المرة المقبلة تذكر المؤلف لا البطل

المرة المقبلة تذكر المؤلف... لا البطل

المغرب اليوم -

المرة المقبلة تذكر المؤلف لا البطل

سمير عطاالله
سمير عطاالله

معظم الصحف والمجلات الكبرى في الغرب تقيم قسماً خاصاً لـ«المدققين». لا مقال يُنشر من دون أن تُحال الأرقام والتواريخ والاستشهادات الواردة فيه، إلى «مدقق الحقائق». لم تتمكن الصحافة العربية من إنشاء مثل هذه الأقسام لأسباب مالية، لكنها اعتمدت في المراجعة، لغوية أو معلومات أو أخلاقيات، على أكفاء في سكرتارية التحرير ومديرية التحرير، وظل الاعتماد الأهم على المحرر، أو الكاتب نفسه. إنها مسؤوليته – وسمعته – أولاً. كل غلط في نهاية المطاف يعود إليه، سواء أمام الجريدة أو أمام قرائها.

أشرت هنا غير مرة، إلى أن «مدير التحرير» الأسطوري في هذا المجال، كان، ولا يزال، الأستاذ فرنسوا عقل في «النهار»، حيث يعمل منذ 1963. إذ تخرج من مدرسته في الدقة والمهنية والحرص اللغوي زملاء كثر، ألمعهم نائب رئيس التحرير العزيز فيها.

كانت أصوليات «المدير» مثار جدل وانقسامات واعتراضات. وكنت يومها في الفريق المعترض والمعارض. فماذا سيحدث للغة إذا قلنا «كافة النساء بدل النساء كافة»، أو إذا كتبنا «أحال إلى بدل أحال على»، أو «الفرقاء بدل الأفرقاء»؟ هل اللغة شيء جامد غير قابل للتحسين والتطور وحتى التغيير؟ إن اللغة تغير نفسها وتعدل معانيها، لكنها أيضاً تحمي جوهرها وتقلم مثاقلها وتصوب أحياناً في تعقيد البلاغة من أجل بلاغة البساطة.

عاماً بعد عام، كنت أزداد تقديراً «للمدير» وإعجاباً به. وأفلحت مدرسته في «النهار» وصار له مقلدون. لكن كفاءته الاستثنائية لم تتوقف عند اللغة، بل شملت كل شيء آخر. الأسماء، العلم والتواريخ والمغالاة وأدبيات الصحافة وتسخير الجريدة لغايات خاصة، أو حماسات شخصية. الجريدة كل، وأي بقعة صغيرة تبقعها.

قرأت لعميد الأدب العربي طه حسين مقالاً في مجموعته بعنوان «الكابيتان ميخائيلدس» لعله نشر في «الجمهورية»، لأنه لا إشارة إلى تاريخ النشر، ولا إلى مكانه. مقال جميل مطول مفصل يلخص فيه العميد رواية لكاتب يوناني. من هو هذا الكاتب الذي يدهش طه حسين؟ لا ذكر له في المقالة. إنه فقط اسم بطل الرواية. أما العنوان فمختلف تماماً. إنه «الحرية أو الموت» وهو لأشهر كتاب اليونان المعاصرين، نيكوس كازانتزاكيس. لكن كيف نعرف ذلك؟ لا نعرف ذلك. لأن فرنسوا عقل كان غائباً، وإلا، لما سمح حتى لطه حسين بمثل هذه الهفوة. الدقة فرض، لا هِمة.

 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المرة المقبلة تذكر المؤلف لا البطل المرة المقبلة تذكر المؤلف لا البطل



GMT 19:25 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

السلاح الذي دمّر غزّة… ويهدد لبنان!

GMT 19:17 2025 الأربعاء ,07 أيار / مايو

«الكونكلاف» والبابوية... نظرة تاريخية

GMT 15:22 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا الجديدة ومسارات التكيّف والتطويع

GMT 15:16 2025 الجمعة ,02 أيار / مايو

سوريا و«حِفظ الإخوان»

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:50 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 21:08 2019 الجمعة ,06 أيلول / سبتمبر

الأحداث المشجعة تدفعك?إلى?الأمام?وتنسيك?الماضي

GMT 03:15 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نجاة ممثل كوميدي شهير من محاولة اغتيال وسط بغداد العراقية

GMT 08:02 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

آرسين فينغر الأقرب لتدريب ميلان خلفًا لغاتوزو

GMT 04:11 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

صابرين سعيدة بـ"الجماعة" وتكريمها بجائزة دير جيست

GMT 14:57 2017 الثلاثاء ,19 كانون الأول / ديسمبر

عمرو الليثي يستضيف مدحت صالح في "بوضوح" الأربعاء

GMT 14:14 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

المدن المغربية تسجّل أعلى نسبة أمطار متساقطة خلال 24 ساعة

GMT 03:21 2017 الجمعة ,20 كانون الثاني / يناير

ظروف مشحونة ترافق الميزان ويشهد فترات متقلبة وضاغطة

GMT 06:15 2017 الجمعة ,24 آذار/ مارس

ورم الكتابة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib