ليبيا وخطة باتيلي

ليبيا وخطة باتيلي

المغرب اليوم -

ليبيا وخطة باتيلي

جبريل العبيدي
بقلم : جبريل العبيدي

هل السيد عبد الله باتيلي المبعوث الدولي إلى ليبيا يحاول استنساخ خطة ستيفاني ويليامز (المستشارة السابقة) لليبيا ويتوقع نتائج مختلفة؟ وهل سينجح باتيلي في سحب البساط من تحت مجلسي النواب والدولة في ليبيا؟
سؤالان تطرحهما النخب المحلية والدولية المعنية بالأزمة في ليبيا، خصوصاً بعد أن أصبح المجلسان (النواب والدولة) سبباً في عرقلة أي حل سياسي ممكن في ليبيا؛ بسبب تبادلهما أدوار الرفض والتعنت لكل ما يصدر عن الآخر، ما كوَّن قناعة محلية ودولية بأن المجلسين غير قادرين على إنتاج حل سياسي، وأنهما يتبادلان هذا الأسلوب من التعنت ووضع العصي في دواليب العربة السياسية في ليبيا المنكوبة بنخبتها السياسية قبل التدخلات الخارجية.
خطة باتيلي التي لخَّصها بقوله: «قررت أن أطلق مبادرة لتنظيم وعقد الانتخابات التشريعية والرئاسية في عام 2023، وسأقوم بإنشاء لجنة توجيهية رفيعة المستوى لليبيا. هذه الآلية المقترحة ستجمع كل أصحاب المصلحة الليبيين المعنيين، بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية، وأهم الشخصيات السياسية، والقادة القبليون، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية، والنساء والشباب»، هي تماماً استنساخ من خطة ستيفاني ويليامز، التي في اعتقادي إعادة استخدام للخطة السابقة نفسها التي فشلت مع انتظار نتيجة مختلفة، وهذا يعد نوعاً من الخطأ رغم أن للسيد باتيلي عذره؛ فقد وجد نفسه عند مفترق طرق مع مجلسي النواب والدولة اللذين يتبادلان موقف الرفض والتعنت.
خطة باتيلي تتجاوز المجلسين، بل تنهي دورهما، وتذهب إلى تشكيل لجنة حوار تتكون من تسعين شخصية مختارة تتشابه مع لجنة الحوار السابقة التي اختارتها المندوبة السابقة ستيفاني ويليامز، وأنتجت الحكومة والرئاسي الحاليين.
خطة باتيلي التي تعرضها مصر علناً وروسيا بحياء، جعلت مجلس الدولة والبرلمان في حالة قلق وتخوف على مصيرهما في أي تسوية سياسية مقبلة في ليبيا، ما دفع رئيس البرلمان الليبي ليستنجد بالبرلمان العربي في اجتماع العراق بطلب الوقوف مع مجلس النواب الجسم السياسي الوحيد المنتخب في ليبيا، رغم تجاوزه المدة الزمنية لشرعية الانتخاب الآن.
وقد عرض باتيلي جزءاً من خطته في آخر إحاطة له في مجلس الأمن، ما يعني أن هناك أطرافاً دولية تتبنى خطته وإن لم تعلن عن نفسها، باستثناء السفارة الأميركية في ليبيا التي طالبت الأطراف الليبية بالتعاطي بإيجابية مع هذه الخطة، ووصفتها بأنها تدفع نحو البناء والتقدم، فأميركا ما يعنيها هو إنتاج مسار سياسي يفضي إلى إنهاء الحضور الروسي في المشهد الليبي بأي شكل دون النظر في كوارث هذا المسار السياسي.
ليبيا منقسمة كم هو معلوم، فهناك حكومتان تتنازعان الشرعية، ومجلسان يتبادلان العناد والتعنت والرفض، ولأن المجلسين مشكّلان من فئتين مختلفتين، فمجلس الدولة أغلبه من جماعة الإسلام السياسي الذين لا يؤمنون بدولة وطنية بجغرافيا محددة، ويؤمن أغلبهم بدولة المرشد والخليفة، لا يمكن أن يتوافق مع مجلس النواب الذي في أغلبه منتخب من مكونات الشعب الليبي وغير مؤدلج، على العكس من مجلس الدولة غير المنتخب.
وبسبب هذا الصراع لا يزال الدستور وتسمية الرئيس الليبي غائبين، فالدستور لم يرَ النور بعدُ، رغم انتخاب اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور قبل عشر سنوات، ولعل من أسباب تغييب الدستور، خلاف الأطراف الليبية، التي لا تزال بعيدة التوافق على عدة نقاط حاكمة في الدستور، ومنها نظام الحكم (رئاسي أم برلماني أم مختلط)، والخلاف على آلية انتخاب الرئيس من الشعب مباشرة أم من البرلمان، والخلاف على هوية الدولة عربية أم أفريقية أم إسلامية فقط.
ويبقى غياب التوافق الدولي بين المتدخلين في الشأن الليبي هو ما عرقل استقرار ليبيا، والذي يبدأ من سحب وإخراج المقاتلين الأجانب مهما كانت مسمياتهم، سواء مرتزقة أم قوات أجنبية، لتحقيق الاستحقاق الانتخابي.
فهل السيد باتيلي ذاهب باتجاه «تجاوز مجلس النواب، وتعميق الانقسام المؤسسي ودخول البلاد في نفق مظلم» كما يصف معارضي خطته، أم أن المبعوث الدولي السيد باتيلي سيكون صانع الاستقرار في ليبيا، بعد أن فشل كثيرون غيره؟ هذا ما ستكشفه الأيام القادمة الحبلى بالمفاجآت.
   

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وخطة باتيلي ليبيا وخطة باتيلي



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - المغرب اليوم

GMT 16:43 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء
المغرب اليوم - منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء

GMT 11:40 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
المغرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 16:01 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

كتائب القسام تعلن تسليم رفات رهينة إسرائيلي مساء الثلاثاء
المغرب اليوم - كتائب القسام تعلن تسليم رفات رهينة إسرائيلي مساء الثلاثاء

GMT 16:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره
المغرب اليوم - الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره

GMT 07:22 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أنطونيو غوتيريش يدين إنتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف
المغرب اليوم - أنطونيو غوتيريش يدين إنتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف

GMT 03:21 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السلطات الإثيوبية تنشئ مخيمات إجبارية لإعادة تأهيل الشباب

GMT 11:59 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

حميد شباط يعلن مغادرة حزب الإستقلال

GMT 13:09 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

من هم اصدقاء برج الجدي والابراج الذين يتفق معهم

GMT 01:44 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

«ثندر سنو».. أول جواد يحقق كأس دبي العالمي مرتين توالياً

GMT 03:33 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

أحذية نابضة بالألوان لتتألقي في صيف 2020

GMT 04:02 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

السجن مدى الحياة لسائق تاكسي اغتصب أكثر من 100 امرأة

GMT 01:08 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

خالد سليم يكشف تفاصيل طرحه 3 أغنيات جديدة

GMT 05:17 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد شعبان يكشف عن أنواع الطاقات وأخطرهم على صحة الإنسان

GMT 01:01 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أنغام تُبكي والدتها خلال حفلها في دار الأوبرا المصرية

GMT 04:54 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

استئناف سير القطارات بين مراكش والدار البيضاء

GMT 18:29 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

بنهنية يلتحق بالطاقم الفني لشباب الريف الحسيمي

GMT 11:40 2019 الخميس ,29 آب / أغسطس

الرجاء البيضاوي يبلغ 10 آلاف مشترك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib