«كتاب القلق»

«كتاب القلق»

المغرب اليوم -

«كتاب القلق»

سمير عطاالله
سمير عطاالله

في كل يوم من تلك الأيام، كان عليك أن تسمع شيئاً عن الاتحاد السوفياتي، المارد في الفضاء. كلبته «لايكا» تتسلى بمشهد الأرض من قمرتها. موسم القمح رديء. الجيش السوفياتي يزحف على براغ. تجربة نووية في بايكال. من اليوشن 17 إلى اليوشن 19. من سوخوي 23 إلى سوخوي 25. مهرجان الشبيبة في هنغاريا، كان لا بد للعالم من أن يُعتصر في حرب إعلامية كاسرة. الغرب ضد الشرق. الرأسمالية ضد الشيوعية. الإلحاد ضد الإيمان.

كانت الصين غائبة عن الأخبار إلا إذا قامت «ثورة ثقافية» أهلكت مليوني إنسان. أو ذهب ريتشارد نيكسون وهنري كيسنجر إلى بكين للقاء التشرمان ماو. منذ عقدين لم يعد يمر يوم في حياتنا لا نسمع فيه شيئاً عن الصين. بعكس الاتحاد السوفياتي الذي كان يخوض حربه الإعلامية بصحف رديئة الورق والطباعة والتحرير، تخوضها الصين بقنوات تلفزيونية سخية وصحف عالية المهنية، وبعكس الأسلاف السوفيات يتقن روس اليوم العمل التلفزيوني وإصدار الصحف، حتى المعارضة منها.

لكن الأعجوبة نفسها لا تزال في الصين. هنا يدير الحزب الشيوعي واحداً من أكبر الاقتصادات في التاريخ. وشركة «علي بابا» التي أسسها جاك ما و17 من أصدقائه 1999 فيها الآن 300 ألف موظف، ودخلها الصافي 869 مليار دولار. هل رأيت لماذا لا يكف المستر بايدن عن الحديث عن قلقه من التنين الذي خرج من قاع البحر إلى سطح الكوكب بجميع أطرافه؟ أي أطراف التنين وأطراف الكوكب. كل يوم هناك شيء عن الصين. أذكر يوم كان الخبر الأهم القادم من بكين، فرار زوجة ماو مع وزير دفاعه، لي بيان يو. ثم خبر إعدامه. وفيما كانت الصين في هذا السبات، كان العارفون يحذرون من يوم يستيقظ المارد. أفاق ولم يعرف كيف ينام. ولا عاد العارفون يعرفون شيئاً عن نتائج سباق الحواجز بين أميركا والتنين في مراحله الأخيرة. يوم يهتز العالم لأن الصين تحرك جيوشها الجديدة ومشاعرها القديمة، ويوم يرتجف لأن في إمكانها زعزعة أسواق الرأسمالية.

لا داعي للمراهنة على أن العالم كله قلق، خصوماً وحلفاء. من أجمل العناوين التي حفظتها «كتاب القلق» لشاعر البرتغال المسحور، فرناندو بيسوا. الرجل الذي كتب تحت 75 اسماً مستعاراً، صور الحياة البشرية برمتها على أنها حياة في القلق. دول أو أفراد أو مؤسسات. يكبر القلق مع حجم الذين يعيشونه. الدول الكبرى هي الأكثر خوفاً وقلقاً. يوري أندروبوف، أشهر رئيس مخابرات سوفياتي منذ ستالين، الذي على تقرير منه تبني موسكو قرارها الأخير، كان مقتنعاً كل الاقتناع، في إحدى المراحل، بأن أميركا تستعد لضربة نووية استباقياً لبلاده. عبثاً حاول مساعدوه وزعماء أوروبا الشرقية إقناعه بألا يقلق. لكن ظل متأهباً قرب مفتاح اليوم الأخير. معروف أن قلق الرفيق يوري غير قلق شاعرنا في البرتغال.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«كتاب القلق» «كتاب القلق»



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 12:50 2021 الخميس ,21 تشرين الأول / أكتوبر

أولمبيك خريبكة يحقق "الريمونتادا" أمام النهضة البركانية

GMT 05:07 2017 الثلاثاء ,15 آب / أغسطس

أطروحة سيئة الذكر

GMT 11:15 2022 السبت ,11 حزيران / يونيو

أفضل الفنادق الفاخرة في باريس

GMT 14:45 2020 الجمعة ,25 أيلول / سبتمبر

رسميًا تشيلسي يعلن تعاقده مع إدوارد ميندي

GMT 19:59 2020 الخميس ,23 كانون الثاني / يناير

قلق في الحسنية بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة أنييمبا

GMT 10:52 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

الملكة إليزابيث تستدعي حفيدها لاجتماع أزمة

GMT 15:40 2019 الخميس ,12 كانون الأول / ديسمبر

العثور على أفعى كوبرا برأسين في مدينة هندية

GMT 02:20 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الإمارات والمغرب يبحثان تحضيرات "إكسبو 2020"

GMT 18:31 2019 الجمعة ,11 تشرين الأول / أكتوبر

سعيد الصديقي يعترف بتراجع مستوى يوسفية برشيد

GMT 13:26 2019 الخميس ,19 أيلول / سبتمبر

طريقة فعالة لتنظيف السيراميك باركيه
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib