ترمب والصين وأنا

ترمب والصين وأنا

المغرب اليوم -

ترمب والصين وأنا

سمير عطاالله
سمير عطاالله

هناك بلد في هذا العالم، لا يعرف شيئاً عنه أحد، سوى ثلاثة: الرئيس ترمب، والصين، وأنا. وتبدو هذه المقدمة نوعاً من الإثارات الأهبلية في الصحافة الرخيصة، لكنها ليست كذلك. واسمحوا لي أن أشرح. أولاً، الرئيس ترمب: قبل انتهاء ولايته بقليل شاور رجل الأبراج الشهير في أركان البيت الأبيض في مسألة شراء غرينلاند، أكبر جزيرة في العالم. ثمة من أخبره بوجودها وأهميتها الاستراتيجية وثرواتها المعدنية الكامنة، وقال الرئيس فوراً: اشترينا. غير أن أحد المستشارين اعترض موضحاً: المسألة معقّدة فخامتك، فهذه تتمتع بالحكم الذاتي بعد استقلالها عن الدنمارك، ولا يمكن شراؤها ولا هي مطروحة في السوق العقارية. قال العقاري العالمي: ابحثوا عن طريقة. مليونا كيلومتر مربع فرصة لا تُفوّت.

تدخّل مستشار آخر: سيادتك، هذه كلها مساحة جليدية سماكتها 300 كيلومتر. وبقيت المسألة قيد البحث. لكن الاحتباس الحراري أرسل للمرة الأولى إشارات مقلقة. فقد هطلت بين 14 و16 أغسطس (آب) أمطار حجمها 7 مليارات طن. ولم يكن هذا شيئاً أمام ما فقدته عام 2019، أي 532 مليار طن من الجليد. وإذا ما استمر جليد غرينلاند في الذوبان، فقد يغمر العالم أجمع. لكن «معنا وقت»، ليس قبل مئات السنين.

ثانياً، الصين: في بحثها عن مساحات لشعبها وثروات الطاقة، تخطط هي أيضاً للوصول إليها.
ثالثاً، ثالث العارفين بأحوال وأوضاع غرينلاند، المحبّر: عام 1975 بدأت الحرب الأهلية في لبنان. وقبلها كانت الحملات الممهِّدة لها. وتلوثت مشاعر الناس. وانفضحت الأنفس المريضة. وخرج الأنذال بأقلامهم وأخلاقهم وحقائقهم. وأُصِبتُ باكتئاب عميق. وقررت أن هذا لم يعد بلدي ولا هؤلاء شعبي. ورحت أبحث عن مكان في هذه الكرة ليس فيه لبنانيون ويكون على أبعد نقطة من لبنان على وجه الأرض. ولمحت على آخر خريطة العالم بقعة بيضاء اسمها «غرينلاند»، وسكانها 58 ألف نسمة. وكما قال ترمب «اشترينا»، قلنا «سافرنا». لكنّ ذلك لم يكن سهلاً. واكتفينا من البعد عن لبنان بالسفر إلى كندا، حيث سماكة الجليد أقل من 300 كيلومتر، وحيث المهاجرون اللبنانيون أقرب إلى أهل الوطن الجديد.

أعاد الرئيس ترمب إلى الذاكرة بلاد الجليد الدائم، فيما نرى اللبنانيين يطلبون التأشيرات في أكبر موجة هجرة من تاريخهم المليء بالهجرات. وذلك المزاج القاتم اليائس الملبّد الذي جعلني أفكر في الهجرة إلى «غرينلاند» هو الذي يطْبق على الكثير من اللبنانيين اليوم. ألم يقل لهم رئيس الجمهورية إنهم ذاهبون إلى جهنم؟ هل تشكل حكومة الرئيس ميقاتي محطة أمل قبل الوصول فعلاً إلى جهنم؟ قد يشكّل هو مثل هذا الانفراج بما له من صفات، لكنّ نية الانهيار من حوله لم تتغير. وسوف يعاني الرجل من محن يومية، داخل الحكومة قبل خارجها. لقد وُلد لبنان بلداً هشاً سريع العطب، خالياً من المناعة. تخيَّل شعباً يفضل السفر إلى غرينلاند لكي يبتعد عن السياسيين الذين جعلوها أفضل من أرضه.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ترمب والصين وأنا ترمب والصين وأنا



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 04:12 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث الفلكية للأبراج هذا الأسبوع

GMT 10:33 2023 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المعدل الطبيعي لفيتامين "B12" وأعراض نقصه

GMT 22:42 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق الأسهم الأميركية يغلق على انخفاض

GMT 05:44 2022 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تراجع أسعار النفط في المعاملات المبكرة الجمعة

GMT 22:31 2022 الأحد ,19 حزيران / يونيو

المغرب يتسلم 4 طائرات أباتشي متطورة

GMT 14:42 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

والد صاحبه الفيديو الإباحي يخرج عن صمته و يتحدث عن ابنته

GMT 19:31 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 08:54 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رابطة حقوقية تدين احتلال إسبانيا لأراضٍ مغربية

GMT 03:10 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن أفضل 7 أماكن في جمهورية البوسنة والهرسك

GMT 07:59 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الرئيس الأميركي يعين مارك إسبر وزيرًا للدفاع
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib