زبدة الأقوال في موضوع المونديال

زبدة الأقوال في موضوع المونديال!

المغرب اليوم -

زبدة الأقوال في موضوع المونديال

حسين شبكشي
بقلم : حسين شبكشي

لا تزال بطولة كأس العالم لكرة القدم المقامة في قطر تحتل عناوين الأخبار حول العالم، ولا يزال المونديال هو القصة الأهم لدى عامة الناس. ويتابع الناس المباريات المليئة بالحماسة والإثارة والفرحة والدراما، وهي التي تشهد حضوراً جماهيرياً قياسياً فاق ما سبقها من بطولات شبيهة.
شهدت هذه البطولة توظيفاً أعمق وأهم للتقنية الحديثة في صميم مجريات اللعب، فكما سبق من قبل وقت أن تم استحداث تقنية الخط الذكي لمعرفة ما إذا كانت الكرة عبرت وتجاوزت خط المرمى أم لا، وبعدها تم استحداث تقنية حكم الفيديو المساند الذي بات يعرف مختصراً بـ«الفار» ليتم اللجوء إليه في الحالات الجدلية، في هذه البطولة تم استحداث تقنية يتم استخدام فيها ست عشرة كاميرا مخصصة، وكرة قدم مزودة بأدوات استشعار فائقة الرقة والدقة لقياس وتبيان حالات التسلل التي دوماً ما تثير الجدل والخلاف.
كما صرح المسؤولون عن إدخال هذه التقنيات الحديثة على كرة القدم من قبل الاتحاد الدولي المعروف بـ«الفيفا»، بأن الغرض من كل ذلك هو تحقيق أقصى فرص العدالة بين الفرق المشاركة والتقليل من إمكانية الظلم الناتج من القرار الخاطئ.
ولكن ما يلفت الأنظار بعيداً عن مجريات المباريات والإثارة الجماهيرية والحماسة الحاصلة حول العالم لهذه البطولة التي يتابعها أكثر من نصف سكان الكوكب هو حجم التسييس الهائل المبالغ فيه لأحداث هذه البطولة بشكل غير مسبوق؛ فهناك إبراز واضح لقضية حقوق المثليين من قبل الإعلام الغربي وبعض الفرق واللاعبين المشاركين في البطولة، وذلك بالرغم من تحذيرات «الفيفا» القديمة والمكررة بتفادي رفع أي شعارات جدلية أو سياسية والتركيز على الرياضة واللعب النظيف والاستمتاع بكرة القدم كإحدى أجمل وسائل الترفيه في العالم.
إلا أن هذا الحظر انكسر تماماً بعد اجتياح روسيا لأوكرانيا وبدأ السماح برفع الأعلام والشعارات المؤيدة والمتعاطفة مع أوكرانيا في ملاعب كرة القدم من دون ممانعة أو اعتراض من «الفيفا»، ما شجع المدافعين عن حقوق المثليين لفعل الشيء ذاته والاستغلال السياسي الأمثل لهذه المناسبة العالمية.
إذا كانت الأديان لم تفرض نفسها بالقوة على الناس، فالمؤكد أن القيم المختلف عليها لن تلقى القبول إذا تم فرضها وزجها بالقوة القانونية والإعلامية الجبرية.
إذا كان التحذير قديماً كان ينبئ بصدام الحضارات المقبل لا محالة، فإن ما يحدث اليوم هو ازدراء القيم المغايرة بصورة فجة ومقززة.
هناك حجم غير معقول ولا طبيعي ولا منطقي من التنمر والعنصرية والاستعلاء بحق الدولة المستضيفة وثقافتها، وهي طبعاً تمس محيطها العربي بشكل أعم، وبالتالي هذا يفتح كثيراً من الأسئلة المتعجبة عن الغرض من وراء إفساد هذا المحفل الرياضي العالمي الأهم بتسييس موتور لقضايا بعينها هي في الواقع في منتهى الجدلية.
الانتقائية في السماح بإثارة بعض القضايا دون غيرها في المحافل الرياضية الكبرى ستثير كثيراً من الشكوك وتفتح الباب لبحث مؤامراتي والإجابة عن السؤال البديهي عمن يقف خلف ذلك.
النبرة المتعالية الصادرة من بعض وسائل الإعلام الغربي بحق المنطقة العربية وقطر هذه الأيام، تذكر بحقبة الاستشراق التي كان يصور الغرب فيها هذه البقعة من العالم بشكل هزلي وساخر يكرس فيها صورة الشعوب الجاهلة والمتخلفة. وهذه باتت مسألة مستهجنة مع تلاشي المسافات بين الشعوب والأمم وبات السفر والتنقل متاحاً للكل، والانتشار الهائل للعلوم والمعرفة عبر الفضاء الإلكتروني أن يبقى التعامل مع الآخر المختلف بهذه الفوقية.
النخب الغربية تطرفت حتى باتت خارج السياق المقبول وفقدت قدرتها على جذب العامة إليها في منطقة وسطية كما كان يحدث في السابق.
الشرق سيبقى شرقاً والغرب سيبقى غرباً كما قيل قديماً، ولكنْ هناك نقاط كثيرة من الممكن الالتقاء والاتفاق عليها واستغلالها بشكل جميل وإيجابي، واحدة من أجملها هي بطولة كأس العالم لكرة القدم.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

زبدة الأقوال في موضوع المونديال زبدة الأقوال في موضوع المونديال



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

الأميرة رجوة تتألق بإطلالة أنيقة بالأبيض تجمع بين البساطة والرقي

عمّان -المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 23:03 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

محمد السادس يترأس مجلسًا وزاريًا بالقصر الملكي في الرباط

GMT 09:00 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

كيندال جينير تلهمكِ إطلالة مسائية جريئة

GMT 03:49 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

مسيرة سلمية للسيطرة على الاحتباس الحراري في بلجيكا

GMT 07:23 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تكدس نفايات البلاستيك في اليابان بعد حظر الصين استيرادها

GMT 07:00 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

وسائل التواصل الاجتماعي تثير الشعور بالغيرة من الآخرين

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شريفة أبو الفتوح تبيّن أن الجيلي يضر بصحة الطفل

GMT 10:17 2018 الثلاثاء ,18 أيلول / سبتمبر

" La Reserva Club " الشاطئ الخاص الوحيد في إسبانيا

GMT 00:43 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

فخر يطالب بالالتفاف حول خريبكة لتحسين نتائجه

GMT 10:21 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

أغلى الرجال فيلم جديد عن حياة الزعيم جمال عبد الناصر

GMT 10:35 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

نادال يتعرَّض لإصابة في الركبة تغيبه عن الملاعب 3 أسابيع

GMT 10:10 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

"تجرّأ" مبادرة شبابية للرقص في شوارع مدينة اللاذقية

GMT 05:56 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

فنانون يتقدمون بشكوى لحكومة العثماني ضد مخرج معروف

GMT 10:41 2012 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ديفيد يطلق مجموعة جديدة

GMT 04:50 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح أكاديمية الرجاء البيضاوي لكرة القدم آذار المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib