شركة غير مساهمة

شركة غير مساهمة

المغرب اليوم -

شركة غير مساهمة

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

أرهق حكم البشير السودان واستنزف طاقاته وثرواته وصداقاته. وفي عهده المستطرد فتح أبواب الخرطوم السياسية أمام أي تيار يقرع بابها، من كارلوس الفنزويلّي إلى الدكتور إكواتور.
وفي رئاسته وسياسته انفصل الجنوب، وسلَّمت حرب كردفان إلى الجنجاويد. وساءت العلاقة مع مصر إلى أسوأ نقطة في تاريخها. ودخل كبار السودانيين المحترمين السجون. وعُزل السودان في العلاقة الدولية، وأصبح وحيداً على نحو غير مسبوق.
إطاحته فرضت تسوية غير مألوفة أيضاً: تقاسم الحكم بين المدنيين والعسكر. بين الثكنة والمدينة. بين عقلية السلاح وعقلية التأمل والتفكير. الثكنة أوامر والمدينة نقاش.
مع ذلك كان الاتفاق تمهيداً جيداً للعودة إلى الحياة الدستورية والخروج من الثكنة، على أن تعود الحياة المدنيّة شيئاً فشيئاً. حلم من الأحلام لا هو جميل ولا هو دستوري، عُقد بين فريقين لا يلتقيان. واحد يعزف السياسة على الكمان، وواحد يشرحها بالمسدس. بدأت الخناقات منذ اليوم الأول. واستقال المدنيون وعادوا إلى بيوتهم. وظل العسكريون في الثياب المرقطة. مرقطة على مَن وضد مَن؟ الجيوش العربية وحدها في العالم ترتدي الثياب المرقطة، وهي لا تخوض حرباً واحدة. ثم بعد قليل حصل المتوقع: لم يعد للمدنيين سوى الشارع يجتمعون فيه على شراكة أفلست منذ اليوم الأول.
هناك ما هو أهم وأجدى بكثير من صور المظاهرات اليومية في السودان. هناك الحل الطبيعي العادي المألوف منذ التاريخ: أن يعود كل فريق إلى مكانه: المدنيون إلى السلطة السياسية، والعسكريون إلى الثكنات باللباس الرسمي المريح للنظر. لباس عسكري رسمي يُطمئن الناس ويُشعرهم بأن مهمته لتنفيذ الإرادة السياسية وأداء خدمته. وعندما تنتهي هذه الخدمة حسب القانون، يسلم سيفه ويذهب إلى التقاعد مثل جميع الأمم.
أما أنه يأخذ العسكرية ثم ينقضّ على السياسة، فهذا إخلال بالقَسَم العسكري ونقضٌ للشرف المدني واعتداء سافر على النظامين. دمّرت هذه الازدواجية دولاً وأمماً وشعوباً في دول كثيرة، ونجحت في نماذج قليلة. ولم تدخل أميركا اللاتينية نظام الحياة الطبيعية إلاّ بعدما انتهت مجازر الأرجنتين والتشيلي وغيرهما. وترك العسكريون جروحاً في البلدان المصابة لن تندمل لكثرة ما سجلت في آدابها.
ليس أمراً طبيعياً أو قانونياً أو مقبولاً استغلال القوة العسكرية للوصول إلى سلطة مناقضة تماماً. الحل في السودان عقد حقيقي وتفاهم طبيعي بين الجيش والسلطات، مع الإبقاء على جميع المؤسسات المدنية القائمة. آن للسودان أن يعود إلى دوره الريادي والاستقرار والخروج من المتاهات.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شركة غير مساهمة شركة غير مساهمة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:50 2021 الخميس ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أولمبيك خريبكة يحقق "الريمونتادا" أمام النهضة البركانية

GMT 05:07 2017 الثلاثاء ,15 آب / أغسطس

أطروحة سيئة الذكر

GMT 11:15 2022 السبت ,11 حزيران / يونيو

أفضل الفنادق الفاخرة في باريس

GMT 14:45 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

رسميًا تشيلسي يعلن تعاقده مع إدوارد ميندي

GMT 19:59 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

قلق في الحسنية بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة أنييمبا

GMT 10:52 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

الملكة إليزابيث تستدعي حفيدها لاجتماع أزمة

GMT 15:40 2019 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

العثور على أفعى كوبرا برأسين في مدينة هندية

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات والمغرب يبحثان تحضيرات "إكسبو 2020"

GMT 18:31 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

سعيد الصديقي يعترف بتراجع مستوى يوسفية برشيد

GMT 13:26 2019 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة فعالة لتنظيف السيراميك باركيه

GMT 16:06 2016 الأربعاء ,17 شباط / فبراير

مجموعة إيلي صعب Elie Saab خريف 2016

GMT 23:21 2019 الخميس ,03 كانون الثاني / يناير

ننشر تطورات مُثيرة بشأن صورة "ماء العينين"
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib