حروب الصحافيين

حروب الصحافيين

المغرب اليوم -

حروب الصحافيين

سمير عطاالله
سمير عطاالله

كان كبير العرب يقول إن الصحافيين يستسهلون ذم جميع الناس، وإذا ما انتقدهم أحد، أو شكا من افتراء أحد، أقاموا الدنيا وأقعدوها. وكانت حروب الصحافيين فيما بينهم كثيرة، كما كانت الأكثر حدة وقساوة، وأحياناً بذاءة وردحاً.وأقصد هنا الصحافة «الشرعية»، أي «المسؤولة»، وليست المطبوعات الموسمية الصادرة بهدف الابتزاز والشتم والتهديد والاستخدامات الأخرى. وهذه تنمو كما ينمو الفطر السام إلى جانب الفطر الطبيعي، يحذر ولا يُقرب، ويختفي في غفلة كما ظهر. لكن حتى في الصحافة «الشرعية» نفسها، كانت المعارك مستويات، لمعات ذكية أو حجارة، سخرية أو فطنة، أو بدائية وثقل دماء. حدود بلا حدود. ضمن «قانون المطبوعات»، أو خروجاً عن كل قانون. ثمة حروب قامت وغطاها غبار السنين، ومنها ما بقي في ذاكرة المهنة، يتناقله أهلها الجدد، على أنه جزء من آدابها وتراثها.إحدى أشهر تلك «المعارك» كانت من جانب واحد بين عميد «دار الصياد» وعميد الفطنة الساخرة سعيد فريحة، وبين الصحافي المقدسي ناصر الدين النشاشيبي. كان سعيد فريحة بارعاً وتلقائياً في صنع الصداقات، وكانت للنشاشيبي موهبة فائقة في صنع الخصومات والعداوات، في مرارة وقسوة. وكانت صداقاته لا تدوم أكثر من «مشوار الطريق» وعداواته بقيت، رحمه الله، من بعده.

كان سعيد فريحة صاحب موهبة نادرة ورجلاً متواضعاً، يشير إلى نفسه باسم «غريب الديار»، وكان النشاشيبي بلا موهبة خاصة أو حب للمهنة التي قال إنه «احترفها» بلا رغبة أو هوى. وفيما كان فريحة يكتب في «جعبته» الأسبوعية الجزلة عن حياة شاقة في اليتم والجوع والضنك، كان النشاشيبي يشير إلى نفسه بـ«الأستاذ الكبير»، ويتحدث دائماً عن تاريخ عائلته وعن خاله إسعاف النشاشيبي، أحد لغويي المرحلة. وبدأ ناصر حياته مديراً لإذاعة «شرق الأردن» مع الملك عبد الله الأول، ثم انتقل إلى مصر وأصبح ناصرياً ورئيس تحرير جريدة «الجمهورية»، ثم اختلف مع الناصرية ومع زوجته السيدة علياء الصلح، فعادت هي إلى بيروت وذهب إلى جنيف لينطلق منها مجدداً إلى حياة الشتات والتشتت.

وبعد فقدان فلسطين، جاء افتراق العائلة. وازدادت المرارة غضباً. وكان سعيد فريحة صديقاً للزعيم رياض الصلح، والد علياء. وكان هذا سبباً كافياً لأن يضمه ناصر إلى لائحة الأعداء. لكن من الأسباب الأخرى أيضاً أن فريحة كان صديقاً لعلي ومصطفى أمين، ومحمد حسنين هيكل. وهؤلاء كانوا أيضاً أصدقاء ناصر، وناصر لم يطق أن ينافسه «صبي الحلاق» السابق صداقاته، أصبح من أعلام صحافة العرب، ولم يكن يترك مناسبة إلا و«يلطش» صاحب «الجعبة» من دون أن يسميه. ولم يكن الرجل الكبير. أولاً لأنه لم يكن يملك الوقت، وثانياً لأنه كان يكره الغضب، لأنه إذا ما غضب، الويل لمن تجرأ على ذلك.

العام 1975 أصدر النشاشيبي واحداً من أفضل كتبه، أو أفضلها إطلاقاً، بعنوان «الحبر أسود... أسود» ووضع للكتاب مقدمة يتعالى فيها على الصحافة والصحافيين والسياسيين وسائر خلق الله. وأراد أن يصل الكتاب إلى القراء والمقدمة إلى الزملاء، فأرسل نسخة من كتابه الجديد إلى سعيد فريحة.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حروب الصحافيين حروب الصحافيين



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم
المغرب اليوم - 6 طرق بسيطة للحفاظ على صحة المفاصل ومرونتها

GMT 04:12 2019 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أبرز الأحداث الفلكية للأبراج هذا الأسبوع

GMT 10:33 2023 الإثنين ,04 كانون الأول / ديسمبر

تعرّف على المعدل الطبيعي لفيتامين "B12" وأعراض نقصه

GMT 22:42 2022 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

سوق الأسهم الأميركية يغلق على انخفاض

GMT 05:44 2022 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تراجع أسعار النفط في المعاملات المبكرة الجمعة

GMT 22:31 2022 الأحد ,19 حزيران / يونيو

المغرب يتسلم 4 طائرات أباتشي متطورة

GMT 14:42 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

والد صاحبه الفيديو الإباحي يخرج عن صمته و يتحدث عن ابنته

GMT 19:31 2020 الإثنين ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تحمل إليك الأيام المقبلة تأثيرات ثقيلة

GMT 08:54 2019 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

رابطة حقوقية تدين احتلال إسبانيا لأراضٍ مغربية

GMT 03:10 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

الكشف عن أفضل 7 أماكن في جمهورية البوسنة والهرسك

GMT 07:59 2019 السبت ,22 حزيران / يونيو

الرئيس الأميركي يعين مارك إسبر وزيرًا للدفاع
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib