«سارمات» والقرم مؤشر الساعة الرهيبة

«سارمات» والقرم... مؤشر الساعة الرهيبة

المغرب اليوم -

«سارمات» والقرم مؤشر الساعة الرهيبة

إميل أمين
بقلم : إميل أمين

هل على العالم أن يقلق بالفعل من جراء ضبط ساعة يوم القيامة عند حدود 90 ثانية، بمعدل أقل من 10 ثوانٍ من آخر مرة تم ضبطها فيها وكانت عند 100 ثانية؟    

المؤشر الجديد للساعة التي تم إنشاؤها عام 1947، بهدف قياس اقتراب العالم من الحرب النووية، الذي تقدم 10 ثوان، يعني أن هناك مخاطر حقيقية تحدق بالكرة الأرضية، لا سيما في ظل الأزمات البنيوية المتراكمة مؤخراً، في المقدمة منها المواجهات الروسية - الأوكرانية.

الذين قدر لهم الاستماع إلى نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي، والرئيس السابق للاتحاد، ديمتري ميدفيديف، عن «أبوكاليبس» جديد، واستحضاره روح الزعيم الروسي خروتشوف، وأحاديثه عن طمر الغرب تحت الأرض، يدرك أن هناك قلقاً حقيقياً يلف الجميع.

تجيء التغيرات على مؤشر ساعة يوم القيامة، بعد بضعة أسابيع من خروج فيلم «أوبنهايمر» للضوء، بما يحمله من رسائل مرعبة للبشرية، حال سخونة الرؤوس وتحول الكابوس النووي إلى واقع مرة ثانية، مع الأخذ في الاعتبار الفارق الواسع والشاسع بين قنبلة «الولد الصغير» في هيروشيما ونغازاكي، والموت الكبير الذي يمكن أن ينتظر البشر من جراء أسلحة من نوعية «سارمات»، ذاك الصاروخ النووي الروسي الذي أطلق عليه المحللون الغربيون اسم «ساتان 2» أو «الشيطان 2».

رغم كل الوساطات السياسية والروحية السرية التي جرت في الأيام والأسابيع الماضية، إلا أنه لا تظهر في الأفق أقل ملامح أو معالم لوقف إطلاق النار وبداية مسيرة مفاوضات تنهي هذه الحرب العبثية.

العكس تماماً هو ما يحدث، بخاصة في ضوء عدد من التطورات الأخيرة، ربما في مقدمها الاستهداف شبه اليومي لشبه جزيرة القرم، وجسرها الشهير الذي يربطها بموسكو، وهو ما كان السبب في تهديدات ميدفيديف الأخيرة، وفيها عدَّ أن الغرب هو من يشجع الأوكرانيين للمضي قدماً في تلك الهجمات. لماذا تصر أوكرانيا على مهاجمة هذا الجسر؟

باختصار، لأنه حال حدوث ذلك، سوف يتم عزل منطقة القرم عن بقية الأراضي الروسية، الأمر الذي يؤدي بالتبعية لعزل الوحدات الروسية في شبه الجزيرة وجنوب أوكرانيا ويعرضها للخطر، ومن ثم تصبح للأوكرانيين القدرة على جلب ما يكفي من الأسلحة البعيدة المدى، بحيث يستعصي على البحرية الروسية وسلاح الجو الروسي الدفاع عن الجزيرة والانطلاق منها.

تبدو الجغرافيا ظل الله على الأرض، كما يقول المؤرخون، وشبه جزيرة القرم تكتسي أهمية فائقة للروس، لا سيما مدينة سيفاستوبول التي تطل على البحر الأسود.

اشتهرت المدينة تاريخياً بأنها مدينة المجد الروسي العسكري، وهي حالياً مقر لأسطول البحر الأسود الروسي، والمنفذ الوحيد للروس إلى بحار ومحيطات العالم، وخسارتها تعني حصار روسيا، وهو ما لا يمكن أن تقبل به موسكو.

هل من تطورات جديدة أخرى في طريق هذا الصراع الدموي دعت القائمين على الساعة المخيفة لتبكير موعد القارعة؟

تجيء التسريبات الأميركية حول تزويد أوكرانيا بذخائر خارقة للدروع تحتوي على اليورانيوم المستنفد (المنضب)، لتشعل حدة المواجهة، وتدفع الروس للتصريح بأن تلك الأسلحة ستُدمر قبل أن تصل إلى مخازنها.

حديث اليورانيوم المنضب، ربما لا يقل خطورةً وتأجيجاً للصراع عن فكرة تزويد أوكرانيا بطائرات «إف - 16» الأميركية الخارقة والحارقة معاً، والكفيلة بإحداث أضرار بالغة على الجانب الروسي.

وحال إضافة تعقد المشهد الاقتصادي الروسي الداخلي من جراء العقوبات الاقتصادية، لا سيما بعد أن قارب الدولار الأميركي حدود المائة روبل روسي، ما يعني المزيد من الضغوطات والأزمات على المواطن الروسي، فإن شرعية ومشروعية رئاسة بوتين تصبحان في خطر محقق، وهو الذي بنى مجده الداخلي على الوعد بتحسين حياة الروس، ما قد يدفع إلى قرارات مؤلمة في حال سخونة الرؤوس بالفعل.

هل لمؤشر ساعة يوم القيامة، علاقة بتحركات عسكرية روسية جديدة، يمكنها أن تعدل الأوضاع، وتبدل الطباع، وبشكل مخيف للخليقة من أدناها إلى أقصاها؟

نهار الجمعة الفائت، تحدث رئيس وكالة الفضاء الروسية «روسكوسموس»، يوري بوريسوف، عن وضع الصاروخ الروسي الفتاك، ذاك الذي لا يُصد ولا يُرد، «سارمات» في وضع «الخدمة القتالية».

مدلولات «الشيطان 2»، لا تخفى على العسكريين ولا المدنيين، فهو جيل جديد من الموت المحمول جواً، والقادر على حمل 10 رؤوس نووية مختلفة الأنواع دفعة واحدة، والتحرك بسرعات تفوق الصوت للتغلب على الدفاعات.

يحاجج البعض بأن الكرملين يشعر بالقلق من أن تهديداته النووية لم تعد فعالة، ويحاول إحياء الخوف من السلاح النووي الروسي في الولايات المتحدة وأوروبا.

يمكن أن يكون هذا الأمر حقيقياً، لكن عند حدود بعينها لا تتجاوز استراتيجية روسيا لاستخدام السلاح النووي، وهذا لن يحدث إلا في حال تهديد الأمن القومي الروسي بصورة واضحة.

ما تجري به الأحداث قد يفتح الباب واسعاً أمام سيناريو «الضربات النووية التكتيكية المحدودة» أول الأمر، ومن ثم متابعة ما يعرف عسكرياً بـ«ميزان الانتباه العسكري»، أي كيفية الردود التالية، وما إذا كانت ستقود حكماً إلى تفعيل النوعيات الاستراتيجية من الأسلحة النووية.

لا يبدو العالم في حاجة إلى استراتيجيات موت جديدة، بل إلى معاهدات للقضاء على الأسلحة النووية، قبل أن يطبق علينا مؤشر الساعة الرهيبة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«سارمات» والقرم مؤشر الساعة الرهيبة «سارمات» والقرم مؤشر الساعة الرهيبة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم

GMT 02:24 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

عطيات تبين وجود حل لاكتساب الطفل للألفاظ البذيئة

GMT 14:17 2018 الثلاثاء ,17 إبريل / نيسان

أفكار مميزة لتزيين مدخل منزلك ومنحه "الحياة"

GMT 18:46 2018 الثلاثاء ,20 آذار/ مارس

اعتقال نشطاء يؤجج الاحتجاجات في مدينة جرادة

GMT 06:33 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

عبد الرزاق رزق الله "ماندوزا" يرجع إلى تدريب الراسينغ

GMT 11:26 2018 الأحد ,14 كانون الثاني / يناير

سعر الريال القطري مقابل درهم إماراتي الأحد

GMT 00:20 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

والدة هشام مشتري تشن هجومًا على محامية حمزة

GMT 00:18 2016 الأحد ,04 كانون الأول / ديسمبر

أسامة السعيدي يقترب من العودة إلى الدوري الهولندي

GMT 14:40 2017 الجمعة ,01 كانون الأول / ديسمبر

نقل قرعة كأس العالم على قناة "بين سبورت" الجمعة

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

نادي الرجاء البيضاوي يختبر اللاعب الموريتاني عيسى باباه

GMT 14:23 2012 الإثنين ,10 أيلول / سبتمبر

كيرا نايتلي جميلة الجميلات بثوب لإيلي صعب

GMT 15:13 2017 الإثنين ,17 تموز / يوليو

فوتشيك تشيزني حارس مرمى ينتقل الى يوفنتوس

GMT 04:22 2017 الثلاثاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

غرفة الجنايات" في الدار البيضاء ترجئ النظر في قضية قتلة مرداس"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib