بصدده، مع تجاوز بعض النقاشات المتسرعة التي لم تمعن النظر في حوالي 598 مادة توزّعت على سبعة أبواب..

هناك على العموم تثمين للمقاربة التشاركية والمنهجية التشاورية المعتمدة، التي فسحت المجال للمجتمع المدني للإدلاء باقتراحات تفصيلية إلى غاية منتصف الشهر المقبل، وهناك تثمين للجهد الذي بذلته لجنة إعداد المسودة الأولية المشكلة من أساتذة جامعيين وقضاة ومحامين وفاعلين مدنيين..

المستجدات، التي جاءت بها مسودة مشروع القانون الجنائي، استندت على فلسفة جنائية مندمجة حاولت تجريم بعض الأفعال الجديدة، انسجاما مع ضرورة الملاءمة مع الدستور، ومع التزامات المغرب الدولية وأن تأخذ بعين الاعتبار الجريمة المنظمة والجرائم العابرة للحدود، من قبيل تجريم الاختفاء القسري، والاتجار بالبشر، والتحريض على الكراهية، وازدراء الأديان وتهريب المهاجرين، كما جرّمت المسودة جرائم الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وهو ما سيُمهد الطريق أمام المغرب للمصادقة على اتفاق روما الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية، كما حاولت أن تُعيد النظر في فلسفة العقوبات عبر اعتماد مفهوم العقوبات البديلة للعقوبات السالبة للحرية، في الجنح التي لا تتجاوز العقوبة المحكوم بها سنتين حبسا، وتتمثل هذه العقوبات البديلة في العمل لأجل منفعة عامة أو الغرامة اليومية أو تقييد بعض الحقوق أو فرض تدابير رقابية أو علاجية أو تأهيلية، وهو ما من شأنه أن يُسهم في إصلاح وتقويم سلوك مرتكبي بعض الجرائم، إلى جانب التخفيف من الاكتظاظ الموجود داخل السجون..

مسودة مشروع القانون الجنائي فتحت المجال أمام المجتمع من أجل حماية المال العام ومحاربة الفساد، وذلك عبر تجريم الإثراء غير المشروع بالنسبة إلى الموظف العمومي، الذي ثبت بعد توليه الوظيفة أن ذمته المالية عرفت زيادة ملحوظة وغير مبررة، مقارنة مع مصادر دخله المشروع، ولم يدل بما يثبت المصدر المشروع لتلك الزيادة، وكذلك تجريم الامتناع أو التأخر في تنفيذ مقررات قضائية وإعادة صياغة المقتضيات الخاصة بالتأثير على القضاة..

السياسة الجنائية، المعبر عنها في المسودّة، أولت عناية خاصة بالآليات القانونية لتعزيز الصلح بين المتقاضين، وإيقاف سير الدعوى العمومية في أوسع نطاق، وذلك في الجرائم الأقل خطورة والمعاقب عليها بسنتين حبسا.

لا يتسع المقام هنا لتقديم قراءة شاملة في المستجدات الإيجابية التي جاءت بها المسودة..

في مناسبة مقبلة نستعرض بعض انتقاداتنا للمسودة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقاش القانون الجنائي نقاش القانون الجنائي



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:39 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:31 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً
المغرب اليوم - اليونيفيل تطالب إسرائيل بوقف الهجمات على لبنان فوراً

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib