هبوط اضطراري بلا شروط

هبوط اضطراري... بلا شروط

المغرب اليوم -

هبوط اضطراري بلا شروط

بكر عويضة
بقلم - بكر عويضة

تعبير «هبوط اضطراري» المنتشر عالمياً، يصف حالة الهبوط المفاجئ التي يضطر إليها الطيار حين يُفاجأ بتوقف محرك، وربما أكثر، عن العمل، أو أن أحد أجهزة الطائرة تعرَّض لخلل خطير، فيقرر «الكابتن» الهبوط على أرض أقرب مطار، وإنْ لم يتوفر النزول من الفضاء إلى البر، فلا مفرَّ من الفرار إلى سطح البحر، والنجاة بأرواح ركاب طائرٍ كان حتى قبيل لحظات من مفاجأة الخلل، يوصف بأنه «ميمون»، فإذا به، بين طرفة عين وانتباهتها، غير مأمون. أمام حدث كهذا، هل يحق لطيار يستنجد بالعاملين في أبراج المراقبة من حوله، ويلحّ في طلب السماح له بالهبوط على أول مدرج متاح، أن يبدأ في فرض شروط محددة عليهم توافق مزاج حضرته تحديداً؟

منطق العقل يفترض أن الجواب، بلا تردد، هو كلا. إذنْ، لعل من الجائز القياس على هذا المثال، والافتراض أن حال الطيار الذي اضطر إلى الهبوط الاضطراري بغرض تفادي كارثة انفجار الطائرة في الجو، ينطبق على أحوال أناس آخرين تألق كثيرون منهم، ومنهن، طوال سنوات التحليق عالياً في فضاءات نجاحاتهم، باختلاف حقولها، ثم بدأ يَلوح في الأفق أن جانباً من جوانب أدائهم، تجاوز إمكانية تجديد فترة الصلاحية بضع سنوات إضافية. هل ثمة مبالغة في القول إن طبقة السياسيين تتقدم صفوف الذين يجوز توصيف كهذا عليهم، مع عدم إغفال حقيقة أنهم ليسوا وحدهم؟ كلا، وضمن هذا السياق، ربما جائز القول أيضاً إن الرئيس الأميركي جو بايدن، يُحسن الاختيار إذا هو فضَّل قرار التنازل عن الاستمرار في معركة البقاء رئيساً، وهبط بطائرة الحزب الديمقراطي، اضطرارياً، على سطح البيت الأبيض، مقدماً مصالح حزبه على طموح تجديد ولايته أربع سنوات إضافية.

لستُ أنصح الرئيس بايدن بالانسحاب من منطلق الاعتراض على شخصه، وإنما من الواضح أن عدداً من أركان وشيوخ الديمقراطيين، أمسوا على يقين، تقريباً، أنه لن يربح السباق في مواجهة دونالد ترمب، بعدما تعثر في أدائه خلال المناظرة معه بتاريخ السابع والعشرين من يونيو (حزيران) الماضي، ثم تكررت بعد ذلك زلّات لسان للرجل، وشت بأن ثمة ارتباكاً في الأداء حالياً، يُضعف الثقة في إمكانية أداء مهمات رئيس أقوى دولة في العالم مستقبلاً. من جهته، تمسك الرجل بحق الاستمرار في خوض المعركة، وهذا حقه. إنما، أليس الواجب يدعو الرئيس جو بايدن إلى التأمل في دعوات عدد من نجوم أنصار الحزب الديمقراطي، ناهيك بكبار نوابه وشيوخه، ويُقدِم على الهبوط الاضطراري، فيرتاح من أعباء خسارة باتت شبه مؤكدة، ويريح القلقين داخل حزبه من هواجس استمراره رغماً عنهم؟

بلى، وليته يفعل، ليس فحسب لأن محاولة اغتيال دونالد ترمب الفاشلة السبت الماضي سوف تزيد أسهم احتمالات فوز الجمهوري العنيد، وإنما لأن الانسحاب سيُدخل بايدن سجلات معارك انتخابات الرئاسة الأميركية، بوصفه الرئيس السابق الفائز بجائزة التخلي عن الطموح الذاتي لصالح الحزب الديمقراطي. تماماً، كما يفعل كل طيار متمكن، عندما ينجح في هبوط اضطراري بلا أي شروط مسبقة تغامر بأرواح المسافرين.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هبوط اضطراري بلا شروط هبوط اضطراري بلا شروط



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة
المغرب اليوم - تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة

GMT 01:12 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ماكرون وعباس يعلنان تشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطين
المغرب اليوم - ماكرون وعباس يعلنان تشكيل لجنة لصياغة دستور فلسطين

GMT 02:56 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
المغرب اليوم - دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع

GMT 02:06 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع
المغرب اليوم - الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل

GMT 08:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا قدمتم لتصبحوا صحفيين وناشطين؟

GMT 00:26 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة المنشط الإذاعي نور الدين كرم إثر أزمة قلبية

GMT 02:33 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"رينود" يتسبب في تشنج الأوعية الدموية لأصابع اليدين

GMT 00:25 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

مي عمر تؤكّد أهمية تجربة عملها مع عادل إمام

GMT 09:51 2016 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

بشرى شاكر تشارك في مشروع طاقي في ابن جرير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib