صدأ التاريخ وصداه
مقتل فلسطينيين أحدهما طفل في قصف إسرائيلي شرق خان يونس الاحتلال الإسرائيلي يسلم 15 جثمانًا جديدًا لشهداء من غزة عبر الصليب الأحمر الصين تطلق ثلاثة أقمار اصطناعية تجريبية ضمن المهمة رقم 606 لصواريخ "لونغ مارش" دونالد ترامب يحضر مباراة دوري كرة القدم الأميركية في سابقة تاريخية للرئاسة استقالة مدير عام بي بي سي ورئيسة الأخبار بعد جدل حول تغطية خطاب ترمب قصف إسرائيلي يستهدف سيارة جنوب لبنان وارتفاع حصيلة الشهداء في غارات متواصلة على النبطية والمناطق الحدودية حماس تندد بجولة رئيس الاحتلال الإسرائيلي في إفريقيا وتدعو الدول لرفض التطبيع وقطع العلاقات اسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتراخي وواشنطن تضغط لقطع تمويل ايران عن حزب الله سحب دفعات من حليب رضع في أميركا بعد تسجيل 13 حالة تسمم والتحقيقات مستمرة لمعرفة مصدر التلوث غزه تواصل النزيف حصيله الشهداء ترتفع الى 69 الفاً والاصابات تتجاوز 170 الف منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في 7 اكتوبر
أخر الأخبار

صدأ التاريخ وصداه

المغرب اليوم -

صدأ التاريخ وصداه

عبد الرحمن شلقم
بقلم : عبد الرحمن شلقم

قال كارل ماركس: التاريخ يعيد نفسه مرتين، المرة الأولى كمأساة والثانية كمهزلة. هناك من رفض هذه المقولة بشدة، واستدلوا بوقائع مختلفة، شهدها البشر في حياتهم قديماً وحديثاً، تخالف ما عبر عنه الفيلسوف كارل ماركس. كثيراً ما لا يعيد التاريخ نفسه. هناك قدرات متجددة للعمل الإنساني سلماً وحرباً. أدوات الإنتاج اليوم تقدمت بشكل مهول، وكذلك المعلومات والتقنيات في كل المجالات، كل ذلك ينتج تواريخ جديدة كل ساعة، أو حتى أقل. بلدان كانت تعد من بين الدول المتخلفة، ولم تلعب دوراً فارقاً في الماضي، صارت اليوم من القوى التي يحسب لها ألف حساب وأكثر، في السلم والحرب مثل الصين والهند والكوريتين والبرازيل وإسرائيل وغيرها.

الملايين من أحداث الماضي، مضت وغبرت ونسيت، ولم يعد لها وجود في ذاكرة البشر والكتب، بينما هناك أحداث تحوّلت إلى نقش في ذاكرة الشعوب وعقولها، وصار التاريخ إسفنجة تختزن فيضاً من أنهار الماضي وبحاره. يقوم مفكرون وفلاسفة وسياسيون وقادة عسكريون بعصر إسفنجة ماضٍ سحيق ويصنعون مما تقطره شحنات فكرية تؤسس مشروعات تحقق سلاماً ونهضةً وتقدماً، وقد يكون ما يسيل منها مجرى لأنهار من الدماء التي تنزّها الحروب والصراعات الطويلة والقصيرة.

التاريخ يزخر بأحداث مضت، وآلت إلى قبور النسيان. عدد سكان العالم اليوم في حدود 8 مليارات من البشر يتحركون فوق الأرض. كل بالغ منهم يحقق أفعالاً كل يوم، بل كل ساعة، في مختلف المجالات، لكن كل ما فعله أغلبهم يرحل معهم إلى القبور، دون أن تُكتب على الورق، أو حتى دون أن تبقى في ذاكرة الآخرين. التاريخ كأي موجود على هذا الكون يلحقه الصدأ وتنخره السنون فيزول، لكن منه ما يبقى ويكون له صدى يحرك الحاضر ويخلق قوة تحرك ملايين البشر نحو خيارات كثيراً ما تكون متناقضة. شخصيات وأحداث عاشت وكانت في قرون مضت نجدها تحيا مع الناس في حياتهم اليومية. شوارع ومدارس وحتى مدن تحمل أسماءهم، وأخرى تملأ كتب مناهج التعليم في مراحلها المختلفة. في بلادنا العربية، التاريخ كائن حي، لا يغيب عن الذاكرة الجمعية. الإعلام المكتوب والمسموع والمرئي صار ميداناً واسعاً لحلبات ما قد مضى من الأحداث وسير الشخصيات. الشيء نفسه لا يغيب عن وسائل التعليم والإعلام في مختلف دول العالم.

كثيراً ما كان صدأ التاريخ منجماً تستل منه الأساطير التي يتم تحويلها إلى قوة تعبئة تهيج الشعوب وتقودها إلى حروب دامية، ويُعجن صدأ التاريخ السام بسائل الأساطير المضافة إلى ما قد كان في زمن غبر. العِرق قدَّاحة تُستحضر لتشعل الحريق. ذاك ما فعله النازيون في ألمانيا، وتمكنوا من حشد إمكانات شعب مفكر ومبدع وصانع في زنزانة عرضها مساحة وطن، وساقوا شعبهم المشحون بصدأ التاريخ والعِرق الآري المستدعى وهماً من غياهب الماضي الآسيوي المختلق إلى ويلات دامية. حارب النازيون العالم، وكان المشهد الدامي الرهيب في العالم. دُمرت ألمانيا، وخسرت البشرية الملايين، وانتهى هتلر بالانتحار في مخبئه. الفاشية الإيطالية استدعت ما كان في القرون الغابرة. الإمبراطورية الرومانية التي حكمت يوماً قرابة ثلث ما كان معروفاً من الدنيا، استحضرها بينيتو موسوليني، من التحية الرومانية، إلى خطوة سير جنوده، وسخر لحلمه رتلاً من الكتاب والشعراء وحتى رجال الدين، وشن حرب إبادة على ليبيا، وأقام معسكرات الاعتقال، وسمى ليبيا الشاطئ الرابع لإيطاليا. احتل إثيوبيا وأريتريا وألبانيا، وغزا اليونان، وحوّل إيطاليا من مملكة إلى إمبراطورية رومانية. انتهى صدأ الحلم التاريخي الفاشي، وزالت الإمبراطورية الرومانية الفاشية بهزيمة لم تبق على شيء من الحلم التاريخي الروماني، وانتهى موسوليني معلقاً من ساقيه في ميلانو مع عشيقته كلاريتا بيتاتشي.

العلوم والفلسفة والدين شكلت منذ الزمن القديم قوة حقيقية للإنسان. حركت القدرات البشرية في طريق النهضة والتقدم. هذه القدرات ما زال لها صدى متجدد. يشحذ العقول ويدفعها للإبداع والاختراع. منذ بداية عصر النهضة الأوروبي إلى اليوم تتدفق الإضافات في مجالات الفكر والعلوم التقنية، ولا تتوقف البحوث العلمية في المختبرات والمعامل، من أجل زيادة قدرة البشر على السير نحو الرفاهية، ومقاومة الأمراض وصناعة الأدوية. لكن المرض الأكبر والأخطر لا يزال هو الحروب التي تتفجر وكأنها وباء مزمن يعيش في داخل رؤوس البشر. اعتقد الكثيرون من المفكرين والساسة، أن السلام سيعم العالم بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، وما خسرته البشرية من عشرات الملايين، والدمار الذي لم تنج منه إلا القليل من بلدان العالم. قامت منظمة الأمم المتحدة، كجسم عالمي للسلام يضم كل أمم الأرض، وُلد من رحم المأساة الأكبر التي عاشتها البشرية جراء الكارثتين الأولى والثانية، لكن صدأ الماضي، والوباء المزمن وهو الأنانية والعنف وغطرسة الهيمنة والقتل، كلها لا تغيب، وفعلها لا ترياق له، كما يؤكد ذلك كل ما نراه اليوم ونعيشه، في بقاع مختلفة من العالم.

العالم يعيش اليوم بكل حواسه، ما يشاهده على أرض غزة. شيء لم تعشه الملايين من قبل. مذابح تنقلها وسائل الإعلام إلى أصقاع الدنيا في صور حية. صدأ التاريخ عندما يتحول إلى آلة قتل لا ترحم كبيراً أو صغيراً يؤكد أن كلمة الإنسانية لا يكون لها حضور في رؤوس امتلأت بغبار صدأ الماضي وأساطيره. لقد اجتمعت المآسي والمهازل الإنسانية بكل ما فيها من دموية جنونية لم يشهدها التاريخ من قبل.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صدأ التاريخ وصداه صدأ التاريخ وصداه



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:14 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
المغرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 13:37 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ساركوزي يخرج من السجن بعد 20 يوماً بإشراف قضائي
المغرب اليوم - ساركوزي يخرج من السجن بعد 20 يوماً بإشراف قضائي

GMT 15:44 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
المغرب اليوم - علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي

GMT 11:26 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تؤكد أنها لم تلجأ لأي عمليات تجميلية وأسرار نجاحها
المغرب اليوم - يسرا تؤكد أنها لم تلجأ لأي عمليات تجميلية  وأسرار نجاحها

GMT 15:53 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

فضيحة أخلاقية في زمن الحجر الصحي بنواحي أكادير

GMT 15:34 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

عملاق فرنسا يبدي رغبته في ضم حكيم زياش

GMT 07:22 2018 الخميس ,02 آب / أغسطس

"جاغوار" تطرح نسخة مبتدئة دافعة " two-wheel"

GMT 04:03 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

غاريدو يكشف أن الرجاء مستعد لمواجهة الوداد

GMT 16:51 2017 الإثنين ,24 إبريل / نيسان

طريقة عمل بروكلي بصوص الطماطم

GMT 05:00 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مشروب التوت بالحليب مع الشوكولاتة المبشورة

GMT 01:09 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طبيب ينجح في إزالة ورم حميد من رأس فتاة

GMT 04:40 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

موقع "أمازون" ينشئ سلة مهملات ذكية تدعى "جيني كان"

GMT 02:53 2015 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

المهاجم مراد باطنا يقترب من الانتقال إلى "انطاليا التركي"

GMT 04:17 2012 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

كوزوميل جزيرة الشعاب المرجانية ومتعة هواة الغطس

GMT 10:00 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة أمل صقر تكشف أن المجال الفني يعج بالمتحرشين

GMT 11:01 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أبرز عيوب مولودة برج العذراء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib