الكلية الانتخابية والثقة بالديمقراطية الأميركية

الكلية الانتخابية والثقة بالديمقراطية الأميركية

المغرب اليوم -

الكلية الانتخابية والثقة بالديمقراطية الأميركية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

أحد أهم الأسئلة المتكررة غداة الانتخابات الرئاسية الأميركية: هل لا يزال نظام الكلية الانتخابية أو المجمع الانتخابي مناسباً للانتخابات الرئاسية في القرن الحادي والعشرين، وهل يمكن اعتباره نظاماً ديمقراطياً وعادلاً حقاً؟

المعروف أنه لا يتم انتخاب الرؤساء الأميركيين بالتصويت الشعبي، بل من قبل مجموعة مختارة تُعرف باسم الهيئة الانتخابية، وهو نظام تم ابتكاره في عام 1787 لجمع عدد من الولايات المتباينة، التي كان لكل منها أجندتها الخاصة.

تقوم هذه الهيئة بتخصيص عدد من المندوبين على أساس عدد أعضاء مجلس الشيوخ والنواب في كل ولاية في الكونغرس، بالإضافة إلى ثلاثة ناخبين لمقاطعة كولومبيا ليصبح المجموع 538. تمنح معظم الولايات جميع أصواتها الانتخابية للمرشح الذي يفوز بالولاية.

نشأ نظام الكلية الانتخابية نتيجة لتسوية تاريخية بين واضعي الدستور الأميركي، الذين أرادوا من المواطنين انتخاب الرئيس بشكل مباشر، وأولئك الذين يريدون من الكونغرس اختيار الرئيس التنفيذي.

هنا قرر المؤسسون إنشاء هيئة مؤقتة وسيطة بين الناخبين والمسؤولين المنتخبين لاتخاذ القرار، غير أن المؤقت بات دائماً فيما بعد.

حسب الكلية الانتخابية، فإنه يتعين على أي مرشح الفوز بأغلبية أصوات الهيئة البالغ عددها 538 صوتاً ليصبح رئيساً، وإذا لم يفز أي مرشح بالأغلبية، فإن نتيجة الانتخابات يقررها مجلس النواب الأميركي، حيث يدلي وفد كل ولاية بصوت واحد. فما الذي يعنيه ذلك النظام؟

في ظل هذا الإطار التاريخي والحالي في الداخل الأميركي، قد لا يتمكن الفائز في التصويت الشعبي من تأمين ما يكفي من أصوات المجمع الانتخابي للفوز بالرئاسة.

هل لا يزال الأميركيون راضين عن هذا النظام الانتخابي؟

في الفترة ما بين 26 أغسطس (آب) و2 سبتمبر (أيلول) المنصرمين، أجرت مؤسسة «بيو» للأبحاث في واشنطن، استطلاع رأي على عينة من 9720 أميركياً، وجاءت النتيجة كالتالي: 63 في المائة من الأميركيين يفضلون أن يكون الفائز في الانتخابات الرئاسية هو الشخص الذي يفوز بأكبر عدد من الأصوات على المستوى الوطني، فيما 35 في المائة صوّتوا لصالح الاحتفاظ بنظام الكلية الانتخابية.

هل يتمايز الجمهوريون عن الديمقراطيين في هذا السياق؟

الشاهد أنه منذ انتخابات عام 2000 أيّد ثلثا الديمقراطيين أو أكثر الانتقال إلى نظام التصويت الشعبي، فيما لا يزال الجمهوريون منقسمين إلى حد ما اليوم؛ حيث يؤيد 46 في المائة منهم الانتقال إلى نظام التصويت الشعبي.

الرفض المتصاعد للكلية الانتخابية ينطلق من شبهات تدور حول عدم ديمقراطية تمثيل المندوبين في هذا النظام، وانتفاء مقدرتهم على التعبير عن الإرادة الحقيقية للناخبين، سيما أنه يمكن للفائز أن يحصل على أصوات شعبوية أقل، وعليه فإن الإرادة الشعبية تقع تحت شمولية مندوبي الولايات.

ما الحل هنا... هل يمكن تعديل الدستور الأميركي للخلاص من راهنية الأزمة؟

في الفترة من 3 إلى 15 سبتمبر المنصرم، أجرت مؤسسة «غالوب» استطلاعاً للرأي، أظهرت نتيجته أن 58 في المائة من الأميركيين يفضلون تعديل الدستور لانتخاب الرؤساء على أساس التصويت الشعبي، بدلاً من الإبقاء على النظام الحالي، فيما 39 في المائة أبدوا دعماً لبقاء الحال على ما هو عليه.

غير أن مسألة تعديل الدستور أمر ليس هيناً، ولو كان شأناً متروكاً لأغلبية بسيطة من الأميركيين، لكان من الممكن تعديل الدستور، غير أن الدستور يعطي الناخبين في كل ولاية على وجه التحديد، مهمة انتخاب الرئيس.

من جانب آخر، تبدو إمكانية تعديل الدستور ضئيلة، نظراً للحاجة إلى دعم الأغلبية الساحقة في الكونغرس، أو البديل المتمثل في دعوة ثلثي الولايات إلى عقد مؤتمر لتغييره، وبصرف النظر عن النهج المتبع، فإن ثلاثة أرباع الولايات سوف تحتاج إلى التصديق على التعديل.

هل حاول الأميركيون تغيير الدستور بالفعل من قبل؟

في عام 1934 كاد الكونغرس يصل إلى عتبة إلغاء نظام الكلية الانتخابية، لكنه فشل في تمرير التعديل بفارق صوتين فقط في مجلس الشيوخ.

لم يتوقف الأمر عند إخفاق هذا التصويت؛ إذ استمر المشرعون في مناقشة إنهاء أو إصلاح الكلية الانتخابية مرة بعد الأخرى. وحتى الساعة، طرح أكثر من 700 اقتراح لتعديل المشهد بشكل جذري.

وكبديل للتعديل، دخلت مجموعة من الولايات في اتفاقية لمنح أصوات ولاياتها الانتخابية للفائز في التصويت الشعبي الوطني، وسوف تدخل هذه الاتفاقية حيز الوجود بمجرد أن يبلغ أصوات الولايات المشاركة في الانتخابات 270 صوتاً.

هل حان الوقت لأميركا لإلغاء الكلية الانتخابية قبل أن يؤدي فشلها الواضح إلى تقويض الثقة العامة في الديمقراطية الأميركية، وتشويه الإرادة الشعبية، وخلق أزمة دستورية حقيقية؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكلية الانتخابية والثقة بالديمقراطية الأميركية الكلية الانتخابية والثقة بالديمقراطية الأميركية



GMT 16:09 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حرب «عاجل» والغبراء

GMT 16:08 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الحرب الإسرائيلية ــ الإيرانية إلى أين؟

GMT 16:07 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

عن العقل العربي الغائب

GMT 16:06 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

ترمب... يمتطي حصان الحرب

GMT 16:05 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

المشرق العربي... البولندي

GMT 16:03 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

تأجيلُ مؤتمرِ سلامٍ مؤجَّلٍ

GMT 16:02 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

حسابات توازن القوى

GMT 16:01 2025 الأربعاء ,18 حزيران / يونيو

الإيمان والمستقبل...الدين وبناء السلام

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:27 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تتمتع بسرعة البديهة وبالقدرة على مناقشة أصعب المواضيع

GMT 02:03 2020 الأربعاء ,08 إبريل / نيسان

أجمل موديلات فساتين عروس طبقات 2020

GMT 07:33 2023 الجمعة ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يُصبح هداف مصر التاريخي في تصفيات كأس العالم

GMT 14:18 2019 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

مصر ترد على وكالة "ناسا" بشأن الإعصار المتجه نحو البلاد

GMT 13:10 2019 الأربعاء ,25 أيلول / سبتمبر

طاليب ينتقد معارضيه بعد انتصاره على الوداد

GMT 04:24 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

برنامج تجسس" يستهدف الهواتف ويسرق محتوياتها في المغرب"

GMT 19:09 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ليليان تورام يزور أكاديمية نادي الفتح الرياضي

GMT 22:36 2016 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

10 نصائح للعناية بالشعر المعالج بالكيراتين

GMT 03:53 2015 الإثنين ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

روندا روزي تتعرّض لضربة قاضية متوقعة من هولي هولم

GMT 06:38 2014 الأربعاء ,20 آب / أغسطس

توقيف نائب وكيل الملك في ابتدائية الناظور

GMT 19:25 2018 السبت ,27 كانون الثاني / يناير

نور الشريف يكشف حقيقة اشتراكه في فيلم روسي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib