إيران بين ثورة الكاسيت والإنترنت
استقالة مدير عام بي بي سي ورئيسة الأخبار بعد جدل حول تغطية خطاب ترمب قصف إسرائيلي يستهدف سيارة جنوب لبنان وارتفاع حصيلة الشهداء في غارات متواصلة على النبطية والمناطق الحدودية حماس تندد بجولة رئيس الاحتلال الإسرائيلي في إفريقيا وتدعو الدول لرفض التطبيع وقطع العلاقات اسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتراخي وواشنطن تضغط لقطع تمويل ايران عن حزب الله سحب دفعات من حليب رضع في أميركا بعد تسجيل 13 حالة تسمم والتحقيقات مستمرة لمعرفة مصدر التلوث غزه تواصل النزيف حصيله الشهداء ترتفع الى 69 الفاً والاصابات تتجاوز 170 الف منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في 7 اكتوبر وزارة الداخلية السعودية تنفذ حكم القتل تعزيراً بحق مواطنين لانضمامهما إلى تنظيم إرهابي يستهدف أمن المملكة غرق قارب قبالة الحدود الماليزية التايلاندية ومفقودون يقاربون 290 شخص ستة قتلى ومئات المصابين بإعصار شديد في ولاية بارانا البرازيلية سوء الطقس في الكويت يجبر تسع طائرات على الهبوط الاضطراري في مطار البصرة الدولي
أخر الأخبار

إيران بين ثورة الكاسيت والإنترنت!

المغرب اليوم -

إيران بين ثورة الكاسيت والإنترنت

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

ما هرب كان أعظم. كم من مفكر صمت وسكت، بل هرب إلى حفرة عقله وانزوى فيها، هرباً من بطش رجال الكنيسة في القرون الوسطى. مئات بل آلاف، لا من رآهم أو سمعهم أو سمع بهم. عندما حكمت الكنيسة الكاثوليكية على الفيلسوف العالم جوردانو برونو بالحرق حياً، ماذا كانت تهمته؟ كانت إعلانه أن الأرض دائرية وتدور حول الشمس. فكرة علمية، لا تضر أحداً من رجال الكهنوت، ولا تلحق ألماً برجل أو امرأة. كل ما في الأمر أن ما ذهب إليه جوردانو برونو، أنه فكر واجتهد خارج حفرة التاريخ والقداسة. جوردانو برونو، امتلك شجاعة جنونية، قوتها دفق العلم، وصلابة الفكر. لكن رفيقه في العلم غاليليو، الذي آمن بنفس ما آمن به برونو، قفز إلى حفرة التقية، وخضع خوفاً لما فرضه عليه سدنة العقيدة. كم من مفكر وعالم في حقبة الظلام الوسطى العظمى، ارتعب وهو يرى ما حلَّ بجوردانو برونو الذي قُطع لسانه ثم أُحرق حياً في ميدان كامبو دي فيوري ـ ميدان أو معسكر الورد ـ بالعاصمة الإيطالية روما، ربما كان الخائفون من العلماء والمفكرين بالمئات أو حتى بالآلاف. الذين يتسلحون بقنابل الظلام، يضعونها حجارة في دروب العقل الإنساني، لتتفجر تكفيراً وتخويناً، لا تقتل العلماء والمفكرين، بل تقتل الزمن وتشد البشر إلى قاع التخلف والظلام الذي يضع الفقر والمرض في الرؤوس والنفوس والأجسام. مواجهة من كانوا يتحكمون في مسار التفكير والإبداع العلمي وحتى الديني، كانت ضرباً من المغامرات الانتحارية الفكرية، دفع الكثيرون فيها حياتهم قتلاً أو سجناً. أكثر من ثلاثين ألفاً من المفكرين، قتلوا أو عذبوا وسجنوا على أيدي الكهنة. مارتن لوثر، رجل الدين الكاثوليكي الألماني، الذي هزَّ الكنيسة بروما، وفتح أبواب العقل الأوروبي نحو عهد النهوض بقوة العقل، لاحقته الكنيسة، ولو لم يجد الحماية من قوة سلطة مدنية، لكان مصيره لا يختلف عما لاقاه جوردانو برونو.
الفلسفة كانت هي الآلة الضخمة ـ الكاتربيلر ـ التي جرفت الألغام التي زرعها الظلاميون في طريق العقل، لتنطلق قوات العقل الضاربة، وتصنع عصراً جديداً ينتج الإنسان الجديد الحر المبدع في كل المجالات. عصور الظلام الوسطى، ليست حقبة عبرت، بل هي سديم كثيف يوجد في كل وقت، تصنعه قوى الجهل التي ترتدي حلل القداسة الكاذبة، وتدافع عن مصالحها الذاتية الدنيوية.
في أوروبا دفع المفكرون والعلماء، آلاف الضحايا، كي يحرقوا تلك الحقبة السوداء ويردموها في الحفرة التي عمّقها الدجالون لقرون بفؤوس التجهيل. البسطاء الذين استخدمهم الإقطاعيون، أدخل الدجالون في ثقوب تخلفهم، أن صكوك الغفران التي تبيعها لهم الكنيسة، هي فائض حسنات وثواب عند بعض القديسين الكبار، كان ذلك استثماراً للجهل صنع فائض قوة ومال. قام القسيس مارتن لوثر، بصرخة عقله بهدم جبال الظلام المقدس. كانت المطبعة الاختراع الأهم الذي أبدعه عقل الإنسان الحر، وكانت الفأس الأضخم الذي هوى به المفكرون والفلاسفة والعلماء على أوثان أغلقت أبواب العقل البشري طويلاً. ترجم لوثر الإنجيل إلى اللغة الألمانية، وتدفقت الكتب التنويرية، وبدأت الجولة الكبرى في الحرب على حصون الظلام. أدرك المسيطرون على منابر العقول في العالم الإسلامي مبكراً خطورة السلاح الجديد، مدافع المطبعة التي تدك كتبها حصون الجهل، فحرموها سنوات طويلة. تحجر الظلام وتشيأ البشر.
عندما غزت جيوش نابليون بونابرت مصر، دكَّت مدافعه العقول المصرية، فاستيقظت لتكتشف أنها في كهف الظلام اليابس. أهم ما أدخلته حملة نابليون إلى مصر، كان المطبعة التي تحول ما في رؤوس قوات الفكر إلى سطور تضيء، فيمشي العوام فوق ألغام الظلام بقوة تجرف ما زرعه الظلاميون باسم الموروث المقدس. عندما غادر الفرنسيون مصر، نقلوا معهم المطبعة إلى لبنان، فهم يدركون أنها قوة الضوء السحرية التي تقود إلى أبواب العلم والفكر والنهوض. لا شك أن نابليون جاء إلى مصر غازياً مستعمراً، لكنه أراد أن يؤسس لقوة جديدة حليفة له تواجه النفوذ البريطاني. في أوروبا والغرب كله، ترسخت قناعة أساسية وهي أن الإيمان الديني حقيقة مكانها القلب لا تخضع للتجريب، والحقيقة العلمية مكانها المعمل والتجربة وتحتمل الخطأ والصواب.
في منطقتنا، لا يزال (الفكر الخائف) يعيش بين ظهرانينا؛ فإما أن يصمت أو يهرب أو يستسلم. عندما انطلقت أصوات العقل في القرن التاسع عشر في المنطقة، وتحديداً في مصر، تداعت إليها سهام التخويف، وإن كانت بالكلام والحروف. لكن المواجهة اتخذت مساراً آخر في القرن العشرين. عندما نشر علي عبد الرازق كتابه «الإسلام وأصول الحكم» شُنّت عليه الحرب الفكرية المجنزرة، ودفع الثمن؛ إذ طُرد من وظيفته وجُرد من شهادته. طه حسين عندما نشر كتابه «في الشعر الجاهلي» ارتعدت فرائص سدنة معابد الجهل المرتفعة في الظلام، وتحول الكتاب إلى قضية قانونية وسياسية، واضطر للهروب خائفاً وعدل ما جاء في الكتاب، وأعطاه عنواناً آخر «في الأدب الجاهلي». محمد أحمد خلف الله، كان له نفس المصير. مسيرة الهروب الفكري الكبير، لم تتوقف وكان الناقوس الأكبر والأخطر، مصير الدكتور فرج فودة الذي قتل، وكذلك نجيب محفوظ الذي تعرض لمحاولة اغتيال.
للهروب الفكري أكثر من طريق، وهي الصمت، والتراجع عما كُتب، أو الهروب إلى خارج الوطن. تراجع طه حسين وتحول إلى مؤرخ ومفكر ديني، وكذلك عباس محمود العقاد، ومحمد عمارة.
اليوم لا تزال المعركة بين الظلام والنور مستمرة، لكن بسلاح آخر. كانت المطبعة يوماً هي المدفع الذي دكَّ حصون التخلف المظلم، اليوم وسائل التواصل الاجتماعي عبر السلاح الجديد وهو تقنية الإنترنت، التي فتحت أبواب النور للشباب. ما لم يدرك السابحون في مستنقعات الظلام، أن العصور الوسطى تحتضر في منطقتنا وتلفظ بقايا أنفاسها، وأن الفكر النير لم يعد يخاف ويهرب، بل يخوض المعركة بسلاح لا يقدرون على مواجهته، لأنه يتخندق في داخل بيوتهم، وبيد أبنائهم. الآن يبدأ هروب جثث العصور الميتة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران بين ثورة الكاسيت والإنترنت إيران بين ثورة الكاسيت والإنترنت



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:14 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
المغرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 23:21 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية
المغرب اليوم - غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية

GMT 20:01 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السوداني يصد هجوماً للدعم السريع على بابنوسة
المغرب اليوم - الجيش السوداني يصد هجوماً للدعم السريع على بابنوسة

GMT 15:44 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
المغرب اليوم - علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
المغرب اليوم - أنباء انفصال هنادي مهنا وأحمد خالد صالح تثير الجدل من جديد

GMT 15:53 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

فضيحة أخلاقية في زمن الحجر الصحي بنواحي أكادير

GMT 15:34 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

عملاق فرنسا يبدي رغبته في ضم حكيم زياش

GMT 07:22 2018 الخميس ,02 آب / أغسطس

"جاغوار" تطرح نسخة مبتدئة دافعة " two-wheel"

GMT 04:03 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

غاريدو يكشف أن الرجاء مستعد لمواجهة الوداد

GMT 16:51 2017 الإثنين ,24 إبريل / نيسان

طريقة عمل بروكلي بصوص الطماطم

GMT 05:00 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مشروب التوت بالحليب مع الشوكولاتة المبشورة

GMT 01:09 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طبيب ينجح في إزالة ورم حميد من رأس فتاة

GMT 04:40 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

موقع "أمازون" ينشئ سلة مهملات ذكية تدعى "جيني كان"

GMT 02:53 2015 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

المهاجم مراد باطنا يقترب من الانتقال إلى "انطاليا التركي"

GMT 04:17 2012 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

كوزوميل جزيرة الشعاب المرجانية ومتعة هواة الغطس

GMT 10:00 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة أمل صقر تكشف أن المجال الفني يعج بالمتحرشين

GMT 11:01 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أبرز عيوب مولودة برج العذراء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib