ملاحقة جماعة «الإخوان» عالمياً

ملاحقة جماعة «الإخوان» عالمياً

المغرب اليوم -

ملاحقة جماعة «الإخوان» عالمياً

جبريل العبيدي
بقلم : د جبريل العبيدي

تأخرت أوروبا كثيراً في التحرك لمنع خطر جماعة «الإخوان»، وها هي فرنسا التي كانت متأخرةً هي الأخرى تبدأ في ملاحقة نشاط جماعة «الإخوان» اليوم، فهذا مجلس الدفاع في باريس برئاسة إيمانويل ماكرون يُحذّر من تنامي نفوذ جماعة «الإخوان المسلمين» في الضواحي الفرنسية، بل ويعدُّ الحركة تشكّل «تهديداً للتماسك الوطني»، ويطالب باتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من انتشار ما يُعرف بـ«الإسلام السياسي» وتأثيره على المجتمع الفرنسي.

التقرير الفرنسي الذي وُصف بالسري حذَّر من تنامي نفوذ جماعة «الإخوان» في المجتمعات المحلية الفرنسية ومدى خطورته على «التآكل التدريجي للقيم العلمانية»، كما وصفها التقرير نصاً: «إنّ حقيقة هذا التهديد، حتى وإن لم يكن عنيفاً، تُشكّل خطراً على نسيج المجتمع وعلى نطاق أوسع، على التماسك الوطني»، فباريس تلاحق مؤسسة «ابن رشد» الإخوانية بعد أن تسللت جماعة «الإخوان» مستغلةً حكماً قضائياً مما يعقد المسألة على السلطات الفرنسية في ملاحقة الجماعة وتسللها داخل المجتمع.

إن المساعي «الإخوانية» لإقامة خلافة أوروبية ضمن محاولات تنظيم جماعة «الإخوان» إيجاد حاضنة مجتمعية في المجتمعات المحلية الفرنسية هي محاولة اختراق دولة من خلال مجتمعها، وهي إحدى طرق الاختراق والتغلغل التي تستخدمها الجماعة بزرع خلاياها وعناصرها للانتشار والتوسع في المجتمعات، خصوصاً التي تعاني من اضطهاد أو تهميش، كما هو حاصل في الضواحي البارسية وغيرها، وهي نقطة ضعف ما لم تدرك سرعة معالجتها السلطات الفرنسية وإدماج المهمشين في المجتمع الفرنسي والتوقف عن النظرة الاستعلائية في التعاطي مع هؤلاء، سيكونون تربةً خصبةً لنمو نبتة جماعة «الإخوان» وتمدد سرطانها في المجتمع الفرنسي.

لقد فشلت الجماعة في قيادة أي مجتمع تسللت إليه، ورغم مشاريع التمكين الضخمة، فإن منهج الإقصاء الذي تنتهجه الجماعة وتعاطيها كجماعة وحزب في أي بلد تمكنت من حكمه بسياسة التمكين، مثل مصر وليبيا وتونس، أفقدها أي حضور شعبي أو مجتمعي سبق أن تمتعت به بالخداع ولبس عباءة المظلومية سنوات طوالاً، فالتجارب المحدودة لجماعة «الإخوان» في السلطة تؤكد أن الولاء لديهم للجماعة فقط، وأنهم لن يستطيعوا تمثيل أمة أو شعب، لأنهم اعتادوا الولاء للجماعة والتنظيم، الأمر الذي أفقدهم الإحساس بالانتماء الجغرافي للوطن ضمن حدود جغرافية محددة، وذلك مرده لكونهم ينتمون لتنظيم وجماعة عابرة للحدود وللقارات.

العالم لم يتوقف إنما تغيّر الداعم والمستخدم بعد أن تراجعت الإدارة الأميركية الجديدة في عهد ترمب الأول خطوات إلى الوراء في علاقتها مع الجماعة، وصلت إلى درجة التلويح بالحظر واعتبار الجماعة منظمةً إرهابيةً، دون التقدم في ملف حظر الجماعة رغم ثقل ملف إدانتها بالإرهاب في أدراج المخابرات الأميركية، الأمر الذي يطرح تساؤلات كثيرة، هل فعلاً هناك إرادة دولية حقيقية للتخلص من هذا التنظيم، أم أنَّ هناك من لا تزال لديه رغبة في وجود التنظيم واستخدامه بندقيةً مستأجرةً.

صحيح أن الإدارة الأميركية لا تزال تتردد في إدراج الجماعة على قائمة الإرهاب، رغم ما قاله رئيس لجنة الأمن القومي السابق، رون ديسانتس، من أن «الإخوان المسلمين هي منظمة مسلحة لها جماعات تتبعها في العالم، وسياسة واشنطن أخفقت في التصدي لنهج العنف لدى تنظيم الإخوان الإرهابي ودعمه لجماعات متشددة».

الجماعة التي أسسها حسن البنا في مصر في مارس (آذار) عام 1928م بتمويل من السفير البريطاني قدره 500 جنيه في حينها باعتراف جون كولمان، وهو ضابط سابق ووكيل المخابرات البريطانية «MI6»، حيث كانت السياسة البريطانية في ذلك الوقت في حاجة لاختراق جماعة القوميين العرب.

العالم تغير وحتى نعرة القوميات والإثنيات انخفضت مما أصبح استخدام جماعة أو تنظيم مثل جماعة «الإخوان» حتى استخباراتياً بندقيةً مستأجرةً ن الماضي، خصوصاً وأن التنظيم ليس دائماً يرغب في أن يكون بندقية مستأجرة، بل سقف طموحات قادته يكمن في دولة «الخلافة» للمرشد مما يعني أنها ستسعى حتى للانقلاب على من احتضنها، أو حتى قدم لها الدعم وصنع لها الأمان، والشواهد كثيرة فقد انقلبت الجماعة على كل من ساعدها وأخرجها من السجون ليجد نفسه أمام عفريت خرج من مصباح يفتك بمن حرره.

فقد سبق للملك الراحل إدريس السنوسي أن أحسن وفادتهم بعد فرارهم من عبد الناصر، عقب ملاحقتهم بسبب حادثة المنشية، ولكنهم تآمروا عليه، وزرعوا نبتتهم البائسة في ليبيا رغم تعهدهم بعدم الدعوة للجماعة طيلة اللجوء في ليبيا، وسبق أن حررهم أنور السادات وانقلبوا عليه وقتلوه، وحررهم القذافي من السجون وقدموا مراجعات سرعان ما نكثوها ونالوا منه.

هذه الجماعة المبتدعة دينياً والمفلسة سياسياً، ولاؤها خارج الجغرافيا والسيادة الوطنية، ولا يمكن الوثوق بها والتعاطي مع هدنتها، أو الاطمئنان لانكسار شوكتها، لأنها سرعان ما تعود وتنقلب متى توفرت لها الظروف الانتهازية، مما يؤكد أن الجماعة فكرها شاذ وتتبنى العنف للوصول إلى السلطة وهذا مما ينبغي أن يتصدَّى له

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملاحقة جماعة «الإخوان» عالمياً ملاحقة جماعة «الإخوان» عالمياً



GMT 21:04 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

هل تذوب الثلوج في ألاسكا؟

GMT 20:43 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

هجاء الطوائف... وهشاشة الوطن

GMT 20:41 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

لبنان بين «الفيجِيلنتي» المحلّي والإقليمي

GMT 20:39 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

فشل يقود إلى فشل

GMT 20:36 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

أنسنة الخدمات!

GMT 20:33 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

الأصل في دعوة الرئيس

GMT 20:31 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

الطريق المسدود؟

GMT 20:30 2025 الأربعاء ,13 آب / أغسطس

فيروز …؟!

النجمات يخطفن الأنظار بصيحة الفساتين المونوكروم الملونة لصيف 2025

بيروت ـ المغرب اليوم

GMT 16:35 2025 الخميس ,14 آب / أغسطس

مؤشرات مبكرة لمشاكل الإنجاب عند الرجال
المغرب اليوم - مؤشرات مبكرة لمشاكل الإنجاب عند الرجال

GMT 22:50 2019 الأحد ,21 تموز / يوليو

طريقة عمل كيكة الجبنة بكريمة القرفة والعسل

GMT 10:42 2014 الإثنين ,07 إبريل / نيسان

ألوان "ماكياج" لقضاء موسم ربيع كله أنوثة ورقة

GMT 05:53 2017 السبت ,16 أيلول / سبتمبر

12 نصيحة تعينك على الاهتمام بطفليك "التوأم"

GMT 01:37 2019 الخميس ,11 إبريل / نيسان

شركة "بوجو بلس" تعلن عن وظائف جديدة

GMT 10:10 2019 الخميس ,04 إبريل / نيسان

خطوات تجهيز "شرفة المنزل" لاستقبال فصل الربيع

GMT 07:45 2019 الثلاثاء ,02 إبريل / نيسان

أحمر الشفاة الفاتح اللون يسيطر على عالم الموضة

GMT 02:20 2018 الثلاثاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

مصدر يؤكد اتفاق عمرو دياب مع "روتانا " من جديد

GMT 08:59 2018 الأحد ,14 تشرين الأول / أكتوبر

أزهار الزفاف الملكيّة تصمد أمام رياح ويندسور

GMT 11:29 2018 الجمعة ,06 إبريل / نيسان

اندلاع حريق مهول داخل منزل في مدينة جرسيف

GMT 04:15 2018 الجمعة ,26 كانون الثاني / يناير

ميلاد يوسف يوضّح أنّه لم يوقّع عقد "باب الحارة" الجديد

GMT 23:44 2016 الخميس ,25 شباط / فبراير

إعادة فتح ملف لاعب الرجاء عادل الكروشي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib