هل الإسكندر تجليطة «بطولات وفتوحات»

هل الإسكندر تجليطة؟: «بطولات وفتوحات»

المغرب اليوم -

هل الإسكندر تجليطة «بطولات وفتوحات»

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

رغم أن بعض العلماء يعتبرون الإسكندر «بلطجياً شاباً وسكيراً؟»، يبدو أنه كان يتمتع بحسٍّ دقيق فيما يتعلق بالتعامل مع الأراضي التي فتحها حديثاً وشعوبها. فهو غالباً ما كان ليّناً في كل ما يخص المعتقدات الدينيّة والممارسات المحليّة، مظهراً عن حسن نيّة واحترام. على سبيل المثال، يحكى أنه استاء للطريقة التي انتُهكت بها حرمة قبر كورش الكبير، فلم يرمم القبر وحسب، بل عاقب أيضاً الذين دنّسوه. وحرص الإسكندر على إقامة تشييعٍ يليق بمقام داريوس الثالث، وعلى دفنه إلى جانب القواد الفارسيين الآخرين، عقب العثور على جثمانه مرميّاً في مركبة بعد أن اغتاله أحد ضبّاطه.
وكان الإسكندر قادراً على ضم المزيد من الأراضي إلى سيطرته؛ لأنه كان مستعداً للاتكال على النخب المحلية. ويُنقل عن لسانه أنه «لم يرد أن يمر بآسيا وحسب، بل أن يمسكها»؛ لذا قال «يجب أن نقابل هؤلاء الناس بالرأفة؛ لأن وفاءهم هو ما سيجعل إمبراطوريتنا مستقرة ومستدامة». وكان يترك الرسميين المحلّيين، ونخب المسنين في مكانهم لإدارة المدن والأراضي التي يغزوها، وحتّى إنه اعتمد الألقاب التقليدية وارتدى الثياب الفارسيّة ليظهر قبوله العادات المحليّة. وكان حريصاً على الظهور بصورة بعيدة عن صورة الغازي الفاتح، وأقرب إلى وريثٍ لمملكة قديمة، رغم أصوات بعض الساخرين الذين كانوا ينادون بأنه «لم يجلب سوى البؤس للأرض التي أشبعها دماً».
ويذكر أن معظم المعلومات التي وصلت إلينا عن حملات الإسكندر ونجاحاته وسياساته تحدّرت من المؤرِّخين اللاحقين الذين غالباً ما كانوا يعظّمون القائد الشاب وبطولاته ويخبرون عنها بحماس. ورغم ذلك، وإن وجب علينا التريث حول الطريقة التي نقلت بها المصادر إلينا سقوط الإمبراطورية الفارسية، فإن السرعة التي كان الإسكندر يوسّع فيها حدود حكمه شرقاً تتكلّم عن نفسها. فهو كان يؤسس مدناً جديدة باندفاع، تحمل عادة اسمه، ولكنها تُعرف اليوم بأسماء أخرى، مثل «هرات» (الإسكندرية في آرية)، وقندهار (الإسكندرية في أراشوسيا)، وباغرام (الإسكندرية في القوقاز). إنَّ بناء هذه النقاط الاستراتيجية وتعزيز نقاط أخرى شمالاً وامتداداً إلى وادي فرغانة، رسم خطاً جديداً طوال عمود آسيا الفقري.
إن بناء المدن المتمتعة بالقوى الدفاعيّة الكبيرة والحصون والقلاع، هدفه أولاً الدفاع ضد الخطر الذي تشكّله قبائل السهوب البارعة بشنّ الهجومات الكاسحة. وبالتالي، كان برنامج الإسكندر التحصيني مصمماً لحماية المناطق الجديدة التي تم فتحها أخيراً. وفي هذا الوقت تحديداً، تجاوب بالطريقة عينها مع التهديدات المماثلة في منطقة الشرق. وكان الصينيّون قد طوّروا مفهوم «هواشيا»، ممثلين من خلاله العالم الحضاريّ؛ بهدف التصدّي لتحدّيات سكان السهوب. ومن ثم، وسّع مخطط البناء المكثّف شبكة التحصين إلى ما أصبح معروفاً بسور الصين العظيم، تبعاً لمبدأ الإسكندر نفسه، ألا وهو أنّ التوسّع من دون دفاع لا يجدي أي نفع.
إلى اللقاء...

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل الإسكندر تجليطة «بطولات وفتوحات» هل الإسكندر تجليطة «بطولات وفتوحات»



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

سيرين عبد النور تتألق بمجوهرات فاخرة وأزياء أنيقة في مختلف المناسبات

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 23:03 2019 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

محمد السادس يترأس مجلسًا وزاريًا بالقصر الملكي في الرباط

GMT 09:00 2019 الثلاثاء ,30 إبريل / نيسان

كيندال جينير تلهمكِ إطلالة مسائية جريئة

GMT 03:49 2018 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

مسيرة سلمية للسيطرة على الاحتباس الحراري في بلجيكا

GMT 07:23 2018 الجمعة ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تكدس نفايات البلاستيك في اليابان بعد حظر الصين استيرادها

GMT 07:00 2018 الأربعاء ,10 تشرين الأول / أكتوبر

وسائل التواصل الاجتماعي تثير الشعور بالغيرة من الآخرين

GMT 01:22 2018 الإثنين ,01 تشرين الأول / أكتوبر

شريفة أبو الفتوح تبيّن أن الجيلي يضر بصحة الطفل

GMT 10:17 2018 الثلاثاء ,18 أيلول / سبتمبر

" La Reserva Club " الشاطئ الخاص الوحيد في إسبانيا

GMT 00:43 2018 الثلاثاء ,15 أيار / مايو

فخر يطالب بالالتفاف حول خريبكة لتحسين نتائجه

GMT 10:21 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

أغلى الرجال فيلم جديد عن حياة الزعيم جمال عبد الناصر

GMT 10:35 2018 الخميس ,25 كانون الثاني / يناير

نادال يتعرَّض لإصابة في الركبة تغيبه عن الملاعب 3 أسابيع

GMT 10:10 2017 الأربعاء ,27 كانون الأول / ديسمبر

"تجرّأ" مبادرة شبابية للرقص في شوارع مدينة اللاذقية

GMT 05:56 2017 الخميس ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

فنانون يتقدمون بشكوى لحكومة العثماني ضد مخرج معروف

GMT 10:41 2012 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ديفيد يطلق مجموعة جديدة

GMT 04:50 2017 الأحد ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

افتتاح أكاديمية الرجاء البيضاوي لكرة القدم آذار المقبل
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib