بقلم : عبد المنعم سعيد
ليس من عاداتى التعليق على الأحداث ساعة توهجها، سواء كانت فرحا عظيما أو حزنا عميقا. والآن مضى أسبوع على حدث سوف يكون أهم أحداث التاريخ المعاصر لمصر، وهو افتتاح «المتحف المصرى الكبير»، المعروف عالميا باسم «الجيم GEM» أو الجوهرة الثمينة أو الماسة العظيمة التى توضع على رأس التاج أو حالة التوهج بأشكال عظيمة. هى لا تبلى ولا تضيع، ومن سماتها الخلود وخطف الأبصار والتقاط النفس مما فيها من جمال.
كان الحكيم خالى الفنان عبد البديع عبدالرحمن هو الذى قال قبل رحيله إلى الولايات المتحدة إن العيش فى القاهرة لا يكون إلا بجوار النيل أو الأهرامات، ولما كان من الملاصقين للأخيرة فقد اخترتها للسكن. الآن، فإن «الجوهرة» لا تبعد كثيرا وأطراف الأهرامات العليا تظهر للعين كل صباح. ليلة الافتتاح كانت مثيرة ومشتعلة بألوان كثيرة. الجوهرة أسفرت عن نفسها فى أشكال من الضوء الذى جعل الليل جاذبا للجمال فى كل شيء، وأهم ما فيه كان إقبال المصريين بأطفالهم على المبنى الحديث الغارق فى العراقة! هذه الحالة من الفرح الكثيف ليست من الأمور المتكررة فى الحياة المصرية، خاصة عندما تكون بهذا الحجم من الغنى والإبداع من خارجه والمتوهج فى داخله.
فى الصباح، وبعد المتابعات التى كانت أكثر مما هو معتاد لقصة وصفات المتحف وما فيه وتاريخه وشكر من اقترح ومن صمم ومن لعب دورا أو مشاركة، فإن الاستيقاظ كان مبكرا لأن القناة التليفزيونية ليست متأكدة من سيولة الموقف الذى يسمح بوصولى فى الوقت المناسب للبث. كانت الأمور آمنة وسلسة وجاء البث فى موعده مع نبرة فرح غير عادية جاءت بعد شهور من التعليق التعيس على حرب غزة الخامسة وتوابعها.
اليوم كان زمن فرح كامل يقص قصة حضارة بأكملها وقد - مثل الجوهرة - اكتملت فصوصها وزينتها وباتت مستعدة لتقديم تذكار متوهج للحضارة العالمية. فى عامى السابع والسبعين شعرت بفرح تمنيت حضوره.