الأرباح والخسائر في لغة «الحشاشين»

الأرباح والخسائر في لغة «الحشاشين»

المغرب اليوم -

الأرباح والخسائر في لغة «الحشاشين»

طارق الشناوي
بقلم - طارق الشناوي

قال لي الكاتب الصحافي والسياسي الكبير، بمجرد أن استمعت في أول حلقة إلى حوار مسلسل «الحشاشين» باللهجة العامية المصرية، وجدت حائطاً نفسياً يفصلني عن متابعة باقي الحلقات، وأمسكت «الريموت كونترول»، رغم أنني كنت قبل أشهر قليلة أنتظر عرضه، بل هو جزء من دراستي وشغفي الدائم من أجل سبر أغوار تلك الطائفة، التي لا تزال فاعلة في حياتنا المعاصرة، برغم مرور أكثر من عشرة قرون على نشأتها على يد حسن الصباح، فإن أفكارها لا تزال تتنفس.

قلت له أعتقد بسبب ما ذكرته أنت أن تلك الطائفة أو الفرقة لا تزال فاعلة في الحياة، لجأ الكاتب عبد الرحيم كمال والمخرج بيتر ميمي إلى استخدام العامية، من أجل كسر الحاجز اللغوي الوهمي، الهدف هو أن تصل الرسالة للجميع، والفصحى من الممكن أن تصبح حائلاً أمام شريحة معتبرة من الجمهور، وكان على الكاتب والمخرج تحطيم تلك القاعدة، التي تستند إلى أن الجزء الأكبر من تراثنا الفني والدرامي، في مجال الأعمال التاريخية تحديداً يستخدم الفصحى، بما تفيض به من جمال ووقار، بينما الأعمال المعاصرة تقدم بالعامية.

وأضفت الفصحى لها قطعاً ألقها، إلا أن للعامية أيضاً جمالها الخاص، أتذكر أن سيدة الغناء العربي أم كلثوم كثيراً ما كانت تتغزل في شاعرية بيرم التونسي عندما كتب «شمس الأصيل»، وعدَّتها واحدة من أفضل ما غنت على المستوى اللغوي بالفصحى والعامية، ولا تنسَ أن أم كلثوم كانت حافظة للقرآن وقارئة جيدة لأغلب دواوين كبار الشعراء، وفي كل العهود، وفي مرحلة ما ومع البدايات كانت أم كلثوم ترفض استخدام الآلات الموسيقية لمصاحبتها، في الفرقة، وفي مرحلة لاحقة كانت ترفض استخدام العديد من الآلات التي رأت أنها تخدش وقار الموسيقى الشرقية مثل «الأكورديون»، وبعد ذلك صار الأمر اعتيادياً جداً.

قال لي اللغة مثل اختيارك لملابسك ويفرض علينا قانون «لكل مقام مقال»، عندما تذهب إلى مهرجان سينمائي مثل «كان» أو «برلين» يرتدي الرجال «الإسموكن»، والنساء «ملابس السهرة»؟

قلت له لا يزال بالفعل مهرجان «كان» يحرص على ذلك، ويمنع الصعود على السجادة الحمراء لكل من يخالف تلك القواعد، على المقابل مهرجان «برلين»، لم يعد يولي اهتماماً للتفاصيل الشكلية، أسقطها تماماً من حساباته، وصار اختيار الزي حرية، فهو لا يريد أن يحطم مبدأ الاختيار الذي يحرص على أن يتبناه في أفلامه بالمهرجان.

وأضفت: أراهن مع الزمن سيسقط هذا التزمت الذي يحرص عليه «كان»، وسيصبح متاحاً ارتداء كل منا ما يتوافق مع ذوقه الشخصي.

هل استخدام اللهجة العامية أحدث نفوراً جماعياً، أم أنه مجرد انطباع عند قطاع من الجمهور؟

كل ما ينشر من نسب المشاهدة يؤكد زيادة عدد جمهور «الحشاشين»، والمسلسل بين كل الأعمال المصرية احتل المركز الأول، في كثافة المشاهدة، نجاحه في اجتذاب شريحة أخرى تعودت في الماضي أن تبتعد عن الأعمال التاريخية، دفعه للمركز الأول، وهذه المرة وجدت في العامية وسيلة أكثر حميمية ودفئاً في التواصل.

أتذكر أنني سألت في منتصف الثمانينات الكاتب الكبير نجيب محفوظ عن استخدامه للفصحى في حوار الشخصيات داخل الرواية، قال لي أنا أكتب ما أعتقد أنه يحمل وجهة نظري، ويصل بسهولة للقارئ، ولو اكتشفت، أن الجمهور لا يتقبل ما أكتبه بطريقتي هذه، فسوف أكتب بأسلوب آخر، أنا ضد من يقول إنه يكتب للزمن المقبل، ببساطة الزمن المقبل سوف يأتي ومعه أيضاً أدباؤه، وأضاف ضاحكاً، يقولون إن الكاتب الذي يراهن على الخلود سيدخل التاريخ وهو الأكثر قيمة، أنا أعتبرها «قلة قيمة»!

هل توجد قاعدة مطلقة، التاريخي فصحى والاجتماعي عامية؟

التزمنا بقاعدة توارثناها من رصيدنا الدرامي المسموع والمرئي في الإذاعة والتلفزيون، إلا أنه مجرد اجتهاد لجيل الكبار. رهان الكاتب عبد الرحيم كمال والمخرج بيتر ميمي كان مختلفاً وأكثر عملية، ولكي تصل «الحشاشين» إلى دائرة أكثر اتساعاً، كان ينبغي أن تمزق الشخصيات رداء الفصحى، وترتدي العامية!

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأرباح والخسائر في لغة «الحشاشين» الأرباح والخسائر في لغة «الحشاشين»



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 21:08 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الأحداث المشجعة تدفعك?إلى?الأمام?وتنسيك?الماضي

GMT 03:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نجاة ممثل كوميدي شهير من محاولة اغتيال وسط بغداد العراقية

GMT 08:02 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

آرسين فينغر الأقرب لتدريب ميلان خلفًا لغاتوزو

GMT 04:11 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

صابرين سعيدة بـ"الجماعة" وتكريمها بجائزة دير جيست

GMT 14:57 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف مدحت صالح في "بوضوح" الأربعاء

GMT 14:14 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

المدن المغربية تسجّل أعلى نسبة أمطار متساقطة خلال 24 ساعة

GMT 03:21 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

ظروف مشحونة ترافق الميزان ويشهد فترات متقلبة وضاغطة

GMT 06:15 2017 الجمعة ,24 آذار/ مارس

ورم الكتابة

GMT 12:25 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

نصائح منزلية لتنظيف وتلميع الأرضيات من بقع طلاء الجدران

GMT 06:32 2017 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مجرد درس مغربي آخر !

GMT 01:26 2016 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

ريم مصطفى تؤكد أنها ستنتهي من "نصيبي وقسمتك" بعد أسبوع

GMT 11:30 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات شعر بها سكان الحسيمة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib