بقلم - سليمان جودة
تمنيت لو أننا شاركنا فى هذا الأوليمبياد الذى تنظمه السعودية، لولا أنه أوليمبياد آسيوى لا تشارك فيه إلا الدول الآسيوية.
إنه الأوليمبياد الآسيوى للفيزياء، وهو أوليمبياد فريد من نوعه كما ترى، وهذا ما جعلنى أتابع أخبار انعقاده هذه الأيام فى الظهران شرق المملكة، فهو ليس مؤتمرًا للأدباء الشُبان، ولا هو بطولة للرياضيين من الشباب والشابات، ولا لشىء من هذا كله، ولكنه للمتفوقين من طلاب المرحلة الثانوية فى علم الفيزياء على وجه الخصوص.
ولا بد أن المستشار تركى آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية، سوف يغار من هذا الأوليمبياد على نحو من الأنحاء لأنه ربما يخطف الأضواء من موسم الرياض، ولو مؤقتًا، وربما يسرق منه الكاميرا، ولو إلى العاشر من الشهر حين تنتهى أعماله، التى يشارك فيها ٢٤٠ طالبًا من ٣٠ دولة، بينها سلطنة عُمان ولبنان والإمارات.
كثيرون تابعوا ويتابعون مواسم الرياض المتتالية التى تنظمها الهيئة، وبكل ما كان المستشار آل الشيخ يحشد لها من أضواء وإمكانات، وكانت كلها إما فى الرياضة مرة، وإما فى الفن مرات، أو كانت تستحدث موسمًا للأعمال الأدبية كما حدث فى الفترة الأخيرة.. ولكن هذه المرة تظل من المرات النادرة التى يكون الحدث فيها حدثًا علميًّا صرفًا، ثم يكون أبطاله من الشباب المتفوق الممتلئ بالأمل.
إن انفتاح السعودية فى السنوات الأخيرة جعلها تفتح نوافذها لاستقبال كل جديد بغير أن تخشى شيئًا، وليس سرًّا أنها نظمت مؤتمرات دولية للفلسفة على أرضها، وقد كان ذلك من المستحيلات فى مراحل زمنية سابقة.
وإذا كان لى أن أدعو إلى شىء هنا، فهذا الشىء هو أن يؤدى أوليمبياد الظهران إلى إطلاق أوليمبياد عربى من النوع نفسه فى المستقبل، فلا يكون آسيويًّا ولا إفريقيًّا، وإنما يكون عربيًّا يجتذب الطلبة العرب المتفوقين فى الفيزياء وفى كل علم من العلوم الطبيعية.. ومَنْ يدرى؟.. فربما نجد أنفسنا على موعد مع أحمد زويل آخر يخرج من الأوليمبياد العربى عندما ينعقد.
أذكر أنى حضرت مرة بطولة آسيوية لكرة اليد فى مدينة الخُبر شرق السعودية، وأذكر أنى كتبت يومها من هناك أدعو إلى أن تكون على أرض العرب بطولات علمية مجردة. ولم يكن ذلك إقلالًا من شأن مسابقات العلوم الإنسانية، ولا كان تقليلًا من قدر مباريات الكرة، أو بطولات الرياضة، أو مواسم الفن.. أبدًا.. ولكن الهدف كان أن تتوازن اهتماماتنا كعرب، وأن يكون فيها للعلم النصيب الواجب، وأن نلتفت إلى أن كل ما هو علمى يخاطب المستقبل بالضرورة، وليس أوليمبياد الفيزياء سوى مثال على ذلك فى هذا السبيل.