فى انتظار كامالا هاريس

فى انتظار كامالا هاريس!

المغرب اليوم -

فى انتظار كامالا هاريس

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

طوال الأسابيع القليلة الماضية، لم يمر أسبوع دون وقوع مفاجأة فى السياسة الداخلية الأمريكية، وفى مركزها ليس فقط الانتخابات الرئاسية، ولكن معها الانتخابات الأخرى لمجلسى النواب والشيوخ وحكام الولايات والنائب العام فى كل منها. المفاجآت جزء من السياسة الأمريكية، وحدة المنافسة تجعل منها مباريات من طراز الملاكمة أو كرة القدم الأمريكية، حيث العنف والخشونة مسموح بها مادام الجميع يتحدث عن التقاليد الأمريكية وما أرساه «الآباء المؤسسون» من أعراف.

الموسم الانتخابى بات قريبًا، وبينما تتلاحق الأنفاس فى انتظار مؤتمرى الحزبين الجمهورى ثم الديمقراطى، كانت وتيرة الاتهامات المتبادلة قد أخذت نوعًا من الانتظام. الديمقراطيون وجدوا فى سلسلة المحاكمات الخاصة بدونالد ترامب ونتائجها من فضائح مضت على الحديث عنها سنوات خرجت فيها المذكرات والدفوع والدفوع المضادة ما يكفى مجلدات تاريخية.

الجمهوريون كانت ركيزتهم المدفعية الثقيلة لمرشحهم دونالد ترامب، الذى أطلق لسانه ناعتًا المرشح الديمقراطى جو بايدن بالعجز وعدم القدرة وإجرام تزوير الانتخابات الماضية. لم يكن فى كل ذلك جديد حتى جاءت المناظرة المقررة للمواجهة بين المرشحين عندما بدا بايدن فى أسوأ حالته البدنية، متلعثمًا وخالطًا للأمور والأسماء، وغير مقنع وعاجزًا عن استغلال الادعاءات والأكاذيب الترامبية.

المفاجأة عقدت الألسنة الديمقراطية التى لم توجد لديها سوى دفاعات فقيرة عن قلة نوم المرشح بسبب السفر، ثم ظهر أنه كان مصابًا بنوبة برد كانت من قبل سرًّا من الأسرار القومية. كان ما جرى أمام الملايين كافيًا لحالة من الخلخلة داخل الحزب الديمقراطى؛ نجمت عنها حالة من الاهتزاز والمطالبة بمراجعة ترشيح بايدن لتمثيل الحزب.

المطالبات داخل الحزب تصاعدت حتى باتت على وشك الانفجار، ولكنه لم يحدث فى الحزب الديمقراطى وإنما حدث فى الجمهورى عندما تعرض ترامب لحادثة الاغتيال. لفترة ليست طويلة، كانت هناك بضعة أيام استعادت فيها أمريكا بعض عقلها نتيجة قيام بايدن بما يقوم به رجال الدولة عندما اتصل بمنافسه متمنيًا الشفاء العاجل، وناعيًا حالة الانقسام فى الصفوف السياسية الأمريكية. ترامب وجد منافسه لا يتصل به فقط، وإنما يصدر بيانًا من البيت الأبيض، ثم يتحدث فى الأمر إلى الأمة الأمريكية.

انعقد مؤتمر الحزب الجمهورى مع سيادة الظن أن ترامب سوف يبادل بايدن فضلًا بفضل، ولكن ذلك لم يزد عن بضع جمل قصيرة حتى عاد الرجل إلى عادته القديمة، التى لا يمتنع فيها عن تقديم اللعنة لخصومه والتشهير بهم وحزبهم ونخبتهم السياسية التى أضاعت أمريكا ومجدها.

جرى ذلك، بينما تتعمق الفرقة داخل الحزب الديمقراطى، كانت حجة بايدن ومؤيديه أن الرجل بالفعل يعترف بكبر السن وتوابعه فى اللفظ والتذكر؛ ولكنه هو ذلك الرجل الذى قدم السياسات التى أخرجت أمريكا من الكوفيد، وأدخلتها داخل أكبر عملية لتجديد البنية الأساسية، وهناك جهوده الدولية لإنقاذ أوكرانيا ومعها أوروبا، والسعى نحو إقرار الهدنة، وربما السلام، فى حرب غزة وحروب الشرق الأوسط.

معارضوه رأوا أنه قد سبق السيف العزل، وأن صورة الرئيس التى ظهرت فى «المناظرة» كانت على حالتها فى مؤتمر حلف الأطلنطى، ومناسبات انتخابية أخرى. لم يعد بايدن صالحًا، ووجد كبار رجال ونساء الحزب أنه آن الأوان للشيخ القائد أن يغادر المسرح. وإذا كان ذلك جاريًا فى الساحة الديمقراطية، فإن الساحة الجمهورية تحولت كلها إلى تحويل ما كان فرقة وانقسامًا إلى شرخ كبير فى الجدار الأمريكى، بعد أن أصبحت محاولة اغتيال ترامب ونجاته منها تعبيرًا عن الإرادة الإلهية، التى أبقت عليه كما يحدث مع أصحاب البركة.

قليل من الدول تفعل بهم «المناظرة» ومحاولة «الاغتيال» ما تفعله فى الولايات المتحدة من زلازل سياسية، ولكنها بعد توابعها، وفى الساعة الواحدة و٤٥ دقيقة قبل أسبوع فيما بعد ظهر يوم الأحد، قرر بايدن أن يتنحى عن تمثيل الحزب الديمقراطى فى الانتخابات المقبلة. الأمر حتى قبل ساعات كان مستحيلًا لأن بايدن وأنصاره كانوا يرون فى ذلك الاستحالة.

ولكن الاستحالة وقعت، وبعد أن أصدر بايدن بيانه، اتصل بنائبته، «كامالا هاريس»، ليخبرها أنه ينقل شعلة الحزب والدولة الأمريكية إلى يديها. اكتملت ثلاثية المفاجآت، وحدث ما لم يحدث منذ عقد الستينيات من القرن الماضى عندما أعلن الرئيس «جونسون» عن رفضه بسبب حرب فيتنام تمثيل الحزب الديمقراطى فى الانتخابات المقبلة.

جرى اغتيال روبرت كينيدى، فدان الأمر لـ«همفرى»، الذى خسر الانتخابات لريتشارد نيكسون، الذى فاز فى عام ١٩٦٨ ثم ١٩٧٢، ولكنه خرج من السلطة مستقيلًا بعد فضيحة «ووترجيت». الآن ينتظر الجميع كامالا هاريس ومعركتها مع دونالد ترامب!.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فى انتظار كامالا هاريس فى انتظار كامالا هاريس



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة
المغرب اليوم - تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة

GMT 02:56 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
المغرب اليوم - دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع

GMT 02:06 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع
المغرب اليوم - الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل

GMT 08:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا قدمتم لتصبحوا صحفيين وناشطين؟

GMT 00:26 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة المنشط الإذاعي نور الدين كرم إثر أزمة قلبية

GMT 02:33 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"رينود" يتسبب في تشنج الأوعية الدموية لأصابع اليدين

GMT 00:25 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

مي عمر تؤكّد أهمية تجربة عملها مع عادل إمام

GMT 09:51 2016 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

بشرى شاكر تشارك في مشروع طاقي في ابن جرير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib