من اتفاق القاهرة إلى خطاب القاهرة
التقييم الاستخباراتي الأولي يشير إلى أن الضربات على إيران لم تدمّر المواقع النووية وزير الصحة الإيراني يعلن ارتفاع حصيلة ضحايا القصف الإسرائيلي إلى 606 قتلى معظمهم من المدنيين منذ بدء الهجمات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يدعو العالم للعودة إلى الدبلوماسية واعتماد لغة الحوار بدل الحلول العسكرية لمنع الانزلاق نحو الفوضى الرئيس الإيراني يُعلن انتهاء الحرب بعد اثني عشر يوما ويؤكد أن العدو الصهيوني تلقى ضربات موجعة وسط تعتيم إعلامي على خسائره الرئاسة الفلسطينية تُطالب بوقف إطلاق النار في قطاع غزة بالتزامن مع هدنة إيران وإسرائيل ترامب يطلب من نتانياهو الإنسحاب من قطاع غزة وجنوب لبنان ترامب يبدي عدم رضاه على إسرائيل ويقول لن تهاجم إيران مرة أخرى رئيس الوزراء القطري ينجح في الحصزل على مواقفة إيران على وقف الحرب مع إسرائيل الدفاعات الجوية الإيرانية تسقطت طائرة إسرائيلية مسيّرة من طراز "هيرمز" أثناء تحليقها في أجواء العاصمة طهران مسؤول عسكري أميركي لـ"الجزيرة": لا نستبعد هجمات إيرانية إضافية على قواعدنا؛ لأننا هاجمنا 3 من منشآتهم ولم يهاجموا سوى قاعدة واحدة لنا حتى الآن
أخر الأخبار

من اتفاق القاهرة إلى خطاب القاهرة

المغرب اليوم -

من اتفاق القاهرة إلى خطاب القاهرة

نديم قطيش
بقلم - نديم قطيش

بين القاهرة الأولى عام 1969، والقاهرة الثانية عام 2025، مسافةٌ ليست من زمنٍ فحسب، بل من لغتين، وعقلَين، وعالَمين، ورؤيتين، للبنان في ذاته، ولعلاقاته بمحيطه.

في الأولى، في لحظةٍ عربية غمرتها آيديولوجيا الكفاح المسلح، والانفعال الثوري، وارتباك الدولة وهشاشة مفهومها، دخل لبنانُ بوابةً عريضةً من التسويات القاتلة مع السلاح غير الشرعي، التي افتتحها «اتفاق القاهرة». وفي الثانية، عبر خطابٍ رفيعٍ لرئيس الجمهورية اللبنانية، جوزيف عون، إعلانٌ صريحٌ بأن زمن هذا السلاح انتهى، وأن ذريعة ما تسمى المقاومة سُحب عصبها.

انبثق اتفاق القاهرة 1969 الموقَّع بين الدولة اللبنانية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، بوصفه منتجاً من منتجات الهزيمة العربية الكبرى عام 1967. لم تسقط يومها الجيوش العربية المقاتلة فحسب، بل انكسرت معها شرعية النظام العربي الثوري بأكمله، وانهارت معه منظومة الزعامة الناصرية التي ظلت لعقدين تقريباً تدير شؤون «الأمة» عبر توظيف «القضية الفلسطينية».

لم تكن علاقة جمال عبد الناصر بفلسطين، قبل هزيمة يونيو (حزيران) 1967، علاقة آيديولوجية أو عاطفية خالصة، بل علاقة محكومة بحسابات القوة وتوازناتها. استُخدمت فلسطين رافعةً تعبويةً، لا بوصفها «قضية تحرير» فحسب، بل بوصفها ممراً نحو بناء زعامته العربية وأداةً لصياغة المنطقة العربية صياغة ثورية. بعد العدوان الثلاثي عام 1956، حين ضربت إسرائيل مصر بالشراكة مع بريطانيا وفرنسا، وسَّع عبد الناصر دور فلسطين أداةً مباشرةً، لا في مواجهة إسرائيل وحدها، بل في مواجهة «الإمبريالية الغربية» ونفوذها المتمثّل في الدولة العبرية. منذ ذلك الوقت، تداخلت القضية الفلسطينية مع مشروع عبد الناصر الأكبر، وأضحت جزءاً من حربه على «المؤامرة الغربية»، وأداة تُدار بها الصراعات على الزعامة العربية، والنزاعات على مصادر الشرعية السياسية بين الأنظمة.

وعليه لم يسلِّم عبد الناصر ياسر عرفات عام 1969 مجرّد «ترخيصٍ» للعمل المُسلّح ضد إسرائيل انطلاقاً من جنوب لبنان، بل كان في الجوهر يسعى إلى أن يجعل من البندقية الفدائية مصدراً جديداً لشرعيته المتداعية.

من سوء حظ لبنان أنَّ عبد الناصر سيُتوفَّى بعد أشهر من الاتفاق-اللعنة، وستدخل «الوكالة» السياسية والأمنية، الممنوحة لعرفات في صلب النزاع العربي - العربي على وراثة «الفراغ الناصري».

حروب كثيرة دارت على أنقاض الزعامة الناصرية المُفتَّتة، حولت شوارع بيروت وميادينها، وأحياءها وأزقّتها، إلى مسرح لقتال بين «قضيةٍ» أعلنتها الأمة «مقدَّسة»، وسلطات عربية تقاتلت على تلك «القداسة» الزائفة، في محاولة لحسم اتجاهات الزعامة العربية بعد عبد الناصر. وصار تدمير بيروت، جزءاً من «طقوس إنتاج الزعامات القوميّة» العربية، والإيرانية لاحقاً، باسم نُصرة فلسطين.

في القاهرة الثانية، عام 2025، أعاد رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون ترتيب معاني الوطن والسيادة. قال إنّه تعلّم من لبنان، بعد عقود من الجراح، أنّ السيادة لا تُجزّأ، وأنَّ الحق لا يكون بالسلاح الفوضويّ. قال بوضوح: «حين تُحتلُّ بيروت، أو تُدمَّرُ دمشق، أو تُهدَّدُ عمّان، أو تسقُطُ صنعاءُ، يستحيلُ لأيٍّ كانَ أن يدّعيَ أنّ هذا لنصرة فلسطين».

لم يكن خطاب عون في القاهرة مجرد كلامٍ عابر، بل كان رداً تاريخياً تأخر أكثر من نصف قرن على اتفاق القاهرة، وتلك اللحظة التي فقد فيها لبنانُ عقله السياسيّ، وضميره الوطنيّ، وقَبِلَ بفكرة السلاح المُنفلت، وشرّع مذَّاك للفوضى مكاناً في دستوره وسياسته، متوهماً أنَّ هذه هي طريق نصرة فلسطين.

كان ببساطة شديدة خطاباً يطمح، بالحد الأدنى، إلى أن يعيد الاعتبار للعقل اللبنانيّ، ولبداهة أن السلاح خارج سلطة الدولة وتحت سلطة الميليشيات والأجندات والأهواء الخارجية، لا يحرِّر أرضاً، ولا يقيم دولةً، ولا يستعيد حقاً.

بهذه اللغة الصريحة، أقفل الرئيس جوزيف عون نهائياً عهد «اتفاق القاهرة»، الذي من نتائجه الآنيَّة، حرب الإسناد التي خاضها «حزب الله» منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأدّت إلى تحطيمه وتحطيم بيئته الجغرافية في الجنوب والبقاع وبعلبك.

اللغة الجديدة التي استخدمها عون، والمنتقاة بعناية صارمة، لا تقبل التأويل أو المزايدة أو التمييع. هي لغة العقل الواقعي، والسيادة الواضحة، والهوية الوطنية الصلبة التي لا تناقض فيها بين لبنانيتها وعروبتها. ما قاله عون في القاهرة 2025 ليس أقلَّ من بيان تأسيسي للبنان الجديد، الخارج من ظلمات الآيديولوجيا إلى ضوء المنطق والحقيقة والحقّ. الرفض الواضح والحازم لمنطق «المقاومة» خارج الدولة، ومنطق تحويل المدن العربية إلى وقودٍ في مشاريع إقليمية لا علاقة لفلسطين بها سوى أنها الذريعة أو الحجة أو الغطاء، هو أرفع كلام سياسي يقال من لبنان وعن لبنان منذ الاتفاق المشؤوم.

لبنان الذي انحنى طويلاً أمام السلاح غير الشرعي، يستعيد الآن قامته ويقف منتصباً، معلناً أن زمن الساحات المفتوحة انتهى، وأن السيادة، وليس السلاح، هي الطريق الوحيد إلى لبنان الحر، وحقه في إقامة وحماية دولته على أرضه، قبل أي دولة أخرى وأرض أخرى وقضية أخرى.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من اتفاق القاهرة إلى خطاب القاهرة من اتفاق القاهرة إلى خطاب القاهرة



GMT 01:28 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

كلمات «جعلوكة»

GMT 01:27 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

إغلاق هرمز أخطرُ على العراق والصّين

GMT 01:26 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

أمن الخليج خط أحمر

GMT 01:25 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

التدخل الأميركي: نظام أمني جديد أم مزيد من الفوضى؟

GMT 01:23 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

المواجهة... أسئلة تبحث عن إجابات!

GMT 00:58 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

العروبة الجديدة مجددًا!

GMT 00:57 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

البابا يلتقي آل باتشينو!!

GMT 00:56 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

إغماءات الثانوية العامة

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:51 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

منظمة التعاون الإسلامي تشيد بالملك
المغرب اليوم - منظمة التعاون الإسلامي تشيد بالملك

GMT 17:08 2025 الثلاثاء ,24 حزيران / يونيو

لقاح جديد للرضع يحمي من الفيروس المخلوي التنفسي
المغرب اليوم - لقاح جديد للرضع يحمي من الفيروس المخلوي التنفسي

GMT 20:21 2015 الإثنين ,22 حزيران / يونيو

لاعبة جمباز ماليزية تحصد لبلادها 6 ميداليات ذهبية

GMT 02:42 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف عن موافقتها دخول بناتها الفن

GMT 04:21 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الفنان طارق لطفي يكشف عن سر أدائه للبطولات المطلقة

GMT 21:25 2015 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

منال موسى بإطلالة ساحرة في مهرجان دبي السينمائي

GMT 13:21 2023 الثلاثاء ,01 آب / أغسطس

طريقة عمل الستيك

GMT 08:25 2021 الخميس ,02 كانون الأول / ديسمبر

المنتخب المغربي يفوز على فلسطين برباعية في كأس العرب

GMT 19:52 2020 الثلاثاء ,15 كانون الأول / ديسمبر

بيل غيتس يُحذّر من وباء آخر قادم في المستقبل

GMT 00:25 2020 الأربعاء ,07 تشرين الأول / أكتوبر

"تسلا" تُسجّل أرقامًا قياسية في مبيعات السيارات الكهربائية

GMT 12:01 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

عناصر جريئة في "ديكورات" الغرف

GMT 18:32 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib