مومياوات الفراعنة على صفحة النهر الخالد

مومياوات الفراعنة على صفحة النهر الخالد

المغرب اليوم -

مومياوات الفراعنة على صفحة النهر الخالد

زاهي حواس
بقلم - زاهي حواس

تحدّثنا في المقال السابق عن الكشف الكبير الذي حققه عالم المصريات الفرنسي فيكتور لوريه في وادي الملوك، بالكشف عن مقبرة الملك أمنحتب الثاني «KV 35»، والعثور على تابوت الملك مغلقاً، وعليه باقة الورد التي وضعت يوم أن دفن الملك في 1401 قبل الميلاد، الأمر الذي يؤكد وجود مومياء الملك سليمة داخل التابوت، لتصبح بذلك المرة الأولى التي يتم فيها الكشف عن مومياء ملكية في مقبرتها.

وكانت المفاجأة الثانية والكبرى هي الكشف عن خبيئة للمومياوات بإحدى حجرات المقبرة، وبها تسع مومياوات ملكية، إضافة إلى ثلاث مومياوات أخرى. ومن بين هذه المومياوات: مومياء الملك تحتمس الرابع، ومومياء الملك أمنحتب الثالث، ومومياء الملك سيتي الثاني، ومومياء الملك مرنبتاح، ومومياء الملك سي بتاح، ومومياء الملك رمسيس الرابع، ومومياء الملك رمسيس الخامس، ومومياء الملك رمسيس السادس.

استمر فيكتور لوريه في أعمال التسجيل العلمي للمقبرة واللقى الأثرية التي وصل عددها إلى أكثر من 2000 قطعة أثرية، بالإضافة إلى المومياوات، وبعد الانتهاء قام لوريه بوضع المومياوات الملكية التسع التي عثر عليها بالمقبرة داخل صناديق خشبية، وبدأ الإعداد لنقلها عن طريق النهر على ظهر مركب إلى القاهرة. ولكن للأسف كان في انتظار لوريه مفاجأة غير سارة بالمرة، فقد حدث، والمركب قد وصل للتو إلى نجع حمادي بمحافظة قنا، أن وصلته برقية من فخري باشا، وزير الأشغال العامة الذي كانت تتبعه مباشرة مصلحة الآثار في ذلك الوقت، وفي البرقية أوامر صريحة بالعودة إلى الأقصر وإعادة دفن المومياوات مرة أخرى بالمقبرة! كانت تلك الأوامر رضوخاً إلى الرأي العام الشعبي الذي هيّجه وحرّكه رجال الدين وفتاواهم بضرورة إعادة دفن هذه المومياوات، وعدم إخراجها من قبورها!

كانت الصدمة عظيمة لفيكتور لوريه، وأسقط في يده أوامر فخري باشا، وكان لوريه على ثقة تامة بأن إبقاء هذه المومياوات في المقبرة سيؤدي إلى تدميرها تماماً، وربما سرقتها. لقد كان بالطبع موقفاً صعباً للغاية على المكتشف الذي اتخذ قراره بالذهاب بمفرده إلى القاهرة، محاولاً إقناع الرأي العام بوجهة نظره، إلا أن مسعاه قد فشل، والسبب في ذلك هو أن زملاءه الأثريين وعلى عكس المتوقع لم يساندوه فى رأيه فقط، بل أيّدوا وجهة نظر الشعب ورجال الدين، وعلى رأسهم فلندرز بتري وهيوارد كارتر. كان من الواضح أن هناك حقداً عميقاً وحسداً قد ملأ قلوب الأثريين ضد فيكتور لوريه واكتشافاته المذهلة! وفي النهاية دفعت هذه المشكلة لوريه إلى إعلانه الاستقالة من مصلحة الآثار المصرية، والعودة إلى فرنسا.

الغريب في الأمر أن الذي تم تكليفه بإعادة المومياوات إلى المقبرة مرة أخرى كان هيوارد كارتر -مفتش آثار وادي الملوك- الذي ما إن أتم مهمته، وأغلق المقبرة حتى فوجئ الأثريون قبل نهاية عام 1898 بأن المقبرة قد تمت سرقتها. وكان من ضمن ما سرق مومياء داخل قارب. واتُّهم في الحادث محمد عبد الرسول، الذي عرفناه من قبل في قضية خبيئة مومياوات الدير البحري، وكان سبب الاتهام هو عثور هيوارد كارتر على فردة حذاء محمد عبد الرسول داخل المقبرة!

بعد هذا الحادث اقتنع هيوارد كارتر والمعارضون السابقون بضرورة نقل المومياوات إلى القاهرة، وبعدما تم ذلك، وهو بالضبط ما كان فيكتور لوريه قد شرع في عمله ووقف ضده الجميع! تم حجز تذكرة عربة نوم درجة أولى لمومياء الملك أمنحتب الثاني - الفرعون الوحيد الذي سافر إلى القاهرة بالقطار، وليس على صفحة النهر.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مومياوات الفراعنة على صفحة النهر الخالد مومياوات الفراعنة على صفحة النهر الخالد



GMT 13:25 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

ثمانون هذه الأمم: العصابات (حلقة 3 من 5)

GMT 13:24 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

نعم شرق أوسط جديد

GMT 13:22 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

هوامش روميّة فارسية!

GMT 13:21 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

ماذا بعد وقف إطلاق النار؟

GMT 13:16 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

متى يتعلم اليمين الإسرائيلي الدرس؟

GMT 13:16 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

حكومة فى المصيف

GMT 13:14 2025 السبت ,28 حزيران / يونيو

صناعة الآلهة على الأرض

GMT 23:49 2025 الجمعة ,27 حزيران / يونيو

ثمانون هذه الأمم: مهرجان
المغرب اليوم - نجاة طاقم قناة العربية من استهداف إسرائيلي في غزة

GMT 15:42 2025 الثلاثاء ,13 أيار / مايو

الإعلان عن قميص مانشستر سيتي في الموسم المقبل

GMT 09:41 2018 الإثنين ,22 كانون الثاني / يناير

اليابان تحذر من عواصف ثلجية وشركات قطارات تلغي خدماتها

GMT 08:49 2018 الثلاثاء ,16 كانون الثاني / يناير

أليساندرو سارتوري يسرق الأنظار إلى "زينيا" بابتكاراته

GMT 03:45 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

مديرة الأزياء جين ماكفارلاند تستعرض مجموعة كافالي

GMT 01:50 2015 الجمعة ,09 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة علمية حديثة تكشف عن سر طول رقبة الزرافة

GMT 08:59 2017 الخميس ,12 تشرين الأول / أكتوبر

هجوم على اللبنانية نادين الراسي بسبب سيجارة ابنها

GMT 18:07 2015 الإثنين ,06 إبريل / نيسان

البحث عن متهم اعتدى على فلاح في مراكش

GMT 05:39 2017 الثلاثاء ,07 آذار/ مارس

ماذا يجري في المغرب؟

GMT 14:02 2017 الثلاثاء ,16 أيار / مايو

النحاس يعود بقوة لديكور المنازل في شهر رمضان

GMT 04:40 2015 السبت ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الصور الفوتوغرافية تساهم في تزيين غرف المنزل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib