يندمون ولا يعون

يندمون ولا يعون

المغرب اليوم -

يندمون ولا يعون

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

بعد نهاية الحرب اللبنانية عدت إلى بيروت متردداً ومتوجساً. كانت لا تزال في الخوف والظلام والتربص. ودعيت مرة إلى العشاء عند السياسي نسيب لحود، فوصلت إلى منزله على طرق مقفرة ومعتمة. لكن في الداخل كان مجموعة من أرقى الناس والأحاديث على أرقى المستويات، والموسيقى الكلاسيكية تنشر جو الهدوء في مدينة كانت إلى الأمس مجموعة متاريس وحواجز وقتل.
كتبت يومها أن بيروت عبارة عن جزر منتشرة فوق بقعة مائية واحدة: موسيقى كلاسيكية تبث الفرح، والسكينة، في مكان، وفي الحي المقابل بقايا الخراب والدمار. من محض المصادفات القدرية أنني دعيت قبل أيام إلى العشاء في منزل طبيب العظام المرجعي في الجامعة الأميركية الدكتور غسان سكاف، الذي انتخب نائباً ودخل غمار العمل السياسي.
يبعد منزله عن منزل نسيب لحود نحو 500 متر على الأكثر، وكان من ضيوفه مجموعة من السياسيين والدبلوماسيات الإعلاميات. وكان الحوار على أرقى المستويات. وعلى إيقاع خافِت كانت الموسيقى الكلاسيكية تساهم في إعلاء النقاش. أيضاً بدا منزل آل سكاف مثل جزيرة محاطة من الخارج بالخوف والقلق والاضطراب. وبعد الخروج من تلك «الجزيرة» كان عتم وشوارع قفار وليال حالكة.
تمثل تلك «الجزر» لبنان المسارع في الانقراض... ففي خارجها الجدل الوطني صراخ وتهديد ووعيد، وفي خارجها يبدو المصير برمته ورقة في مهب الريح. والإنسان لا يستطيع أن يعيش عمره في مهب الريح. لكن هذا هو قدر لبنان. ينقل المحامي البارز عبد الحميد الأحدب عن العميد ريمون إده أنه كان يقول إن «الشعب اللبناني مرِت (رديء) مرت مرت في اختيار قادته».
ربما ليس دائماً؛ لكن غالباً. على هذا الشعب أن يواجه يوماً، وهي أنه هو من يختار هذه الفئة من البشر، وهو من يسير خلفها، وهو الذي يضع سيادة بلده ومستقبل أولاده تحت أقدامها. وفي كل مرة هو من يعود ويندم ويبكي. نصف قرن وهو سائر خلف هؤلاء، يتقاتل ويتذابح ويفتقر، والآن يجوع في سبيلهم. ولن يعوا. هذا قدر وليس حالة عابرة. الجزر لا تشكل وطناً!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يندمون ولا يعون يندمون ولا يعون



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 15:46 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

يحمل هذا اليوم آفاقاً واسعة من الحب والأزدهار

GMT 16:39 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 06:18 2024 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

بايدن يهدد بتوجيه مزيد من الإجراءات ضد الحوثي في اليمن

GMT 05:12 2020 الثلاثاء ,14 إبريل / نيسان

التصميم الداخلي ليس جديدا إنما هو قديم قدم الزمان

GMT 19:25 2019 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

الداودي يدافع عن حمد الله بعد إبعاده عن الأسود

GMT 03:38 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

حقيقة سيارة مليونية كانت في "التشليح" في معرض الرياض

GMT 18:44 2019 الإثنين ,22 تموز / يوليو

محرز ينفي تعمده عدم السلام على رئيس وزراء مصر

GMT 08:37 2018 الجمعة ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على المنتجعات الشتوية الرائعة في اميركا الشمالية
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib