صدى الزمان المائي
استقالة مدير عام بي بي سي ورئيسة الأخبار بعد جدل حول تغطية خطاب ترمب قصف إسرائيلي يستهدف سيارة جنوب لبنان وارتفاع حصيلة الشهداء في غارات متواصلة على النبطية والمناطق الحدودية حماس تندد بجولة رئيس الاحتلال الإسرائيلي في إفريقيا وتدعو الدول لرفض التطبيع وقطع العلاقات اسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتراخي وواشنطن تضغط لقطع تمويل ايران عن حزب الله سحب دفعات من حليب رضع في أميركا بعد تسجيل 13 حالة تسمم والتحقيقات مستمرة لمعرفة مصدر التلوث غزه تواصل النزيف حصيله الشهداء ترتفع الى 69 الفاً والاصابات تتجاوز 170 الف منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في 7 اكتوبر وزارة الداخلية السعودية تنفذ حكم القتل تعزيراً بحق مواطنين لانضمامهما إلى تنظيم إرهابي يستهدف أمن المملكة غرق قارب قبالة الحدود الماليزية التايلاندية ومفقودون يقاربون 290 شخص ستة قتلى ومئات المصابين بإعصار شديد في ولاية بارانا البرازيلية سوء الطقس في الكويت يجبر تسع طائرات على الهبوط الاضطراري في مطار البصرة الدولي
أخر الأخبار

صدى الزمان المائي

المغرب اليوم -

صدى الزمان المائي

عبد الرحمن شلقم
بقلم - عبد الرحمن شلقم

سنة 1982 كنت وزيراً للإعلام في ليبيا. زارنا الإذاعي المعروف في «صوت العرب» في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، أحمد سعيد. أقام عدة أيام في طرابلس وقدم مشروعاً لإطلاق إذاعة عربية تكون صوتاً عربياً للتنمية والتطور العلمي والثقافي والاقتصادي وتتواصل مع العلماء والخبراء العرب بالخارج. تحدثنا طويلاً عن المستقبل العربي والأوضاع الدولية. لم يغب الماضي العربي بكل جوانبه بما فيه من الإنجازات والانكسارات، وبالطبع كانت مسيرته في إذاعة «صوت العرب» حاضرة دائماً. أحداث حرب سنة 1967 والهزيمة الكارثة التي حلت بمصر والأمة العربية، وكذلك الوحدة المصرية - السورية التي انتهت بالانفصال، وأحداث العراق واليمن، والثورة الجزائرية، والعلاقات المصرية - السوفياتية وبناء السد العالي، وغيرها من الأمور التي شهدتها المنطقة العربية في تلك الحقبة من الزمن. كان إيمانه بالرئيس جمال عبد الناصر وزعامته ودوره الوطني والقومي حياً بل مشتعلاً عندما يتحدث عن مجمل تلك المرحلة، لكنه عندما يقف عند نكسة يونيو (حزيران)، تسري في روحه وصوته رعشة تهزُّ أنفاسه وينخفض صوته. كنتُ متشوقاً بقوة لمعرفة تفاصيل ما حدث في الأيام التي سبقت الحرب بعد قرار مصر إغلاق مضائق تيران، والمؤتمر الصحافي العالمي الذي عقده الرئيس عبد الناصر وأعلن فيه استعداد مصر للحرب مع إسرائيل وبداية التصعيد العسكري من الطرفين المصري والإسرائيلي، وموقف كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، ويوثانت، الأمين العام للأمم المتحدة.
دار الحديث مطولاً حول الأيام التي سبقت يوم الخامس من يونيو وحملة تعبئة الرأي العام العربي بل والعالمي للمعركة الفاصلة القادمة مع العدو الإسرائيلي والنصر المؤكد الذي كان أحمد سعيد هو الصوت المجلجل الذي يلهج به نهاراً وليلاً. قال أحمد سعيد إنه كان واثقاً إلى أبعد الحدود بحتمية النصر ولم يدُر بخلده شك في أن الجيش المصري يمتلك القدرة الضاربة التي ستحقق النصر في أيام قليلة ويتم تحرير فلسطين بقوة التحالف المصري - السوري والأردني وبدعم كل العرب. بدأت المعركة صباح يوم الخامس من يونيو، وبدأت البلاغات العسكرية تصل إليه من القيادة العسكرية المصرية التي تؤكد تقدم القوات المصرية السريع داخل أرض فلسطين، وإسقاط العشرات من الطائرات الإسرائيلية. يستمر الإذاعي التاريخي أحمد سعيد في سرد ما كان في ذلك الصباح، حيث كان الجميع في إذاعة «صوت العرب» يغمرهم فرح جعل من تلك الساعات عيداً لا يمكن وصفه. الجميع مبتهج وينتظر البلاغ التاريخي الأعظم الذي سيذاع من داخل تل أبيب. الساعة الحادية عشرة وخمس وخمسين دقيقة، علم من أحد الضباط المصريين وبصورة شخصية وسرّية أن سلاح الطيران المصري قد جرى تدميره والقوات الإسرائيلية تتقدم في سيناء من دون مقاومة وأن الجيش المصري ينسحب نحو قناة السويس. استعمل أحمد سعيد كلمة «يهرول» وليس كلمة «ينسحب» نقلاً عن الضابط الذي اتصل به وأخبره بحقيقة ما يحدث. سرد الإذاعي الناصري الساعات بين برزخ الحلم المدرّع والانكسار الرمادي الذي ابتلع فيه الموت ألسنة الحياة الصوتية. قال: «كنت أريد أن أصرخ وأبكي، لكنّ الهزيمة سَرَت في كل شيء؛ الأجساد والأصوات». ويستمر: «اتصلنا بالقيادة وسألناها: ماذا نقول؟ كان الرد: استمروا في التعبئة كما كنتم. وذلك ما فعلناه. برروا قولهم بالحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية». سألت السيد أحمد سعيد: بعد أن أيقنتم بالانسحاب الكبير من الجبهة وحلول الهزيمة ماذا فعلت؟ قال: «حاولت الهرولة الصغيرة إلى الإحباط الذي زعزع ذاتي الحزينة بعد أن أدركت أن الانسحاب الكبير قد وقع». الاستمرار في القول للجماهير المصرية والعربية إن النصر قريب رغم معرفته أن الهزيمة قد حلّت.
اليوم نرى أكثر من هروب صغير، بل أصغر من صغير، على وسائل الإعلام العربية المختلفة. هناك من يصرخ على الصفحات المكتوبة، أو على فضاء تلفزيوني ويكرر بلا توقف أن ما يحدث من حرب في أوكرانيا هو بداية الطريق لتحرير فلسطين وهزيمة حلف الناتو، وأن الولايات المتحدة سوف تتفكك قريباً، وسيسود النفود الروسي في العالم وتصبح إيران القوة الضاربة في الدنيا. الرديف السحري لهذا الصراخ هو الشيخ المعمم الذي يفكك أرقام القرآن ويبشّر المؤمنين بأن فلسطين ستتحرر هذا العام، ويطوف في المصحف الشريف، يجمع آيات ويُخصعها للضرب والتقسيم والجمع والطرح ويُسقطها على أرقام السنوات الميلادية، ويستحضر نبوءة عجوز إسرائيلية تعزز ما ذهب إليه هذا الشيخ.
الغريب، وأكرر الغريب، أن الملايين يتدافعون إلى الهروب في فجاج الأوهام التي ينفث رذاذها في أصوات أبدعت تقنية صناعة قوارب الوهم التي تحمل الهاربين الصغار إلى بحيرات التيه الآسن، فينداح الآتي في مستنقعات ماضٍ هرب إلى سرداب التخلف والجهل المقدس الذي يلتفّ على عنق الفعل والعقل.
أحمد سعيد الذي صرخ من استوديوهات «صوت العرب»: «لقد سقط جبل المكبر يا أبناء اليهودية»، كان نصيبه من الجبل حجارة الحسرة والحزن الصاعق. وصلاح جاهين الذي سال حبر شِعره على إيقاع سحابات تعبر سماء الكلام المُغنَّى وقال: «ملايين الشعب تدق الكعب تقول كلنا جاهزين، وقول ما بدالك إحنا رجالك ودراعك اليمين» كان نصيبه الكآبة والحزن الخانق. وكمال الطويل الذي نمنم رقصة أغاني الحلم بموسيقى كانت تحدو الوهم الكبير وصدح بها عبد الحليم حافظ، لا أعلم ماذا كان نصيبه. في إسرائيل شُكلت «لجنة أغرانات» للتحقيق فيما حدث في معركة أكتوبر (تشرين الأول) التي حققت مصر فيها نصراً على الجيش الإسرائيلي، ولكن لم يتم تحقيقٌ في مصر عمّا حدث في هزيمة يونيو وبشكل موضوعي وجاد، ولكن في عالم الهروب نحو الوهم الكبير والصغير لا أحد يسأل، وفي كل موسم يعود صوت أكثر من أحمد سعيد، ولكن للأسف بتقنية مرئية يرتفع فيها الصوت من بعيد أو قريب تجعل من اللوحات المرئية سوقاً فسيحة للعبث الرخيص.
العقول التي يرافقها غبار الثمن يبيع لها أكياساً يملؤها رماد الهروب إلى زمن مات وليست فيه سوى بقايا أصوات لها حشرجة في حلق لا شيء فيه سوى خبطات وهم يقاوم الهروب من دون أن يدري أنه هارب إلى جوف تيبّست فيه أنفاس الحياة وصارت الآذان غضروفاً يغطيه صدى زمن الرماد الذي تيبّس في حناجر لا توقظها نواقيس الحراك الإنساني الذي يعانق الحقائق ويزفها إلى الناس، لأنها رافعة النهضة والأضواء التي تنير السبل نحو الانتصارات في السلم والبناء وفي ساحة المواجهات.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صدى الزمان المائي صدى الزمان المائي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:14 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
المغرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 20:01 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش السوداني يصد هجوماً للدعم السريع على بابنوسة
المغرب اليوم - الجيش السوداني يصد هجوماً للدعم السريع على بابنوسة

GMT 15:44 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي
المغرب اليوم - علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي

GMT 19:34 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته
المغرب اليوم - نقيب الموسيقيين يطمئن جمهور محمد منير على صحته

GMT 15:53 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

فضيحة أخلاقية في زمن الحجر الصحي بنواحي أكادير

GMT 15:34 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

عملاق فرنسا يبدي رغبته في ضم حكيم زياش

GMT 07:22 2018 الخميس ,02 آب / أغسطس

"جاغوار" تطرح نسخة مبتدئة دافعة " two-wheel"

GMT 04:03 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

غاريدو يكشف أن الرجاء مستعد لمواجهة الوداد

GMT 16:51 2017 الإثنين ,24 إبريل / نيسان

طريقة عمل بروكلي بصوص الطماطم

GMT 05:00 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مشروب التوت بالحليب مع الشوكولاتة المبشورة

GMT 01:09 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طبيب ينجح في إزالة ورم حميد من رأس فتاة

GMT 04:40 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

موقع "أمازون" ينشئ سلة مهملات ذكية تدعى "جيني كان"

GMT 02:53 2015 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

المهاجم مراد باطنا يقترب من الانتقال إلى "انطاليا التركي"

GMT 04:17 2012 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

كوزوميل جزيرة الشعاب المرجانية ومتعة هواة الغطس

GMT 10:00 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة أمل صقر تكشف أن المجال الفني يعج بالمتحرشين

GMT 11:01 2024 الثلاثاء ,27 شباط / فبراير

أبرز عيوب مولودة برج العذراء
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib