إسرائيل وسؤال هُوية اليهود

إسرائيل وسؤال هُوية اليهود!

المغرب اليوم -

إسرائيل وسؤال هُوية اليهود

حسين شبكشي
بقلم - حسين شبكشي

مع مشاهد المجازر اليومية المستمرة في غزة، والتي اقتربت على العامين، يعيد السؤال الأهم طرح نفسه: ما هو المشروع الصهيوني؟ وما هو تعريف اليهودي؟ وطبعاً هذا بحث يطول الخوض فيه، وهناك من المتخصصين العرب من قام بمجهودات هائلة وتستحق المتابعة لمن لديه الاهتمام بذلك الأمر، يُذكر منهم عبد الوهاب المسيري وفوزي البدوي وحسن ظاظا وفاضل الربيعي وخزعل الماجدي وليلى أبو المجد، على سبيل المثال لا الحصر. ولكن ببساطة شديدة هناك حاجة متجددة لتحليل سياسة إسرائيل من خلال تقييمها كمشروع استعماري توسعي عنصري بحت.

عندما أطلق ثيودور هيرتزل فكرة وطن لليهود لم تكن الفكرة دينية، ولكنها فكرة قومية بحتة. أطلقتها قبل ذلك بعقود من الزمن قيادات مسيحية بروتستانتية في بريطانيا لأسباب دينية واجتماعية شديدة العنصرية والتطرف. التقط هيرتزل طرف الخيط واستشعر الفرصة التاريخية لإطلاق فكرته، وقد كان. الفكرة تمركزت على معتقد واحد، وهو أن اليهود حول العالم هم قومية واحدة، وبالتالي شعب واحد تقتضي الضرورة التاريخية عودتهم إلى أرض الميعاد التي وُعدوا بها. ويكمن التحدي الأكبر لهذه الفكرة في أن «اليهود هم شعب واحد»، فكيف يمكن الاعتقاد بأن اليهود الأشكيناز القادمين من أوروبا الشرقية، بشكل أساسي من روسيا وأوكرانيا وبولندا والمجر على سبيل المثال، هم الشعب نفسه لآخرين أتوا من العراق واليمن وسوريا والمغرب ومصر وتونس يسمون بالسفارديم أو المزراحيين؟ هذا من دون إغفال الفلاشا الذين قدموا من قلب بلاد الحبشة؛ إثيوبيا الحالية. وهذه المسألة فنّدها وفتتها ودمرها تماماً الباحث والمؤرخ الإسرائيلي شلومو ساند في كتابه القيم الذي يحمل عنواناً عبقرياً ذاتي الشرح، وهو «اختراع الشعب اليهودي»، مع عدم إغفال الجهد العلمي الهائل الذي قدمه الباحث الأميركي ناثانيل جينسون في كتابه الرائع «تريسد»؛ أي تتبع، وهو يفند فيه كيف يثبت لنا علمياً عن طريق شِيفرة الهندسة الوراثية علاقة الأعراق تاريخياً، وبذلك يطرح تساؤلات في غاية الأهمية عن نقاء عرق الشعب اليهودي كما يروج له سياسياً، وأنهم جميعاً من نفس «سلالة بني إسرائيل». وهذا يرجح بالتالي ما يميل إليه عدد غير بسيط من المؤرخين أن يهود أوروبا الشرقية الأشكيناز هم في الحقيقة شعب الخازار المتحدر من قبائل من أصول تركية تحولت إلى الدين اليهودي واعتنقته منذ زمن طويل. تذكرت ذلك وأنا أقرأ تحقيقاً مثيراً قامت بنشره مؤخراً مجلة «هاربرز» الرصينة تحت عنوان غريب وهو «الصهيونية في جنوب المحيط الهادئ».

يقدم التحقيق ميلاكاي موديريلاجي البالغ من العمر 59 عاماً كزعيم صهيوني متشدد في المحيط الهادئ عموماً، وفي جزيرة فيجي تحديداً، خلال زيارته لأرض «أجداده» في إسرائيل؛ لأنه يعتقد بقناعة عميقة جداً أنه أحد المنتمين للقبائل المفقودة لبني إسرائيل. هو يعتقد تماماً أنه بحسب ما تعلم كطفل صغير أن أجداده هربوا من إسرائيل إلى النيل وصولاً إلى تنزانيا، وعبروا المحيطات في زوارق بدائية وصولاً إلى جزر المحيط الهادئ. ويزيد اقتناعاً بروايته حينما يكرر أنه تم اكتشاف عِبارات قريبة من العبرية على جدران بعض الكهوف في فيدجي، ويغمز بعينه، مضيفاً أن هناك شِيفرة سرية في اسم جزيرة فيجي نفسها بالإنجليزية (FIJI) إذا ما تم تفنيدها وفك شِفرتها، فإنها سيكون معناها: أول جزيرة إسرائيلية يهودية (First Israeli Jewish Island).

تتعدد السرديات التي تقدم من قبل من يروج للبقاء والانتصار وتبرير مجازره، ويعتمد فيها على الأكاذيب والخرافات والأساطير حتى تتحول إلى جزء أساسي لا يتجزأ من التاريخ المعتمد، وهنا مكمن الخطورة. قيل قديماً إن التاريخ يكتبه المنتصر، والآن من الممكن تعديل ذلك إلى: التاريخ يكتبه القاتل!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل وسؤال هُوية اليهود إسرائيل وسؤال هُوية اليهود



GMT 13:43 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

التعايش السلمى مع البذاءة!!

GMT 13:41 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

أين اختفت جماهير إيران العربية؟

GMT 13:36 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

سوهارتو الشرق الجديد

GMT 11:42 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

روسيا... الابن الأوروبي الضال

GMT 11:40 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

ممر زنغزور... استراتيجية القطع والوصل

GMT 11:25 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

لاريجاني باللبناني

GMT 11:24 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

«غروك» مثل غيره... يتبرمج!

GMT 11:23 2025 الجمعة ,15 آب / أغسطس

الفاشر: قصة صمود بين الحصار والجوع

النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 04:12 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث الفلكية للأبراج هذا الأسبوع

GMT 10:33 2023 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المعدل الطبيعي لفيتامين "B12" وأعراض نقصه

GMT 22:42 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق الأسهم الأميركية يغلق على انخفاض

GMT 05:44 2022 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تراجع أسعار النفط في المعاملات المبكرة الجمعة

GMT 22:31 2022 الأحد ,19 حزيران / يونيو

المغرب يتسلم 4 طائرات أباتشي متطورة

GMT 14:42 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

والد صاحبه الفيديو الإباحي يخرج عن صمته و يتحدث عن ابنته

GMT 19:31 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 08:54 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رابطة حقوقية تدين احتلال إسبانيا لأراضٍ مغربية

GMT 03:10 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن أفضل 7 أماكن في جمهورية البوسنة والهرسك

GMT 07:59 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الرئيس الأميركي يعين مارك إسبر وزيرًا للدفاع

GMT 21:53 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

استمتعي بعطلة ساحرة وممتعة على متن أفخم اليخوت في العالم

GMT 08:33 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة حالة الاقتصاد الروسي تعكس تراجع مؤشر ثقة قطاع الأعمال

GMT 01:47 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

دراسة أميركية تؤكد أن ثرثرة الأطفال دليل حبهم للقراءة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib