جماعات وازدواجية واقتصاد مأمول

جماعات وازدواجية واقتصاد مأمول

المغرب اليوم -

جماعات وازدواجية واقتصاد مأمول

أمينة خيري
بقلم - أمينة خيري

أتحدث اليوم عن الجماعات المسلحة التى تزخر بها المنطقة والقارة الأفريقية، وعن المعايير المزدوجة للبعض والتى تكبر وتتمدد وتتوسع حتى تمر مرور القواعد العظيمة والأعراف الجميلة، وعن الاقتصاد والمواطن والوضع الاقتصادى.

اقتصاد الجماعات والحركات والمجموعات المسلحة، التى يسمونها «شبه عسكرية» أمر يستحق التأمل.

عرفت البشرية الجماعات المسلحة منذ بدء الإنسان يعمر الأرض، وتصبح له مصالح، ومن ثم منافسون وأعداء.

تطورت البشرية، وتطور القتال، وأصبحت هناك الدول والجيوش الوطنية.

لكن فى الوقت نفسه، نمت وتطورت وتشعّبت الجماعات المسلحة، وذلك بين «إرهابيين» يهددون أمن الدول داخلياً وخارجياً، وجماعات انفصالية، وأخرى تحمل راية عقيدة أو مبدأ تحارب من أجله (أو هكذا يهيأ لمقاتليها)، ورابعة تحارب جماعة أخرى مسلحة للمنافسة على الأرض أو المياه أو المخدرات والقائمة تطول.

وبالطبع هناك الجماعات المسلحة التى تحارب الاحتلال، وسنعتبرها استثناء فى هذه السطور، حيث لها ما يبرر وجودها، وإن بقيت حدودها وقواعدها ومبادئها ومصادر تمويلها ومستقبل مقاتليها بعد انتفاء الغرض منها مثاراً للنقاش والاختلاف.

منطقتنا، سواء العربية أو الأفريقية غارقة فى كم مذهل من الجماعات المسلحة.

وكأن الآلاف منها لم يكن كافياً ليهدد دول المنطقة وأمنها واستقرارها، فإذ بالجماعات المسلحة عابرة القارات والحدود متعددة الجنسيات تأتى إلينا وتنضم إلى المشهد.

المشهد الآنى انضم إليه لاعب جديد يسمونه «الفيلق الأفريقى» حسب التقارير الصحفية، ويتكوّن هذا الفيلق من مقاتلى «فاجنر»، ولكنهم موجهون أو مخصصون للقارة الأفريقية، والطريف أن الاسم «الفيلق الأفريقى» ليس جديداً، بل كان يطلق على مقاتلين تابعين لدول المحور، تم تجهيزهم وتدريبهم فى الحرب العالمية الثانية للمشاركة فى العمليات العسكرية فى شمال أفريقيا.

المراكز البحثية الكبرى تقول إننا فى عصر الجماعات المسلحة، لا الجيوش الوطنية، حتى تلك التى تنشأ فى أوقات الطوارئ لـ«مساندة» الجيوش الوطنية»، غالباً تتحول إلى وبال وخراب على الجميع.

والأمثلة كثيرة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تلك الحفنة من الجماعات المسلحة فى سوريا، والتى بدأت مع هبوب رياح «الربيع» عليها فى 2011، ثم تفجرت خلال أشهر معدودة إلى آلاف الجماعات المسلحة المتحاربة فيما بينها، وتلك الموجهة ضد الجيش الوطنى.

وكذلك الحال فى ليبيا، واليمن، وقبلهما العراق، وقبله لبنان فى سنوات الحرب الأهلية السوداء، وحالياً فى السودان، والقائمة أطول من أن تذكر كل مكوناتها فى قارتنا الأفريقية.

لعنة الجماعات شبه العسكرية شبه مؤكدة، والدول التى تبتلى بها تعانى الأمرين من أجل إعادة تأهيل هؤلاء المقاتلين للعودة إلى الحياة المدنية، أو نزع أسلحتهم، وبالطبع إعادة الدولة لتكون دولة حقيقية تتطلب ألا يحمل كل من هب ودب السلاح.

غاية القول هو أن العالم يقف حائراً أمام الجماعات شبه العسكرية، فتارة، يعتبرها جماعات مقاومة عظيمة، وأخرى يطاردها لأنها باتت إرهابية، وثالثة يصنفها إرهابية، ورابعة يغض عنها الطرف -ربما لضلوعه فيها بشكل غير مباشر أو لأنها تحقق مآرب مفيدة له- إلى أن يجد فى الأمور جديد.

كل هذا على حساب المدنيين العزل فى الدول المبتلاة بهذه الجماعات.

أما الدول الناجية منها، فعليها أن تحمد الله كثيراً على النجاة، وتعمل بكل ما أوتيت من عزم وإرادة لدرء هذا الخطر من جذوره، وكل ذى عينين وعقل عليه أن يعى أن مصر بجيشها الوطنى الواحد فى نعمة وفضل كبيرين.

فضل العقل على الإنسان كبير. وهذا العقل هو ما يمكّننا من التأمل فى أحوال المعايير المزدوجة، والمبادئ الموسمية، والقيم المتلونة بألوان المصالح والغايات، فمثلاً، الجماعة المسلحة التى كان إعلامٌ ذو مصداقية ويحظى باحترام القاصى والدانى باعتباره قلعة للموضوعية ورمزاً للمهنية يعتبرها مقاومِة للاحتلال ومناهِضة للظلم، تحولت بين يوم وليلة إلى إرهابية وخارجة على القوانين الدولية والإنسانية.

معايير الإنسانية غير قابلة للتجزئة أو الموسمية، بمعنى آخر، ملاحظة ردود الفعل العالمية، لا سيما الغربية، من حولنا لحرب غزة عملية تعليمية وتثقيفية، وينبغى أن تدربنا على التأنى فى التصنيف.

هنا سيقول قائل ساخراً أو معارضاً: «وإحنا يعنى المصداقية والمهنية مقطعة بعضها؟!» وسأقول: «يمكننا أن نناقش هذه المسألة المهمة ولكن هذا ليس ما أتحدث عنه فى هذا السياق».وفى السياق الاقتصادى، أقول إن المصريين يحتاجون مع مطلع العام الجديد، وهو المطلع الغارق فى كم مذهل من القيل الاقتصادى والقال المعيشى من أسعار وفواتير ومصروفات مدارس وغيرها، إلى خطاب اقتصادى رسمى مختلف.الاختلاف المطلوب فى الخطاب هو أن يكون مناسباً لوعى المواطن المصرى الناضج العاقل البالغ، المحب لوطنه، المتحمل للمصاعب إيماناً منه بأن القادم أفضل.

لكن حتى يترسخ هذا الإيمان، وتقوى جذوره، يبحث هذا المواطن عن محتوى مقنع، فيه وصف للوضع الحالى، وتصور للمستقبل القريب جداً، شرط أن يكون مصحوباً بشرح واف لكنه بسيط للواقع والمأمول.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جماعات وازدواجية واقتصاد مأمول جماعات وازدواجية واقتصاد مأمول



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib