عقد على غيابه جحش لا حمار الحكيم

عقد على غيابه: جحش (لا حمار) الحكيم

المغرب اليوم -

عقد على غيابه جحش لا حمار الحكيم

سمير عطاالله
سمير عطاالله

... بل ربما شارك التابعي في لقب سيد الحكائين. المعلم الأول في الحكاية المفصَّلة المستطردة، الأنيقة مثل أناقته، والأنيس في الحكاية القصيرة الحادة مثل حدّته، وأحياناً جعدة مثل شعره الأجعد. كان مؤنساً في الكتابة وفي الحضور. وعندما كنا نلتقي في مجلس الأمير عبد العزيز بن فهد، كان الأمير يقول له، هات يا أنيس حدّثنا. وكان أنيس أغنى من ألف ليلة وليلة، وكاشف أسرار وعارف بتحضير الأرواح. وذات مرة كان يروي لي كيف دخل إلى مكتبه وشاهد فيه زائراً لا يعرفه، حيّاه، ثم خلع سترته يريد أن يعلقها بالمشجب، ولما استدار كان الزائر اختفى. وعندما سألته ألم يعرف من هو، أجاب متبرماً، الجنّي.

كان هيكل يرسم الرجال بالتفاصيل المسهبة، وأنيس يرسمهم بالقطرات. أو بالرشقات. يحكي ويمضي، ليس أهم عنده سوى العمل الصحافي. أغضب أم أفرح، هكذا كان هيكل: الصحافة أولاً، غضب من غضب ورضي من رضي. بهاء كان العكس: أولاً رضا الله وكرامة الناس، والصحافة ليست في أهمية المشاعر والمودات.

هيكل كان يرسم الناس بالزيت. كل التفاصيل والألوان والعشب والمروج وفي خلفية الصورة سيارة أو باخرة. وبهاء كان يحدِّث صاحب الصورة باحترام وعمق. وأنيس كان يخدم دائماً ريشة رسام الكاريكاتور: فقط خط الملامح ثم إبراز النافر منها.

في الوجوه التي رسمها أنيس، كان هناك دائماً إضافة إلى ما هو معروف. كل الناس كانت تعرف أن توفيق الحكيم كان فائق البخل. فقط مع أنيس نعرف إلى أي مدى. ووحده يروي أنه ترافق مع الحكيم لحضور فيلم. اشترى الحكيم تذكرة لنفسه ودخل الصالة، تاركاً ضيفه في الخارج. ومن أنيس نعرف أن الحكيم المشهور بحب الحمير اشترى جحشاً من أحد المعارض ووضعه في حديقة «الأهرام». إلى أن عثر على مكان له.

ها ها ها. تلك علامة التعجب التي يرددها في حكاياته. وخصوصاً، على لسان الرئيس السادات. وحكاية اغتيال الرئيس على منصة 6 أكتوبر (تشرين الأول) لم تستغرق أكثر من زاويته اليومية في «الأهرام». فقد روى أن الرئيس اتصل به صباح ذلك اليوم وسأله إن كان قادماً لحضور العرض العسكري. فاعتذر، لكنه كرر ما كان يقوله له منذ أيام، هو والسيدة جيهان: لا تنسَ الصديرية المضادة للرصاص يا ريّس! بهذا الأسلوب الدرامي وكلمات قليلة، يروي أقرب الصحافيين إلى أنور السادات، قصة تلك المنصة الدامية في تاريخ مصر.

وأنيس منصور فقط يسمح لنفسه أن يروي أن العقاد قال له عن عبد الرحمن بدوي إنه جاهل. فلما اعترض تلميذه ومريده، قال له «بل هو حمار». ولم يستطع أنيس أن يجيب بشيء. فالعقاد أستاذه أيضاً. وهو كل أسبوع في «صالونه» يدّون عبقريات الأحاديث التي صدرت في أشهر كتبه «في صالون العقاد».

تقرأ في كتابات أنيس عن شخصيات مصر ما لا تقرأه عند سواه. في السياسة وفي الأدب وفي الفلسفة. وتقرأ كاتباً عشق القراءة وأحب الكتابة. وتطلع إلى مصر من كل النوافذ، علّها في نهاية الأمر، يكون لها أهمية بلدته، المنصورة.
إلى اللقاء...

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عقد على غيابه جحش لا حمار الحكيم عقد على غيابه جحش لا حمار الحكيم



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 04:12 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث الفلكية للأبراج هذا الأسبوع

GMT 10:33 2023 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المعدل الطبيعي لفيتامين "B12" وأعراض نقصه

GMT 22:42 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق الأسهم الأميركية يغلق على انخفاض

GMT 05:44 2022 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تراجع أسعار النفط في المعاملات المبكرة الجمعة

GMT 22:31 2022 الأحد ,19 حزيران / يونيو

المغرب يتسلم 4 طائرات أباتشي متطورة

GMT 14:42 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

والد صاحبه الفيديو الإباحي يخرج عن صمته و يتحدث عن ابنته

GMT 19:31 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 08:54 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رابطة حقوقية تدين احتلال إسبانيا لأراضٍ مغربية

GMT 03:10 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن أفضل 7 أماكن في جمهورية البوسنة والهرسك

GMT 07:59 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الرئيس الأميركي يعين مارك إسبر وزيرًا للدفاع
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib