جدول أعمال المستقبل 2030

جدول أعمال المستقبل 2030

المغرب اليوم -

جدول أعمال المستقبل 2030

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

قبل عقد من الزمان، وفي 2015 ظهرت «رؤى» كثيرة في عدد من الدول العربية جعلت العام 2030 سقفاً أولياً لطرح الطموحات، والتطلع إلى ما سارت فيه دول قبلنا. كان «الربيع العربي» مجهداً، وترك آثاراً عنيفة تفجّر فيها الإرهاب والحروب الأهلية. لم يعد هناك بديل لمشروع النهضة.

السقف الزمني بدأ في القاهرة، والرياض، ولكن دولاً عربية أخرى اختارت زمناً أبعد بعد التأخير في محطة القيام بحيث وصل إلى ثلاثينات وأربعينات القرن. وكان الطموح كبيراً حين قامت خطة مصرية للتنمية العمرانية، وصلت إلى 2050. والحقيقة أن التنبؤ صعب بما سوف يكون عليه الحال ساعة الوصول؛ حيث لا ندري ما سوف يكون عليه حال الدنيا في عام 2030. لعلنا نعرف بعض الأشياء عن زيادة عدد السكان في الكوكب الذي هو الآن نحو 8 مليارات نسمة، وسوف نعرف ما إذا كانت خطط البشر للتعامل مع حرارة الأرض سوف تنجح، أو أن البشرية ستظل تسير في طريقها كالقدر المحتوم، والقضاء النافذ، كما أننا سوف نشاهد اكتمال الثورة التكنولوجية الرابعة التي تتعانق مع الثالثة الرقمية، دافعة إياها بالذكاء الاصطناعي وغيره إلى حالة جديدة للإنسان.

أمور كثيرة لن تظل على حالها، ولعل الأفلام السينمائية وروايات الخيال العلمي، لن تقصر في مدّنا بخيالات من الصعب تخيلها من الآن، لأننا بالفعل نشاهد ما تخيلته الروايات، وحلمت به الشاشات منذ عقود مضت.

الأمر الذي لا نعرفه هو كيف يتصرف الإنسان في المستقبل. فرغم أحلامنا السابقة، ورغم خيالات التطورات التكنولوجية التي لم تعد خيالاً، فإن الصراع الإنساني، والتنافس البشري المميت، ظلا على حالهما، وكل محاولات المعرفة المستقبلية ظلت في حدود التطورات المادية السلبية، والإيجابية، وما يتغير في النفس الإنسانية -فجوراً وتقوى- ظل ألغازاً، وأحجية معقدة. ومن يستطلع حال الدنيا الآن، والشرق الأوسط تحديداً، فلن يعدم مشاهدة حالة موجعة من البؤس، والحرب، والصراعات الدائمة. وفي كل الأحوال، فإن «المتشائمين» كُثر، استناداً إلى ما نعرف، ونشاهد، ومع ذلك، فإن هناك أقلية من «المتفائلين» يشاهدون القضية بطريقة أخرى. كيشور ماهبوباني ولورانس سومرز نشرا في مجلة «فورين أفيرز» الشهيرة مقالاً بعنوان: «شيوع الحضارات»، تحديا فيه ما ذاع قبل عقد من نهاية القرن العشرين من مقولة صامويل هنتنغتون عن «صدام الحضارة». ما جرى في الواقع أن الحضارات الكبرى في العالم تلامست، وتقاطعت، وتداخلت حتى باتت أهدافها متماثلة، فالجميع يريدون لأولادهم تعليماً جيداً، ووظائف مربحة، وسعادة في المعيشة، وحياة منتجة باعتبارهم أعضاء في مجتمعات عفية، ومستقرة.

في العالم العربي، نحن في مرحلة جديدة يمكن تسميتها بأنها مرحلة ما بعد «الربيع العربي»، ووسط الدخان، والنيران، والحرائق المنتشرة حولنا في المنطقة العربية، وأجزاء من العالم الإسلامي، التي أخذت أشكالاً إرهابية، وحروباً أهلية، فإن التطلع إلى المستقبل، وبنائه وتحديثه، من السبل التي لا تجعل الخلاص من المأساة الحالية أمراً حتمياً، وإنما تجعل المستقبل مبشراً. ما عُرف بـ«الربيع العربي» في مطلع العقد الماضي، أحدث زلزالاً كبيراً في منطقتنا العربية، والشرق الأوسط، وشكل خللاً شاملاً في توازنات القوى أدى إلى زيادة جرعة الأطماع الإقليمية والدولية، والتي تبدت أحياناً في الاحتلال المباشر، أو إقامة المستوطنات، أو الاعتداءات المتعددة على السيادات الوطنية للدول، أو بتشكيل ميليشيات عسكرية تضع نفسها بديلاً للدولة. وعلى مدى سنوات العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين عاش العالم العربي بين ثلاثة توجهات تتراوح ما بين الفوضى المطلقة؛ وهيمنة تيارات دينية وصلت إلى كراسي الحكم، وخلقت «داعش» و«دولة الخلافة» المزعومة؛ وتوجه إصلاحي انتشر في الدول الملكية التي نجت من جلجلة «الربيع»، وتبنته دول عربية مهمة مثل مصر. هذا التوجه قام على أعمدة الدولة الوطنية، والتحديث الشامل لإقليم الدولة، وتجديد الفكر الديني حتى يتلازم مع العصر، والتقدم.

أصبح واقع الشرق الأوسط يتجسد في أمرين: الأول أن الإقليم مقسم بين الإصلاحيين الذين يريدون السلام والاستقرار اللذين هما شرطان للتنمية، والذين يعارضون السلام والاستقرار بسبب التاريخ، أو الدين، أو عدم الرغبة، أو عدم وجود المصلحة في التنمية. والثاني هو أن هناك تنافساً صريحاً أو ضمنياً يجري بين الطرفين. حرب غزة الخامسة، والحروب المشابهة التي شاركت فيها الميليشيات المسلحة، جميعها جعلت العمل الأساسي الواجب في الشرق الأوسط يقوم على تشجيع الدول على أن تصل إلى السلام والاستقرار اعتماداً على نفسها، مع حرمان القوى الراديكالية من إفساد هذا الجهد.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جدول أعمال المستقبل 2030 جدول أعمال المستقبل 2030



GMT 16:04 2025 الثلاثاء ,06 أيار / مايو

من غرينلاند إلى دبي

GMT 16:01 2025 الثلاثاء ,06 أيار / مايو

هل يمتلك الغَزّيون قرار الاستسلام ؟!

GMT 16:00 2025 الثلاثاء ,06 أيار / مايو

الشيوخ حائرون... يتساءلون

GMT 15:59 2025 الثلاثاء ,06 أيار / مايو

سوريا وتحديات نجاح المسار الانتقالي

GMT 15:57 2025 الثلاثاء ,06 أيار / مايو

محمد حسنين هيكل... نهاية أسطورة

GMT 15:56 2025 الثلاثاء ,06 أيار / مايو

حضور عادل إمام في أسوان!

GMT 15:55 2025 الثلاثاء ,06 أيار / مايو

كرة اللهب!

GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,06 أيار / مايو

شبابيك سعادة

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:26 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل ريفي في بريطانيا من وحي تصميمات روبرت ويلش

GMT 11:35 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

زيّن حديقة منزلك مع هذه الفكرة الرائعة بأقل تكلفة

GMT 17:00 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ديوكوفيتش يسعى للفوز بذهبية أولمبياد باريس

GMT 06:20 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

230 ألف شخص يشيعون بيليه إلى مثواه الأخير

GMT 15:10 2022 الأربعاء ,23 آذار/ مارس

شركة "توتال" الفرنسية توقف شراء النفط من روسيا

GMT 20:10 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

مشروع قانون لتنظيم أسعار المحروقات في المملكة المغربية

GMT 14:16 2021 السبت ,31 تموز / يوليو

فساتين سواريه للنحيفات المحجبات

GMT 23:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تعرف على قائمة الأسعار الجديدة للسجائر في المغرب

GMT 15:22 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 20:49 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

أسعار مازدا mazda 3 في مصر

GMT 21:11 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شركة أميركية ترصد صورًا لأهم أحداث الكوكب خلال العقد الماضي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib