تصدوا للتضليل

تصدوا للتضليل

المغرب اليوم -

تصدوا للتضليل

طارق الحميد
بقلم - طارق الحميد

مع كل أزمة تمر بها منطقتنا، نكتشف، وللأسف، أن الأمر الوحيد المتطور في التعامل مع تلك الأزمات هو أدوات التضليل، وكأن تجار الأزمات والتضليل ينتظرون كل تطور تكنولوجي للإمعان في التضليل.

والتضليل ليس بجديد، ولست هنا بصدد مناقشة تاريخه، لكن أبرز عمليات التضليل بمنطقتنا، وربما شريحة عريضة من المتفاعلين مع أزمات المنطقة لم يعايشوها، هو التضليل الذي جرى لحظة مقتل الراحل رفيق الحريري.

وتم ذلك التضليل عبر شريط فيديو لانتحاري مزعوم، يلقب بأبو عدس، وتم ترويجه وقتها في الإعلام كحملة مضللة للعدالة والرأي العام، وتبين لاحقاً أن اغتيال رفيق الحريري كان عبر سيارة مفخخة لإرهابيين من «حزب الله».

والحزب نفسه، ومعه نظام الأسد الغابر، كانا يتعمدان تأسيس مواقع إخبارية مزورة لتمرير رسائلهم، وبعضها الآخر عبر وسائل إعلام الحزب، ولذلك سارعوا لتأسيس فضائية مع انطلاق الثورة السورية لبث الأكاذيب والتضليل حينها.

اليوم الأمر لا يحتاج إلى قنوات فضائية، رغم كثرتها، وكثرة سقطاتها، حيث باتت وسائل التواصل، وبالأخص «X» (تويتر سابقاً)، منصات للتضليل، وما سمَّيته هنا عام 2009، «غسيل الأخبار».

واليوم مع الأزمات المفتعلة التي تطارد سوريا الجديدة باتت وسائل التواصل ملعباً فسيحاً لحملات التضليل، ولا تقوم بها شخصيات مجهولة وحسب، بل وإعلاميون ومثقفون، وشخصيات اعتبارية، بعضهم عن عمد، وهم كثر، وبعضهم ناقلو أخبار مستعجلون.

وأبسط مثال هنا، وعلى خلفية أزمة السويداء في سوريا، وبحسب مصادر خاصة، ووفقاً لرصد متخصص، فإن هناك نحو 10 آلاف معرف يتم إنشاؤها يومياً على «X»، (تويتر سابقاً)، في العراق ولبنان وإيران من أجل تأجيج الأوضاع في سوريا.

وذلك إضافة إلى 250 ألف حساب سابق تعمل على التحريض ضد سوريا بشكل مستمر وانطلاقاً من لبنان وحده. وهو ما كتبته قبل أيام على «X». ومن خلال المتابعة اليومية المتخصصة أستطيع أن أؤكد وجود جغرافيات أخرى.

لكن بعض الدول أعلاه، وبحسب مصادر مطلعة، لديها مقرات متخصصة لإدارة تلك الحملات، وأبرزها كان في الضاحية الجنوبية، وهو ما سمعته من مصادر عدة، ومنها إيرانية، وكانت تعرف بغرفة بيروت حيث تدير جل حملات التضليل بالمنطقة.

والأمر لا يقف على الأطراف أعلاه بإدارة حملات التضليل بالمنطقة، فهناك الجماعة الأخطر في التضليل، ومنذ عقود، وهي جماعة الإخوان المسلمين، التي مارست التضليل بكل أنواعه، وعبر كل المناشط، والمجالات.

والأمر نفسه فعلته «القاعدة» و«داعش»، ومن هم على شاكلتهما من الشق الشيعي، ومثلهم أنظمة معادية لمفهوم الدولة في المنطقة، ومناصرة للتأجيج الطائفي، وكل ما من شأنه نشر الفتن.

وعليه، فقد آن الأوان اليوم للتصدي لهذا التضليل عبر عمل مؤسساتي، ويجب أن تبدأ به دول مجلس التعاون الخليجي لكون مجلسها هو الفاعل، والمنظم، والمستهدف، وكذلك حلفاؤه. فعندما تأثرت أوروبا وقبلها الولايات المتحدة بعمليات التضليل والأخبار المزيفة هبوا للتصدي لذلك.

واليوم حري بنا أن نتحرك مؤسساتياً للتصدي لهذا الخطر، وليس بتكميم الأفواه، وإنما عبر مشروع توعوي، ومؤسسات رادعة، لحملات التضليل الخطرة على الأمن والاقتصاد، وقبل كل ذلك السلم الأهلي.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تصدوا للتضليل تصدوا للتضليل



GMT 17:42 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

قمامة من؟

GMT 17:39 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

«القاعدة» في اليمن... ليست راقدة!

GMT 17:36 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف اخترق ممداني السَّدين؟

GMT 17:34 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

لحظة ساداتية لبنانية ضد الهلاك

GMT 17:30 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

جريمة أستاذ الجامعة

GMT 17:12 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (2)

GMT 17:10 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أخطأ ياسر ولكنه لم ينافق!!

GMT 16:54 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

الفتنة الكبرى!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة
المغرب اليوم - تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة

GMT 01:12 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون وعباس يعلنان تشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطين
المغرب اليوم - ماكرون وعباس يعلنان تشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطين

GMT 02:56 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
المغرب اليوم - دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع

GMT 02:06 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع
المغرب اليوم - الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل

GMT 08:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا قدمتم لتصبحوا صحفيين وناشطين؟

GMT 00:26 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة المنشط الإذاعي نور الدين كرم إثر أزمة قلبية

GMT 02:33 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"رينود" يتسبب في تشنج الأوعية الدموية لأصابع اليدين

GMT 00:25 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

مي عمر تؤكّد أهمية تجربة عملها مع عادل إمام

GMT 09:51 2016 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

بشرى شاكر تشارك في مشروع طاقي في ابن جرير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib