غزة «هيروشيما» إسرائيلية

غزة... «هيروشيما» إسرائيلية؟!

المغرب اليوم -

غزة «هيروشيما» إسرائيلية

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

تستطيع ذراع إسرائيل الطويلة عسكرياً، وآلتها الحربية بقدراتها التدميرية فوق العادية، سحق قطاع غزة كليّاً، وإن شاء الزعيم الليكودي بنيامين نتنياهو، أن يحقق للقائد العمالي، إسحاق رابين، خصمه يوم كان حياً، أمنيةً له قالها علناً، خلاصتها أن يفيق ذات يوم وقد ابتلع البحر غزة بكل شعبها، فإنَّ بوسع مَنْ نجح في تمزيق واقع إسرائيل السياسي إرباً بافتعال معركة مع القضاء الإسرائيلي، أن يحوّل غزة إلى «هيروشيما» إسرائيل، ثم يُرشَّح لنيل جائزة «نوبل للسلام»، وربما يفوز بها. ولا عجب في ذلك، ففي حالات عدة، كي نتفادى التعميم المُطلق، جرى تسييس منح الجائزة بامتياز، وعلى مرأى من العالم أجمع.
 

إنما بافتراض أن ذلك كله حصل فعلاً، رغم ما فيه من جموح التحليل الافتراضي، فإنه لن يسحق وصمة عار لحقت بأسطورة الأمن الإسرائيلي، ولن يغيّر شيئاً من تأثير الذي وقع على الأرض نهار السابع من الشهر الجاري، اليوم التالي لمرور خمسين عاماً على العبور المصري، والاقتحام السوري، الصدمة التي أذهلت يومها إسرائيل وحلفاءها أجمعين، تماماً كما كان وقْع «غزوة» حركة «حماس»، وغيرها من الفصائل، المفاجئة، يوم السبت الماضي.

تُرى، هل كل هذا الألم الواقع على الشعبيْن ضروري؟ الجواب المباشر هو: كلا، ليس ضرورياً على الإطلاق. سؤال يلد آخر: أكان ممكناً تجنيب الطرفين أذى ما مر من آلام بكليهما؟ نعم، بكل تأكيد. ذلك أيضاً جواب مباشر، بلا كثير التفاف أو دوران حول موضوع واضح المعالم كما وضوح الشمس حين تسطع منتصف النهار في كبد السماء. لكن ذلك لم يحصل منذ حروب ممالك يهودا والسامرة في إسرائيل القديمة بعضهما ضد بعض، وضد قدماء الفلسطينيين، قبل آلاف السنين، وليس منذ بدء قيام إسرائيل الدولة في معظم أجزاء أرض فلسطين الطبيعية قبل خمسة وسبعين عاماً. إنما، لعل من الأفضل تجنّب الغرق في أنفاق ماضٍ بعيد، والبقاء ضمن واقع يجري أمام الأعين حالياً، علّنا نتوصل إلى جواب مقنع عن السؤال: لماذا كل هذا الألم؟

البحث عن جواب لهذا السؤال يبدأ، تاريخياً، من التذكير بالدور البريطاني. التفتيش عن أصابع بريطانيا في مختلف مراحل الأحداث التي مرت بالمنطقة العربية، قبل نشوء إسرائيل كدولة، سوف يقود، موضوعياً، إلى توجيه إصبع اتهام يحمّل الحكومات البريطانية منذ بدايات القرن التاسع عشر، الجزء الأكبر من مسؤولية التأسيس لكل الذي حدث في فلسطين، منذ إصدار وعد بلفور في (2-11-1917)، مروراً بفتح أبواب فلسطين أمام الهجرات اليهودية، وصولاً إلى إنهاء الانتداب البريطاني في (29-4-1948) قبل أسابيع من قيام إسرائيل.

قبل إقحام لندن أنفها في الشأن الفلسطيني، كان التعايش بين أتباع مختلف الأديان في فلسطين قائماً. تحالف لندن مع آباء الحركة الصهيونية، الذين وضعوا أسس توجهاتها المستقبلية، أسهم مباشرة في بدء خلخلة أساس ذلك التعايش، وفتح المجال أمام إنشاء تنظيمات إرهاب صهيونية استهدفت حتى جنود بريطانيا ذاتها.

ضمن سياق ما سبق، يمكن القول إن تخلي بريطانيا عن أداء مسؤولياتها بصفتها سلطة احتلال في فلسطين سوف يضعها دائماً في موضع محاسبة، ويحمّلها ما تستحق من نصيب المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع لاحقاً. رُبّ قائل إن كل ذلك لم يكن ليؤثر في المسار الذي جرى منذ السبت الماضي. نعم، صحيح، لكن استحضار ما مضى في محاولة فهم الحاضر ربما يفيد أحياناً. السؤال الأهم الآن: إلى أين سيقود ذلك المسار الدموي؟ بالتأكيد إلى مزيد من الدمار. ذلك واضح ومعروف. أما المجهول فهو المُخبّأ من تفاهمات، ربما يكون الاتفاق عليها سبق «طوفان الأقصى»، الذي ابتلع «غلاف غزة»، ففاجأ الجميع.

 

المصدر :

IMLebanon

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غزة «هيروشيما» إسرائيلية غزة «هيروشيما» إسرائيلية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة
المغرب اليوم - تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة

GMT 01:12 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون وعباس يعلنان تشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطين
المغرب اليوم - ماكرون وعباس يعلنان تشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطين

GMT 02:56 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
المغرب اليوم - دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع

GMT 02:06 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع
المغرب اليوم - الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل

GMT 08:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا قدمتم لتصبحوا صحفيين وناشطين؟

GMT 00:26 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة المنشط الإذاعي نور الدين كرم إثر أزمة قلبية

GMT 02:33 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"رينود" يتسبب في تشنج الأوعية الدموية لأصابع اليدين

GMT 00:25 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

مي عمر تؤكّد أهمية تجربة عملها مع عادل إمام

GMT 09:51 2016 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

بشرى شاكر تشارك في مشروع طاقي في ابن جرير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib