الترحم على زمن «الصحافة الصفراء»
أخر الأخبار

الترحم على زمن «الصحافة الصفراء»

المغرب اليوم -

الترحم على زمن «الصحافة الصفراء»

بقلم - طارق الشناوي

هل أصبحنا في حاجة إلى صحافة متخصصة في الفضائح؟

في الماضى، كنا نطلق عليها (صحافة صفراء).. وهى تاريخيًّا كانت تطبع على ورق يميل لونه للأصفر، ومن هنا صار هذا التعبير ملتصقًا بها في العالم كله.

التجربة العملية تؤكد أننا لم نعد بحاجة لهذا النوع من الصحف. ما نتابعه، صارت جرعته الإباحية أكثر من قدرتنا على الاحتمال.. مطرب يقول لزوجته السابقة: (أنت لم تكونى عذراء)، وهى ترد عليه: (أقول لهم اتجوزتنى ليه وطلقتنى ليه؟)، ومن بعدها يصمت الزوج، بينما علامات الاستفهام تملأ (السوشيال ميديا)، والكل يدلى بدلوه!.

صار الهَمّ الأساسى لعدد من النجوم أن يشهد لصالحهم العالم الافتراضى، لا يعنيهم مستوى الأغنية ولا المسلسل أو الفيلم، انحياز الرأى العام هو الهدف، والذى من الممكن أن يعلن قراره من خلال عدد (اللايكات) التي يتم تجميعها، سواء جاءت معبرة عن الحقيقة، أو عن طريق توجيه الجيوش الإلكترونية، الأغلبية من الفنانين لا يتوقفون أمام الوسيلة، المهم الوصول إلى النتيجة، (التريند) هو الهدف ليصبحوا جميعا (نمبر وان).

كل هذا وغيره أختلف معه، وفى نفس الوقت من الممكن أن أتفهم دوافعه، ولكن أن تُصبح الحياة الخاصة للفنان هي المادة التي يستيقظ عليها الجمهور وينام أيضا عليها، ولا يهدأ له جفن أو يخلد للنوم إلا بعد الحصول على الجرعة الثانية، وربما أيضا الثالثة المعززة- على طريقة التعاطى مع مصل (كوفيد)، لا أعاده الله علينا- في هذه الحالة تتحول إلى حالة مرضية تستحق أن يتدخل في رصدها وعلاجها علماء الطب النفسى والاجتماعى.

فجأة، صارت خلافات الفنانين بعضهم البعض، بل حتى الصراعات العائلية، لها مساحة معتبرة في الوسائط الاجتماعية، رغم أن الفنان كثيرًا ما يعتب على الإعلام بسبب التدخل السافر في حياته الشخصية، ويصفها بصحافة (الباباراتزى)، التي تعيش على فضائح الفنانين والشخصيات العامة.. وفى العادة، يتسللون بالكاميرا من الشباك، لأن الأبواب مؤصدة أمامهم، فيلجأون لطرق ملتوية لاقتناص الخبر، حتى لو كان في غرف نوم المشاهير.. المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل وهى في السلطة عانت منهم، عندما التقطوا لها قبل عشر سنوات صور بـ (المايوه) وهى تستجم على أحد الشواطئ الإيطالية.

الغريب أن ما نراه الآن من انتهاكات ليس عن طريق (الباباراتزى) حتى نجرّمه أو نحرّمه، صار الفنان هو الذي يمنح بعض وسائل الإعلام بمختلف أطيافها (مقروءة أو مسموعة أو مرئية) حكايته الخاصة.. وغالبا ما تمتلئ بالتفاصيل الساخنة والمثيرة التي لا يصل إليها خيال أي صحفى، وهكذا تفتح شهية الإعلام مجددا للحصول على المزيد منها.. ومن المستحيل قطعا في هذه الحالة أن نتهم الإعلام بأنه يخون شرف المهنة، خاصة أن الفنان عادة قبض الثمن مسبقًا من إدارة البرنامج.

الجمهور بطبعه وطوال الزمن لديه رغبة في أن يخترق هذه الأسوار التي يضعها الفنان على حياته الخاصة، كانت القاعدة تشير إلى أن الفنان يعيش في قلعة محصنة، تمنع التلصص، ولا يستطيع أحد الاقتراب أو التصوير. في هذا الزمن، صار الفنان يدفع الثمن مرتين، ويخسر مرتين، رغم أنه حصل على الثمن بالدولار مسبقًا من المحطة الفضائية.

إذا هاجم أقرب الناس إليه سيؤدى هذا حتما إلى استياء الجمهور، وإذا صمت على الإهانة التي جاءته من أقرب الناس إليه ولم يرد بأسوأ منها سيجد الناس تصدق الاتهام.. الكأسان أحلى ما فيهما مُر.

أصبحنا منذ ذلك الحين نترحم على زمن الصحافة الصفراء التي كانت بالقياس لهم بيضاء، بل ناصعة البياض!.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الترحم على زمن «الصحافة الصفراء» الترحم على زمن «الصحافة الصفراء»



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 01:36 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة
المغرب اليوم - تصعيد جديد من رئيس كولومبيا ضد الولايات المتحدة

GMT 02:56 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع
المغرب اليوم - دفاع عمرو دياب يطعن بالنقض على حكم الشاب المصفوع

GMT 02:06 2025 الأربعاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع
المغرب اليوم - الرئيس الإيراني يؤكد لا يمكن الحكم والشعب جائع

GMT 02:03 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

منى أحمد تكشف أن لكل برج ما يناسبه من الأحجار الكريمة

GMT 14:24 2016 الإثنين ,06 حزيران / يونيو

"السياسة العقارية في المغرب " ندوة وطنية في طنجة

GMT 07:52 2012 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

موسكو تستضیف منتدي اقتصادی إیراني -روسي مشترك

GMT 05:10 2017 الجمعة ,20 تشرين الأول / أكتوبر

هيئة السوق المالية السعودية تقر لائحة الاندماج المحدثة

GMT 07:31 2016 الإثنين ,05 كانون الأول / ديسمبر

طرح علاج جديد للوقاية من سرطان الثدي للنساء فوق الـ50 عامًا

GMT 23:39 2012 الخميس ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر: تزويد المدارس بالإنترنت فائق السرعة العام المقبل

GMT 08:26 2017 الأربعاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

ماذا قدمتم لتصبحوا صحفيين وناشطين؟

GMT 00:26 2017 الإثنين ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة المنشط الإذاعي نور الدين كرم إثر أزمة قلبية

GMT 02:33 2014 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

"رينود" يتسبب في تشنج الأوعية الدموية لأصابع اليدين

GMT 00:25 2017 الأربعاء ,07 حزيران / يونيو

مي عمر تؤكّد أهمية تجربة عملها مع عادل إمام

GMT 09:51 2016 السبت ,10 كانون الأول / ديسمبر

بشرى شاكر تشارك في مشروع طاقي في ابن جرير
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib