الرجاء ترك رسالة

الرجاء ترك رسالة

المغرب اليوم -

الرجاء ترك رسالة

سمير عطاالله
سمير عطاالله

إحدى أهم الوظائف في الحروب لم تكن الدبابات ولا المدافع. كانت البريد. وليس بريد الحمام الزاجل الذي ينقل الرسائل السرية القصيرة من جبهة إلى أخرى. بل الرسائل المطولة المليئة بالمشاعر ولواعج الشوق وكيف تمضي الأيام والليالي في المعارك.اكتشف نابليون، الذي قاد من المعارك أضعاف سواه، أنه من أجل إبقاء معنويات ضباطه وجنوده مرتفعة، يجب أن يؤمن لهم على الدوام صلتهم بأهلهم وأحبائهم. فالكثيرون منهم كانوا قد جاءوا إلى هذه البلدان البعيدة رغماً عنهم، في أي حال، دون رغبة أو حماس. والعلاقات العاطفية الوحيدة في حياتهم أصبحت بعيدة عنهم في المنازل والقرى والمدن.

لذلك أعطى الأهمية الأولى لإيصال آلاف الرسائل التي يكتبها، أو يتلقاها العسكريون. والغريب أن تلك الرسائل كانت تعبر الجبال والبحار والثلوج. وتصل إلى أصحابها. وكان لسلاح البحرية وجميع الفرق الأخرى، دائرة بريد خاصة تؤمن انتظام العمل. ولا داعي للقول إنها كانت خدمة مجانية. كما لا داعي للتذكير بأنه فيما كانت جيوش نابليون تجتاح أوروبا، كانت عملية البريد صعبة ومعقدة، إضافة إلى كونها باهظة التكاليف.

وفقاً لمفكرة متطوع في السادسة عشرة من العمر، فإن فرقته قطعت بين 20 مايو (أيار) و26 ديسمبر (كانون الأول) عام 1796 مسافة 1432 كيلومتراً، مرة بمعدل 8 كيلومترات في اليوم، ومرة بمعدل 48. ومع ذلك بقيت عملية البريد قائمة بنجاح. مسكين العسكري الذي ليس له من يراسله. وبعضهم كان يطلب من أصدقائه ومعارفه أن يبعثوا إليه برسائل فارغة وعناوين متخيلة، لكي لا يبدو حزيناً أمام رفاقه.

وكانت الأفلام التي صورتها هوليوود في الخمسينات والستينات مليئة بهذه المشاهد الرومانسية المؤثرة. ولعب «البريد» دوراً مهماً في الحياة الأدبية. وتحولت بعض المراسلات بين الأدباء إلى مؤلفات أو وثائق بيوغرافية تروي حياة أصحابها، أو تنقل أفكارهم. ولا شك أن بعضها كان أيضاً ضحلاً لا يكشف شيئاً سوى تاريخ الإرسال أو اسم المرسل أو تاريخ طابع البريد.
كل اختراع جديد ألغى قطعة من تاريخ البريد. الطائرة ألغت البريد البحري. والسيارة ألغت البريد البري. والهاتف ألغى الكثير من رسائل الأهل أو العشاق. ثم جاء الفاكس فصارت الرسائل فورية. ثم الجوال، فصارت نصية، ثم «الواتساب» فصارت فيلماً مصوراً.مثل كل شيء مضى، ضم عصر البريد «الزمن الجميل». أي الذي لم يعد موجوداً ولا موعوداً. والذين لحقوا أغنية «البوسطجية اشتكوا من كتر مراسيلي» يحيلون السيدة الشاكية الآن على «الأنسرينغ ماشين»: «رجاء ترك رسالة، وسوف نتصل بكم فيما بعد».

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرجاء ترك رسالة الرجاء ترك رسالة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 04:12 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث الفلكية للأبراج هذا الأسبوع

GMT 10:33 2023 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المعدل الطبيعي لفيتامين "B12" وأعراض نقصه

GMT 22:42 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق الأسهم الأميركية يغلق على انخفاض

GMT 05:44 2022 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تراجع أسعار النفط في المعاملات المبكرة الجمعة

GMT 22:31 2022 الأحد ,19 حزيران / يونيو

المغرب يتسلم 4 طائرات أباتشي متطورة

GMT 14:42 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

والد صاحبه الفيديو الإباحي يخرج عن صمته و يتحدث عن ابنته

GMT 19:31 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 08:54 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رابطة حقوقية تدين احتلال إسبانيا لأراضٍ مغربية

GMT 03:10 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن أفضل 7 أماكن في جمهورية البوسنة والهرسك

GMT 07:59 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الرئيس الأميركي يعين مارك إسبر وزيرًا للدفاع
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib