حاطبُ نهارٍ في الغابة الليبية
وسائل إعلام إسرائيلية تقول إن الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق صواريخ جديدة من إيران، و يُطلب من "الإسرائيليين تقليل حركتهم ودخول المناطق المحمية فور تلقي الإنذار في الدقائق المقبلة . استهداف مباشر لمقر الحكومة الاسرائيلية في تل ابيب وسقوط قتلى ، ومسيّرات إيرانية تعبر سماء لبنان باتجاه الداخل و محاولات فاشلة لإسقاطها. تم الإبلاغ عن سقوط العديد من الصواريخ الباليستية في جنوب إسرائيل، ومن المرجح أن تكون حول بئر السبع أو إيلات. شركة مصر للطيران تطلب 6 ست طائرات إضافية من طراز "إيرباص إيه 350-900" إلغاء 20 رحلة جوية من إلى جزيرة بالي الإندونيسية بعد ثوران بركان هبوط أول رحلة طيران تعيد إسرائيليين إلى بلادهم في مطار بن غوريون شركة ميتا تعبر عن قلقها من مطالبة إيران مواطنيها بالتوقف عن استخدام واتساب دونالد ترمب يلمّح إلى تمديد المهلة أمام مالك تيك توك لبيع التطبيق الصيني عائلة الرئيس الأميركي تعلن عن إطلاق "ترمب موبايل" بسعر 499 دولاراً ولا يمكن تصنيعه إلا خارج أميركا مبعوث إيران في الأمم المتحدة يتهم إسرائيل بالهجوم دون مبرر واستهداف المدنيين دون إنذار
أخر الأخبار

حاطبُ نهارٍ في الغابة الليبية

المغرب اليوم -

حاطبُ نهارٍ في الغابة الليبية

عبد الرحمن شلقم
عبد الرحمن شلقم

الأستاذ علي مصطفى المصراتي، شخصية ليبية فريدة في تكوينها وعطائها، في القول والفعل. ترعرع ودرسَ بمصر، فقد هاجرت عائلته كما فعل الكثير من الليبيين في أيام المحنة الليبية طيلة سنوات الاستعمار الفاشي الإيطالي. تخرج في دار العلوم بالقاهرة وعاد إلى طرابلس بعد هزيمة المحور ونهاية الاستعمار الإيطالي للبلاد. رافق بشير السعداوي زعيم حزب المؤتمر الوطني في حملته السياسية من أجل الاستقلال.

للمصراتي قدرة خطابية نادرة تجمع بين الفصاحة والبلاغة، وتتخلّلها الطرائف الشعبية والأدبية والتاريخية. يتجمَّع العامة من الناس في كل محفل يقف فيه خطيباً وطنياً يعبئ الجماهير من أجل الاستقلال والوحدة الليبية. علي المصراتي هو علي الوردي الليبي الذي طاف في النسيج الاجتماعي الليبي وأوقف حياته على التأليف الأدبي والتاريخي وحتى النوادر الشعبية الطريفة. مارس السياسة معارضاً في أول مجلس نواب ليبي بعد الاستقلال، وكان له فيه صوت يجلجل معارضاً لوجود القواعد الأجنبية في البلاد. اشتهر بسرعة البديهة وحضوره الطريف في ردوده. في إحدى الجلسات، قدم الأستاذ علي مصطفي المصراتي استجواباً عن انتهاك بحارة أجانب للمياه الإقليمية الليبية واصطيادهم «الإسفنج» الليبي، وقف أحد النواب مؤيداً لاستجوابه قائلاً «نعم، ما قاله النائب علي المصراتي صحيح وأنا اؤيده»، وأضاف النائب المؤيد قائلاً «صباح الأمس ذهبت مبكراً إلى أحد المقاهي وطلبتُ «السفنز»، فقيل لي لقد نفد، وبالتأكيد لقد أخذه الأجانب».


«السفنز» أكلة ليبية تقليدية يقبل عليها الليبيون في الصباح. صرخ النائب علي المصراتي «بطّلت، بطّلت سحبت استجوابي». لقد خلط النائب المؤيد بين كلمتي الإسفنج والسفنز. ألّف الأستاذعلي المصراتي عشرات الكتب في مختلف المجالات، ومن بينها كتاب عن الأمثال الشعبية الليبية. في أحد الأيام عندما كان يسير في شوارع طرابلس، قابله رجل إيطالي اسمه جوفاني، وسأله إلى أين وصلت يا أستاذ علي في كتابك عن الأمثال الشعبية؟ ردَّ عليه الأستاذ علي بالقول «وصلتُ إلى أكفر من جوفاني»، وذلك مثل شائع بين الليبيين. استوقفه ذات مرة شاب مندفع إلى دنيا الشعر الحديث، وقال له «يا أستاذي أريد أن اسمعك بعضاً من إبداعي الشعري»، وانطلق الشاب يقرأ شيئاً من شعره قال:

في الصباح أيقظتني سمكة بيضاء وهي ترفرف فوق الشجرة...

عرفتها وسألتها فقالت... الخ.

واستمر الشاب على ذاك المنوال، وعندما أنهى الشاب قصيدته، قال له المصراتي «مبروك يا ابني». فرح الشاب كثيراً، وقال مبتهجاً «هل أعجبك شعري يا أستاذي وقلت لي مبروك؟».
قال له المصراتي «لقد باركت لك بخروج هذا الشيء الذي لو بقي في بطنك لسبب لك الكثير من المغص، بل والقروح».أهدى أحدهم للمصراتي كتاباً ألّفه في الأدب، شكره وقال له «أرجوك أن تكتب لي الإهداء في أول الكتاب»، استغرب وتردد الكاتب، فقال له المصراتي «أخاف أن يطلع أحد على هذه النسخة ويعتقد أنني اشتريتها».

استعار المصراتي كتاباً نادراً من شخص، فاشترط عليه الرجل أن يعيده له بعد يومين، لكن المصراتي قام بنسخ الكتاب ولم يتمكن من إعادته في الموعد. جاءه الرجل بعد يومين وطلب منه الكتاب فسأله المصراتي «لماذا أنت مستعجل هكذا على استعادة الكتاب»، فأجاب الرجل «لقيمته». ردَّ المصراتي «هل لقيمته أم قيمته؟»، مشيراً إلى بخله. الأستاذ علي المصراتي. كان مرة يركب مع صديقه وزميله المفكر والكاتب الدكتور علي فهمي خشيم الذي كان يقود السيارة. في الاتجاه المعاكس بالطريق، قام سائق السيارة المقابلة لسيارتهما بحركات سريعة. استغرب علي المصراتي وسأل الدكتور علي خشيم «ما هذا؟» ردَّ خشيم «هذه تحية لنا»، علّق علي المصراتي ضاحكاً «هذه تحية كاريوكا»، يعني راقصة.

ألّف الأستاذ علي مصطفى المصراتي في التاريخ والأدب وحقق الكثير من الكتب، ومن أهم مؤلفاته كتابه عن الشاعر ابن حمديس الصقلي ومنحته جامعة باليرمو في صقلية بإيطاليا درجة الدكتوراه الفخرية، وكذلك كتابه عن أبي قشة فهي صحيفة كانت تنشر الكاريكاتيرات والنكت، وغاص عبرها في تاريخ الصحافة الليبية، وكتب القصة القصيرة. كانت له علاقات وطيدة بكبار الأدباء العرب وكذلك الفنانون، وتحتوى مكتبته على آلاف الأشرطة التي سجلها مع طه حسين وأم كلثوم والجواهري الذي كان يقضي معه ساعات طويلة بالفندق الكبير بطرابلس عندما أقام الجواهري شهوراً في طرابلس وغيرهم. القفشة والنكتة لا تغيب عن المصراتي أبداً، وكثيراً ما تكون لها مقاصد ودلالات. ألّف كاتب ليبي كتاباً بعنوان «في الأصل كانت الإباحة». قرأ المصراتي العنوان باللهجة المصرية فصار، في الأصل كانت القباحة، شغل منصب مدير الإذاعة الليبية، جاءه شخص يطلب عملاً بالإذاعة، سأله علي المصراتي: ماذا تعرف؟ أجاب طالب العمل «أضرب عود وأضرب قانون»، استدعى الأستاذ علي شخصاً وقال لطالب العمل بلهجته المصرية: أنا عايزك تضرب ده. بعد ثورة فبراير (شباط) جاءه أحد رجال الأخ العقيد معمر القذافي وطلب منه أن يتحدث إلى الشعب الليبي ويدعوهم إلى الهدوء بحكم مكانته الكبيرة في أوساط الليبيين، فقال له الأستاذ علي المصراتي بدهاء طبعاً «أحسن من يقوم بذلك هو مولانا الملك إدريس السنوسي - حفظه الله». استغرب محدثه واقتنع أن الأستاذ الكبير قد طاله ألزهايمر بحكم سنه.

علي المصراتي موسوعة شاملة بمعرفة تفاصيل النسيج الاجتماعي الليبي من شرقه إلى غربه إلى جنوبه، وله إلمام شامل بالتاريخ الليبي قديمه وحديثه، وكانت له لقاءات مع الملك إدريس السنوسي والأخ العقيد معمر القذافي، وكلها لا تخلو من الرأي الصريح والوقفات والقفشات التي تحمل الكثير. كان الأستاذ يفضّل السير على قدميه في شوارع طرابلس ولا يستعمل السيارة، ويتحدث باسماً مع الجميع. الميزة الكبيرة التي عرفها عنه الجميع، هي قناعته وزهده في المال. طلب الأخ العقيد معمر القذافي من الأدباء والكتاب تعبئة نماذج يكتبون به طلباتهم، منهم من طلب سيارة أو وظيفة أو مالاً، الأستاذ علي المصراتي أعاد النموذج فارغاً كما هو دون أن يكتب عليه شيئاً. سألته مرة، يا أستاذنا الكبير لما لا تكتب شيئاً بتوسع عن المجتمع الليبي بكل ما فيه كما فعل الدكتور علي الوردي في العراق؟ ردَّ على طريقته ضاحكاً «لا أريد أن أكون حاطب ليل في الغابة الليبية». كان ذلك في سنوات طويلة خلت. الآن أتذكر دائماً قولته تلك. لكنه في الواقع كان حاطب نهار في الغابة الليبية بمنجله الخاص وهو القلم. أطال الله في عمر المناضل الوطني الكبير والمثقف الشامل الأستاذ علي مصطفي المصراتي.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حاطبُ نهارٍ في الغابة الليبية حاطبُ نهارٍ في الغابة الليبية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib