“الوهّابيّون” في المسجد الأُمويّ مكر التّاريخ
رئيس الوزراء القطري ينجح في الحصزل على مواقفة إيران على وقف الحرب مع إسرائيل الدفاعات الجوية الإيرانية تسقطت طائرة إسرائيلية مسيّرة من طراز "هيرمز" أثناء تحليقها في أجواء العاصمة طهران مسؤول عسكري أميركي لـ"الجزيرة": لا نستبعد هجمات إيرانية إضافية على قواعدنا؛ لأننا هاجمنا 3 من منشآتهم ولم يهاجموا سوى قاعدة واحدة لنا حتى الآن البحرين تفتح مجالها الجوي مؤقتاً كإجراء احترازي تصعيد إقليمي خطير وقصف إيراني يستهدف قاعدة العديد بحضور قائد "سنتكوم" وتحركات عسكرية في سوريا وإسرائيل تهاجم طهران إيران تؤكد أن الهجوم على قاعدة العديد في قطر هو رد يأتي في إطار الرد بالمثل وبما يتوافق مع القوانين الدولية وحق الدفاع المشرو الجيش الإسرائيلي يستكمل موجة من الغارات في غرب إيران استهدفت مواقع لتخزين صواريخ ومسيّرات قطر تدين استهداف قاعدة العديد وتؤكد التصدي للصواريخ الإيرانية بنجاح سقوط طائرة مسيرة من نوع "شاهد 101" في عمان يُسبب أضرارًا مادية وسط إجراءات أمنية مشددة إيران تعلن أن عدد الصواريخ التي أطلقتها على قطر كان مساويًا لعدد القنابل التي استخدمتها الولايات المتحدة في المواقع النووية
أخر الأخبار

“الوهّابيّون” في المسجد الأُمويّ.. مكر التّاريخ

المغرب اليوم -

“الوهّابيّون” في المسجد الأُمويّ مكر التّاريخ

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

فرضت نفسها صورة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وهو يؤمّ المصلّين في المسجد الأموي بدمشق، كلحظةٍ تتجاوز البروتوكول، وتلامس عمق التحوّلات التي تعيشها المنطقة.

لم تكن الصلاة أداء شعيرة وحسب، بل تجسيدٌ مكثّفٌ لعودة سرديّة عربية جديدة إلى قلب الشام، بعدما حاولت، ولا تزال، عواصم إقليمية، كطهران وأنقرة، مصادرة رموزها وتغيير هويّتها.

إبّان حكم نظام بشّار الأسد وفي ذروة السطو الإيراني على سوريا، حاولت الميليشيات الموالية لإيران تلوين المسجد الأمويّ، رمز الخلافة الأمويّة والهويّة السنّية العربية، بطابع مذهبي يستعيد الصراع بين الخليفة معاوية بن أبي سفيان والإمام عليّ بن أبي طالب، ولاحقاً بين نجلَيهما، يزيد بن معاوية والحسين بن عليّ، على الرغم من أنّ المسجد الأمويّ بُني بشكله الضخم والمعروف اليوم، على أساسات وهيكل كاتدرائية يوحنّا المعمدان البيزنطيّة، في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبدالملك بن مروان (705-715م)، أي بعد وفاة معاوية بأكثر من 30 عاماً.

مع ذلك لم تتورّع الميليشيات الشيعية، وعلى رأسها “الحزب”، عن إحياء طقوس عاشوراء، في حرم المسجد الأمويّ، كنايةً عن نفوذ “الهلال الشيعي” والتبجّح الإيراني بشأن احتلال أربع عواصم عربية هي دمشق، بغداد، بيروت وصنعاء.
فرضت نفسها صورة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان وهو يؤمّ المصلّين في المسجد الأموي بدمشق، كلحظةٍ تتجاوز البروتوكول

مفارقات مذهلة

شكّلت دمشق في الوعي الإمبراطوري لإيران الخمينيّة حلقة وصل حيويّة، بين طهران و”الحزب”، بينما وفّرت شواطئ المتوسّط، عبر موانئ مثل بيروت واللاذقية وطرطوس، منفذاً بحريّاً لنقل الأسلحة وتسهيل مشروع الفوضى الإيراني، مدعوماً بقواعد عسكرية وهجرة شيعية لتغيير ديمغرافية المنطقة، لا سيما دمشق، بعد بيروت!

على الضفّة الأخرى، وبعد سقوط نظام الأسد وقبله، كان وعد صلاة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في المسجد الأمويّ، يتكرّر مختصِراً أبعاداً جيوستراتيجيّة، تاريخية وميدانية متشابكة. فهذا وعد ينسلّ من طموح تركيا لتقليص النفوذ الإيراني في سوريا، وتعزيز الدور الإقليمي لأنقرة، القوّة السنّية القياديّة في المشرق، المؤهّلة للموازنة بين روسيا والغرب. وتحاكي هذه الرمزيّة الإرث العثماني، الذي لطالما استلهمه إردوغان لصياغة مشروعه الإقليمي، بوصف دمشق حاضرةً من حواضر السلطنة الرائدة، وعنواناً من عناوين شرعيّتها الدينية والسياسية. وإذ ركّزت تركيا الإردوغانية دعمها على الفصائل الإسلامية المسلّحة ومتفرّعات الإخوان، من بين فصائل الثورة ضدّ نظام الأسد، استوى المسجد الأمويّ ووعد الصلاة فيه، صورة للنصر الموعود.

بيد أنّ التاريخ ماكر. لا يمنح رموزه بلا أثمان. ولا يعيد تدوير مجده دون أن يُذكّر بثقله. ربّما من المفارقات المذهلة، أنّ العثمانيين خاضوا قبل قرنين فقط من صلاة الأمير فيصل بن فرحان في المسجد الأمويّ، حرباً ضدّ الدعوة الوهّابية الصاعدة، لمنعها من الوصول إلى الشام، وأسقطوا، بدعم من نخب دينية شاميّة وأخرى مكّيّة وحجازيّة، الدولة السعودية الأولى عام 1818.

رأت السلطنة في الدعوة الوهّابية خطراً سياسيّاً بعد نجاحها في خلق كيان مركزيّ مستقلّ في نجد، وثورة لاهوتيّة جذريّة، تُعيد تعريف الإسلام خارج الإطار العثماني التقليدي، على نحو يهدّد نظام السلطنة برمّته: من شرعيّة الخلافة، إلى سلطان الطرق الصوفيّة، إلى هيبة المذاهب الأربعة التي كانت عماد السلطة الروحيّة في إسطنبول.
لم تكن الصلاة أداء شعيرة وحسب، بل تجسيدٌ مكثّفٌ لعودة سرديّة عربية جديدة إلى قلب الشام، بعدما حاولت، ولا تزال، عواصم إقليمية، كطهران وأنقرة، مصادرة رموزها وتغيير هويّتها

رؤية عربيّة ناضجة

تفارق إمامة بن فرحان للصلاة في المسجد الأمويّ هذه السياقات العقائدية المدفوعة بحنين لاستعادة الهيمنة، وتفرض نفسها جزءاً من سرديّة سعوديّة جديدة تمزج بين الانفتاح والهويّة، بين التراث والمستقبل، وتطمح إلى قيادة عربيّة عقلانية لا مذهبيّة، حديثة لا فوضويّة.

لا يغيب عن الوعي السعودي أنّ الدولة الأمويّة نفسها، على الرغم من كونها مشروعاً حداثيّاً منفتحاً ومتسامحاً مع تنوّع مجتمع الإمبراطورية ومهووساً بفكرة العمران، قصفت جيوشها مكّة مرّتين بالمنجنيق، خلال عهدَي يزيد بن معاوية (683م)، وعبدالملك بن مروان (692م) لإخماد تمرّد عبدالله بن الزبير الذي أعلن نفسه خليفة في الحجاز.

وعليه، لا تستدعي السعودية، بقيادة وليّ العهد الأمير محمد بن سلمان، الأمويّين بدافع حنين عشوائيّ، بل بوصفهم نموذجاً لدولة إسلامية قويّة ومنظّمة، أسّست نظماً متقدّمة في البريد والعملة والإدارة. فرؤية 2030 ليست خطّة تنمية وحسب، بل سرديّة حضاريّة تعيد تعريف العلاقة بين الدين والدولة، وبين التاريخ والجغرافيا، وبين الطقوس والحداثة.

تستلهم السعوديّة الجديدة إرث الأمويّين في التحديث لا في القمع، في المركزيّة لا في الهيمنة، في الطموح لا في العسف. ولهذا، إمامة الأمير فيصل ليست مشهداً روحيّاً وحسب، بل بناء سرديّ جديد: نحن ورثة العمارة الأمويّة، لا منجنيقها. نحن حماة مكّة، لا محاصروها. نحن أبناء الإسلام المنتج، لا الإسلام الميليشياويّ أو المذهبيّ.

صلاة الأمير فيصل بن فرحان تُغلق قوساً بدأ يوم حاولت ميليشيات طهران ليّ عنق التاريخ والمستقبل، وتفتح قوساً آخر، لدولة عربية حديثة وإسلام متسامح، حداثيّ، لا يُجعل منه منصّةً للهيمنة، بل إطار للاستقرار والسكينة في الدين والمجتمع والدولة.

دمشق التي كانت قِبلة الأمويّين، تعود اليوم لتكون مرآة لرؤية عربية أكثر نضجاً: دولة تحترم رموزها، دون أن تتورّط في تقديسها. تستدعي التاريخ، لكنّها لا تُقيم فيه. ولهذا قد تكون الصورة أهمّ من الحدث نفسه، لأنّها تلخّص سؤال اللحظة: أيّ إسلام نريد؟ وأيّ شام نستعيد؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

“الوهّابيّون” في المسجد الأُمويّ مكر التّاريخ “الوهّابيّون” في المسجد الأُمويّ مكر التّاريخ



GMT 01:28 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

كلمات «جعلوكة»

GMT 01:27 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

إغلاق هرمز أخطرُ على العراق والصّين

GMT 01:26 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

أمن الخليج خط أحمر

GMT 01:25 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

التدخل الأميركي: نظام أمني جديد أم مزيد من الفوضى؟

GMT 01:23 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

المواجهة... أسئلة تبحث عن إجابات!

GMT 00:58 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

العروبة الجديدة مجددًا!

GMT 00:57 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

البابا يلتقي آل باتشينو!!

GMT 00:56 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

إغماءات الثانوية العامة

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 23:48 2025 الإثنين ,23 حزيران / يونيو

علماء يكتشفون فئة دم فريدة من نوعها في العالم
المغرب اليوم - علماء يكتشفون فئة دم فريدة من نوعها في العالم

GMT 21:44 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك تغييرات في حياتك خلال هذا الشهر

GMT 08:54 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

مايك شوماخر يشكل فريقا مع فيتيل في "سباق الأبطال"

GMT 05:25 2016 الخميس ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

معارض ماركس آند سبنسر تطرح تشكيلات رائعة وبأسعار جيدة

GMT 13:33 2020 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على أهمية تغيير زيت فرامل السيارة وخطورة تجاهله

GMT 03:21 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكويتية إلهام الفضالة تروي تفاصيل الحالة الصحية لزوجها

GMT 23:05 2019 الأربعاء ,02 كانون الثاني / يناير

الاتّحاد السعودي يمنح حمد الله مكافأة بقيمة 50 ألف دولار

GMT 00:49 2015 السبت ,03 تشرين الأول / أكتوبر

"هيونداي" تطرح سيارتها الجديدة "توسان" في الأسواق

GMT 01:36 2016 السبت ,08 تشرين الأول / أكتوبر

كيف تصبحين جميلة بدون مكياج

GMT 23:13 2024 الجمعة ,13 كانون الأول / ديسمبر

أنجي بوستيكوغلو يُعلن أن توتنهام بحاجة للاعبين ملتزمين

GMT 03:55 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فولكسفاغن تعلن موعد طرح طراز جديد من السيارات الكهربائية

GMT 02:10 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

طيران الإمارات" تسعى إلى جمع أكبر عدد من الجنسيات "
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib