معاوية من جديد

معاوية... من جديد!

المغرب اليوم -

معاوية من جديد

مشاري الذايدي
بقلم : مشاري الذايدي

رغم أنَّ تفاصيل العمل وخطوطه الدرامية ومناخه ورسائله، لم يُفصح عنها بعد، فإنَّ الهجمات اندلعت ضد صناع مسلسل «معاوية» المزمع بثّه في رمضان المقبل، وعلى المحطّة الصانعة له، محطّة «MBC».
الغريب أنه ليست هذه هي المرة الأولى التي تتعرض فيها الدراما العربية لشخصية معاوية بن أبي سفيان، مؤسس الدولة الأموية العربية، وسليل البيت القرشي الرفيع، والإنسان الذي تشكّل شخصيته محوراً من محاور التأسيس للتاريخ الإسلامي والوجدان العام للفؤاد المسلم، معه أو ضدّه أو بين بين.
ففي المسلسلات التاريخية المصرية القديمة تمّ تقديم شخصية معاوية، ومن أشهر النجوم المصريين القدامى الذين جسّدوا معاوية، الفنان المصري محمد الدفراوي، وفي العصور المـتأخرة عُرض في رمضان 2011 مسلسل بعنوان «الحسن والحسين ومعاوية»، وجسّد شخصية معاوية، الفنان السوري رشيد عسّاف... هذا غير التناول غير المباشر في مسلسلات أخرى.
فلماذا ثار بعض الناس على المسلسل الذي لم يُعرض بعد، وكأن ذلك يحدث لأول مرّة؟
مقتدى الصدر، الزعيم الشعبي الشيعي العراقي، شدّد في بيان على حسابه بـ«تويتر»، على رفضه بثّ هذا العمل؛ لأنه يرفض: «القبول بالمساواة بين علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان، أو التقريب بينهما بمسلسل». الصدر سربل هذا الطلب بأنه من باب الحرص على عدم إثارة الفتنة، وسعياً للاعتدال، حسبما يفهمه، ولذلك سارع برفض بثّ مسلسل آخر، أُعلن عنه فوراً - أشك في سرعة الإعلان هذه؛ فالمسلسل عمل شاقّ - عن شخصية أبي لؤلؤة، قاتل الخليفة الثاني عمر بن الخطّاب، حسبما أعلنت قناة «الشعائر» الشيعية.
هيئة الإعلام والاتصالات العراقية أعلنت منع بثّ المسلسلين في العراق، كما في بيان سابق. الحال، أن كل أحداث ما عُرف بـ«الفتنة الكبرى»، بعد الثورة على الخليفة الثالث عثمان بن عفّان الأموي، ثم اغتياله، وكذا الصراع بين الخليفة الرابع علي بن أبي طالب الهاشمي، ومعاوية الأموي، على دم عثمان، ثم على شرعية القيادة؛ معلومة وموضع خلاف منذ فجر التاريخ الإسلامي.
مسلسل عن معاوية أو أبي لؤلؤة لن يغيّر من وضع الفرز الطائفي، أما النخب العاقلة أو أصحاب الذهنيات المستقلة، فهم من يكسر قيود التأطير الطائفي أو العصبية الجاهلة. ويقلّب أوراق التاريخ بكل تجرّد.
بقي أمر أخير، لمَّح له مقتدى الصدر، وهو أن ذمّ معاوية ليس حكراً على الشيعة، والواقع أن معاوية في المجرى السني العام، شخصية تحظى بالتقدير، دنيوياً ودينياً أيضاً. ولا عبرة ببعض الهوامش السنّية الخاصة.
أما حديثاً، فقد التحم ذوق الإخوان المسلمين وتفرعاتهم، كما اليسار، مع الذوق الشيعي في شيطنة معاوية وكل الأمويين.
في كتابه المعروف «العدالة الاجتماعية في الإسلام»، نجد سيد قطب، وذاك قبل التحاقه حتى بجماعة الإخوان رسمياً، يقدح في عثمان، ويقول عن معاوية: «هو ابن أبي سفيان وابن هند بنت عتبة، وهو وريث قومه جميعاً وأشبه بهم في بُعد روحه عن حقيقة الإسلام، فلا يأخذ أحد الإسلام بمعاوية أو بني أمية، فهو منه ومنهم بريء».
الحقيقة أنَّ تناول شخصية معاوية مهمة أجلّ وأعمق من هجائيات بعض الشيعة أو القُطبيين، والواجب هو تناول «كل» التاريخ بعقلانية واعتدال وعلم، بعيداً عن الهيجان اللاعلمي.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معاوية من جديد معاوية من جديد



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 21:08 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الأحداث المشجعة تدفعك?إلى?الأمام?وتنسيك?الماضي

GMT 03:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نجاة ممثل كوميدي شهير من محاولة اغتيال وسط بغداد العراقية

GMT 08:02 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

آرسين فينغر الأقرب لتدريب ميلان خلفًا لغاتوزو

GMT 04:11 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

صابرين سعيدة بـ"الجماعة" وتكريمها بجائزة دير جيست

GMT 14:57 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف مدحت صالح في "بوضوح" الأربعاء

GMT 14:14 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

المدن المغربية تسجّل أعلى نسبة أمطار متساقطة خلال 24 ساعة

GMT 03:21 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

ظروف مشحونة ترافق الميزان ويشهد فترات متقلبة وضاغطة

GMT 06:15 2017 الجمعة ,24 آذار/ مارس

ورم الكتابة

GMT 12:25 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح منزلية لتنظيف وتلميع الأرضيات من بقع طلاء الجدران

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مجرد درس مغربي آخر !

GMT 01:26 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ريم مصطفى تؤكد أنها ستنتهي من "نصيبي وقسمتك" بعد أسبوع

GMT 11:30 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات شعر بها سكان الحسيمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib