الديون الأميركية والأزمات المالية العالمية

الديون الأميركية والأزمات المالية العالمية

المغرب اليوم -

الديون الأميركية والأزمات المالية العالمية

إميل أمين
بقلم - إميل أمين

قبل أن يتسنَّم دونالد ترمب هرم السلطة الأميركية، تبدو الأزمات تطارده، وكأنها قدر مقدور في زمن منظور، من حرائق الغرب إلى الشرق، ومن جحافل المهاجرين في الجنوب، إلى مواقف الكنديين في الشمال، الرافضين لأفكار الانتقاص من سيادتهم.

على أن أكبر أزمة تقابل ترمب داخلياً، تلك الموصولة بسقف الدين الأميركي الذي سيبلغ منتهاه في الفترة ما بين 14 و23 يناير (كانون الثاني) الحالي، وهو ما دعا وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين لإرسال خطاب إلى الكونغرس، يهدف إلى «التحرك لحماية الثقة بالبلاد ورصيدها».

هل سيرفع الكونغرس من سقف الدين الأميركي من جديد، بعد أن فعل من قبل أكثر من مائة مرة، ليتيح للحكومة الوفاء بالتزاماتها على صعيد النفقات؟

المؤكد أن المحافظين يعارضون زيادة الاقتراض الضخم للبلاد، ولهذا لم يصوِّت كثير من الجمهوريين قَط لصالح الزيادة.

يسمح سقف الدين لوزارة الخزانة باقتراض الأموال لسداد كافة فواتير الدولة بالكامل وفي الموعد المحدد. فعلى سبيل المثال، حققت الحكومة الفيدرالية في عام 2023 إيرادات بلغت 4.4 تريليون دولار، بينما أنفقت 6 تريليونات، مما أدى إلى عجز سنوي قدره 1.7 تريليون دولار، وفقاً لبيانات مكتب الميزانية غير الحزبي بالكونغرس.

والشاهد أنه عندما نجمع الفرق بين الدخل والإنفاق، على مدى العقود الأخيرة، نصل إلى إجمالي ديون البلاد الذي يتجاوز 36 تريليون دولار.

في هذه الحال، سيكون أمام المشرِّعين بضعة أشهر من الحرية في التحرك بفضل المناورات المحاسبية، بهدف التوصل إلى اتفاق حول إشكالية الديون الأميركية.

يعنُّ لنا أن نتساءل: هل أزمة الديون الأميركية أزمة محلية؟ أم إشكالية يمكن أن تؤدي إلى كارثة اقتصادية عالمية؟

المتفق عليه أن واشنطن هي قاطرة العالم المعاصر اقتصادياً، وحال أصابها العطب، فسوف تتداعى بقية أعضاء الهيكل التكتوني الاقتصادي العالمي.

حدث ذلك بالفعل عام 2008، فقد تسببت أزمة الرهونات العقارية في كارثة اقتصادية أممية، تأثرت بها اقتصادات الشرق والغرب على حد سواء.

على أن علامة الاستفهام الرئيسية في هذا السياق هي: ماذا عن الحلول المتاحة أمام الأميركيين للخروج من هذه الأزمة العميقة؟

من المؤكد أنه لا يوجد سوى حلَّين، لا ثالث لهما، أحلاهما مر، وكلاهما أعرج! الأول: هو الموافقة على رفع سقف هذا الدين، غير أن هذا يعني مزيداً من غرق الأجيال الأميركية القائمة والقادمة في تسونامي ارتهان القرار الأميركي السيادي للدائنين، ما يعني تراجع «أميركا العظمى»، اقتصادياً، وهذا أول مخاض خفوتها الإمبراطوري.

الثاني: هو التوقف عن سداد الديون، وهنا تتجلى كارثة اقتصادية آنية، قد تمتد من الداخل الأميركي لتصل إلى بقية أرجاء العالم، وبعواقب وخيمة.

عند هذا المنحنى سوف يشهد الاقتصاد الأميركي اضطرابات غير مسبوقة، تبدأ من عدم تلقي الموظفين الفيدراليين رواتبهم، والتوقف عن سداد استحقاقات المقاولين المتعاقدين مع الإدارات الفيدرالية، عطفاً على ذلك، سوف توضع العصا في دواليب القروض الصغيرة المقدمة للشركات بسيطة الحجم، أو طلاب الجامعات.

أما النتيجة المرجحة فستكون –حُكماً- مروعة، تبدأ بركود اقتصادي ناجم عن انخفاض الناتج المحلي بنسبة 4 في المائة تقريباً، وساعتها سوف يفقد نحو 6 ملايين أميركي وظائفهم، مما يتسبب في رفع معدل البطالة ووصولها إلى نحو 9 في المائة.

ماذا سيكون من شأن الاقتصاد العالمي عند تغليب خيار عدم رفع سقف الدين، وبالتالي توقف أميركا عن سداد ديونها للعالم؟

على صعيد الاقتصاد العالمي، سوف تكون العواقب وخيمة؛ إذ سيؤدي الأمر إلى ارتفاع أسعار الفائدة، وتقليل قيمة الدولار مقابل العملات العالمية الأخرى؛ لا سيما اليورو الأوروبي، واليوان الصيني، وتالياً ستصاب الأسواق العالمية بحالة من الذعر والركود.

هل أزمة سقف الديون الأميركية لها علاقة بطرح تكاليف الامتداد الإمبراطوري؟

في عدد سابق لها، أشارت مجلة «كونتر بنش» الأميركية ذات الاتجاهات اليسارية إلى أن «الولايات المتحدة آخذة في الغرق أكثر فأكثر في مستنقع الديون، بسبب المجمع الصناعي العسكري الأميركي، والإنفاق الهائل المستجد، وبما تجاوز أزمنة الحرب الباردة، ناهيك من فساد الحكومة، وتدني كفاءة المسؤولين».

حديث سقف الدين وثيق ولصيق الثقة بأمرين: الأول هو الدور المنوط بإيلون ماسك، ومهمته الأساسية في تخفيض الإنفاق الحكومي الأميركي بقيمة تريليوني دولار.

أما الثاني فيدور حول ضم كندا إلى أميركا بوصفها مجالاً جيوسياسياً مستقبلياً يعزز من أحلام الإمبراطورية الأميركية الترمبية.

أي مستقبل مالي ينتظر أميركا والعالم؟

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الديون الأميركية والأزمات المالية العالمية الديون الأميركية والأزمات المالية العالمية



GMT 19:27 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الفرح ليس حدثاً

GMT 19:13 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

من نيويورك إلى غزّة

GMT 19:10 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

تلك الصورة في البيت الأبيض

GMT 19:07 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

زغلول النجّار.. ودراما الإعجاز العلمي

GMT 19:04 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان: المفاوضات وأزمة السيادة المنقوصة

GMT 19:02 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

طيور المحبة بين الرياض والقاهرة

GMT 18:58 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

الخوف على السينما فى مؤتمر النقد!

GMT 18:55 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

السيمفونية الأخيرة

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 17:49 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
المغرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 19:51 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي
المغرب اليوم - لاريجاني يؤكد رفض إيران التفاوض على برنامجها الصاروخي

GMT 09:18 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ناصر بوريطة يتعهد بدعم 350 فاعلاً غير حكومي ماديا خلال سنة 2026
المغرب اليوم - ناصر بوريطة يتعهد بدعم 350 فاعلاً غير حكومي ماديا خلال سنة 2026

GMT 01:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
المغرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم

GMT 04:27 2012 الإثنين ,17 أيلول / سبتمبر

زيت نخالة الأرز قادر على خفض الكولسترول

GMT 06:18 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

موجبات التوظيف المباشر في أسلاك الشرطة

GMT 20:34 2018 الأربعاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

موعد انطلاق بطولة مجلس التعاون الخليجي للغولف في مسقط

GMT 03:33 2018 الأربعاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"الموناليزا"النيجيرية تعود إلى موطنها إثر العثور عليها

GMT 18:27 2017 السبت ,16 كانون الأول / ديسمبر

سويسرا تطرد فرنسياً تونسياً بشبهة الإرهاب

GMT 10:45 2017 الجمعة ,13 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي على ديكور الحفلات في الهواء الطلق في الخريف

GMT 03:59 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

ريهانا عارية الصدر في ثوب حريري فضفاض

GMT 07:41 2016 الإثنين ,05 أيلول / سبتمبر

تفاصيل جريمة قتل بشعة في أحد أحياء الدار البيضاء

GMT 16:12 2025 الخميس ,24 إبريل / نيسان

وزير الخارجية الأردني يلتقي نظيره الهنغاري

GMT 01:06 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

بيتكوين تقترب من 100 ألف دولار مدفوعة بفوز ترامب

GMT 05:10 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

كريم بنزيما أفضل لاعب في العام جلوب سوكر 2022
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib