مجرداً من عصاه

مجرداً من عصاه

المغرب اليوم -

مجرداً من عصاه

سمير عطاالله
بقلم : سمير عطاالله

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية انتشرت المشاهد الحزبية في كل مكان. في فرنسا تصدر مشهد النساء اللواتي حلق شعر رؤوسهنّ بتهمة التعامل مع جنود الاحتلال النازي. وأصبحن إذا خرجن في الشارع تلاحقهنّ هتافات العار ونظرات الاستنكار.المحكمة الجنائية الدولية تذكّرنا بعقوبة الرؤوس الحليقة. إنها لا تملك قوة عسكرية، لكنها تملك قوة التشهير باسم القانون والعدالة. تلك القوة المعنوية التي تنتقم للضعفاء والمظلومين، وخلافاً لغيرها من المحاكم، يفقد المتهم حصانته وسمعته بمجرد توجيه التهمة إليه. لا لزوم لانتظار المحكمة ومداولات القضاء، فالملفات مليئة بالأدلّة والعالم بأجمعه شاهد على المجازر الجماعية التي ارتكبها.

مجرد إثبات في أدراج التاريخ، مع أن أحداً لا يتّعظ به. التاريخ. عندما صدرت مذكرة المحكمة الجنائية الدولية في حق عمر البشير، حمل عصاه وطار في سماء الدول ملعلعاً: ها أنذا أمامكم، تجرأوا على اعتقالي. كان يعرف أن المحكمة لا شركة قضائية لديها، وأن الدول التي تستضيفه لا تريد المشاكل مع أحد. حمل العصا ومشى، غافلاً عن القوّة الأهم: الشعب السوداني.
جرّد السودانيون المشير من عصاه، وضبط الصناديق التي يخبئ فيها شتى أنواع النقد. وراحت القوات العسكرية تطارد حسابات وشركات زوجته وإخوتها كما حدث في تونس. وأدرك المشير، متأخراً، أنه كانت هناك مخارج ونهايات أفضل قليلاً.

في هذه الدراميات القائمة من ثلاثة عقود، كان لا بد من فصل أخير يلي الفصول السابقة: المشير حليفاً للزعيم الإخواني الآخر حسن الترابي، المشير عدواً له يرسله إلى السجن. المشير يأمر الجنجويد بتهجير أهل دارفور وقتل من يبقى. المشير يخسر جنوب السودان بلا خجل. المشير يوزع زعماء السودان بين السجون والإقامة الجبرية أو المنفى.

حدث في الخرطوم ما هو أقسى من عقوبة حلق الشعر بعد الهزيمة: ابنة السجين السياسي الأكثر شهرة وتنقلاً بين المعتقلات، مريم الصادق المهدي، وزيرة الخارجية، تعلن موافقة الخرطوم على تسليم عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية.

سوف يمثل من دون عصاه. «الأسلحة» البيضاء ممنوعة داخل المحكمة. والأخرى أيضاً، بداية الفصل الأخير من الحكم بالعقل الانقلابي وذلك المفهوم الراقي للحكم والعلاقات الدولية: العصا والجنجويد و«كارلوس». حكم المغامر خارج التقاليد والأعراف والألفة السودانية التي مزقها العسكريون. وخارج القانون، دولياً أو محلياً. الآن القضية أمام القانون الدولي. ولا حاجة لانتظار الحكم. لكن مجموعة كبرى من السودانيين التاريخيين تنتظره. فقط للثأر من العبث بالقانون والوحدة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مجرداً من عصاه مجرداً من عصاه



النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 04:12 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث الفلكية للأبراج هذا الأسبوع

GMT 10:33 2023 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المعدل الطبيعي لفيتامين "B12" وأعراض نقصه

GMT 22:42 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق الأسهم الأميركية يغلق على انخفاض

GMT 05:44 2022 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تراجع أسعار النفط في المعاملات المبكرة الجمعة

GMT 22:31 2022 الأحد ,19 حزيران / يونيو

المغرب يتسلم 4 طائرات أباتشي متطورة

GMT 14:42 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

والد صاحبه الفيديو الإباحي يخرج عن صمته و يتحدث عن ابنته

GMT 19:31 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 08:54 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رابطة حقوقية تدين احتلال إسبانيا لأراضٍ مغربية

GMT 03:10 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن أفضل 7 أماكن في جمهورية البوسنة والهرسك

GMT 07:59 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الرئيس الأميركي يعين مارك إسبر وزيرًا للدفاع
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib