خرافة أفضل قصيدة

خرافة أفضل قصيدة

المغرب اليوم -

خرافة أفضل قصيدة

خالد منتصر
بقلم - خالد منتصر

فوجئنا منذ أيام باحتفاء المواقع والصحف العربية بما يسمى أفضل عشرين قصيدة فى الشعر العربى الحديث، احتفال كبير على مستوى الإعلام والسوشيال ميديا بتلك القصائد، أجريت المسابقة فى فضائية العربى ٢، فى برنامج «عشرون»، وقد حصل على الترتيب الأول الشاعر العراقى «بدر شاكر السياب» وقصيدته «أنشودة المطر»، وكانت القصيدة رقم ٢٠ هى قصيدة بلقيس للشاعر نزار قبانى، لكن ما بين الشاعرين والقصيدتين كانت لى عدة ملاحظات منهجية على تلك الاختيارات، هى كلها قصائد جميلة وتستحق الاحتفاء

لكن حكاية الأفضل وأفعل التفضيل فى الشعر، خاصة عندما يكون الاختيار على امتداد حوالى قرن، هناك صعوبة بل شبه استحالة أن تستطيع لجنة تقييم هذا الزخم الشعرى وترتيب القصائد والشعراء بهذه الطريقة التى أراها متعسفة، بداية اندهشت لعدم وجود شاعر كبير ومؤسس حقيقى ورائد لا يمكن إغفاله أو تجاهله عندما يذكر الشعر الحديث، وهو الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى، كيف يتم اختيار عشرين قصيدة من الشعر الحديث بدون قصيدة لأحمد عبد المعطى حجازى، المجدد الذى خاض معارك طاحنة مع العقاد وغيره ممن كانوا لا يعترفون بتلك النوعية من الشعر، لدرجة أن العقاد أحالها إلى لجنة النثر، وهدد بالاستقالة إذا تم الاعتراف بهذا العبث كما سماه، وتصدى حجازى ابن العشرين ربيعاً حينذاك لهذا العملاق، وحرك المياه الراكدة، حتى أصبح هذا الشعر معترفاً به، بل فى مكانة رفيعة ويتم تكريم كتابه على أعلى المستويات، وبكل ثقة أقول لأعضاء تلك اللجنة الموقرة إن قصيدة «مرثية لاعب سيرك» هى تحفة فنية شعرية تصل بجمالها وفلسفتها ولغتها إلى مصاف القصائد العالمية وليست العربية فحسب، وتنافس فى سحرها وفى رأيى تتفوق على «أنشودة المطر» مع حبى للقصيدة وللسياب، ومثلها مرثية للعمر الجميل، مصدر دهشتى أن مؤرخى حركة الشعر الحديث دائماً ما يذكرون أربعة شعراء، يشيرون إليهم ويعتبرونهم رواد الشعر الحديث، السياب ونازك الملائكة من العراق، وصلاح عبدالصبور وحجازى من مصر، الغريب أن عبد الصبور ونازك والسياب تم اختيارهم من ضمن العشرين، وطرد حجازى من جنة العشرين!!

لا أستطيع فهم السبب ولا المغزى، فالرجل فنه الشعرى ومواقفه التنويرية ومعاركه مع سلطة القمع السلفية الرجعية، أكبر من أن يزايد عليها أحد، وأعداد مجلة إبداع خير شاهد على ذلك، فقد واجه موجات رجعية حاولت اغتيال بصيص الضوء الذى كانت تمنحه المجلة لشباب المبدعين، تصدى لمن حرموا نشر اللوحات التى تمجد الجسد الإنسانى على الغلاف أو داخل المجلة، وتصدى لأولياء الأمور الذين اعترضوا على تدريس رودنسون لأبنائهم، ودخل فى معركة مع المحتسب السلفى الشيخ يوسف البدرى الذى كاد أن يصادر عفش منزله الذى قضى فيه حياته، المنزل البسيط المتواضع الذى لا يوجد فيه أسانسير!، لم يتكسب ويصبح مليونيراً من الشعر، بل خسر الكثير من المال ومن الأمان بسبب حرصه على الاستقلال الفنى والتمرد الإبداعى، اندهشت أيضاً من إقحام أحمد شوقى وسط كل تلك الأسماء مثل الماغوط ونزار وأنسى الحاج وأدونيس، هو قامة شعرية كبيرة بلا شك، لكن فى الشعر الكلاسيكى لا فى تلك النوعية من شعر التفعيلة التى لها سياقها وأوزانها وتشكيلها الخاص، وأيضاً اندهشت من تكرار اسم الشاعر محمود درويش ثلاث مرات فى القائمة بثلاث قصائد!!، هو أيضاً قامة شعرية كبيرة لكن أن تحصل قصائده الثلاث على ترتيب داخل أفضل عشرين فهذا انحياز واضح معبق برائحة الانحياز السياسى الذى أحترمه لكن بعيداً عن مجال الفن والإبداع، وكذلك لمست هذا الانحياز فى اختيار قصيدة «لا تصالح» للشاعر أمل دنقل لتحتل المرتبة الثانية، وهى قصيدة جميلة بلا شك وجماهيرية، لكن اختيارها جاء لموضوعها السياسى أكثر من بنائها الفنى، وكانت أحلام الفارس القديم لصلاح عبدالصبور والتى جاءت فى مرتبة متأخرة عنها تستحق أن تتقدم لتحل مكانها، وأخيراً نبل القضية أو الموضوع الشعرى ليس هو معيار الأفضلية أو ميزان الجمال والصدق الفنى، فكم من أشعار رديئة تحدثت عن القضية الفلسطينية، وكم من قصائد بديعة تحدثت عن إحباط محب وصدمة عاشق.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خرافة أفضل قصيدة خرافة أفضل قصيدة



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 13:31 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط
المغرب اليوم - طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 07:55 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة
المغرب اليوم - إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي
المغرب اليوم - خبراء التغذية يوصون بمشروبات طبيعية لتحسين الأداء الإدراكي

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
المغرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!

GMT 06:27 2016 الجمعة ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

باكستان تُبعد صاحبة صورة ناشيونال جيوغرافيك الشهيرة

GMT 04:19 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

"فرزاتشي Versaci" تطلق مجموعتها الساحرة لعام 2017

GMT 07:02 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

فيلم الرعب الأميركي "Happy Death Day" الأول على شباك التذاكر
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib