ليبيا وزنقة بوزنيقة المغربية

ليبيا... وزنقة بوزنيقة المغربية

المغرب اليوم -

ليبيا وزنقة بوزنيقة المغربية

جبريل العبيدي
بقلم : جبريل العبيدي

بعد أن كدنا نشاهد الدخان الأبيض يتصاعد من غرفة اجتماع «كهنوت» السياسة الليبية في بوزنيقة المغربية، للخروج لنا باتفاق على القوانين الانتخابية؛ تلك العصا التي ما فتئ الكهنوت السياسي في ليبيا يضعها في دواليب العربة الانتخابية، والتي توقفت ومنعت من المرور في كثير من المرات.

رغم الجهد في الوساطة المغربية مشكورةً في جمع الفرقاء، وتسهيل عملية التوافق بينهما، فإن طرفي الصراع الليبي السياسي صمَّما على الاختلاف، فرغم التقارب في العديد من النقاط الخلافية، لكن نقطتيْ مزدوجي الجنسية والعسكريين بقيتا أهم نقاط الخلاف.

بعد أن تم اغتيال الانتخابات الليبية، في المرة الماضية، بسبب ترشح شخصيات جدلية غير مرْضيٍّ عن دخولها المشهد السياسي الليبي، ومنها شخصية سيف الإسلام القذافي «نجل» العقيد القذافي الراحل، والذي تضع بعض الدول الكبرى «فيتو» واضحاً على ترشحه، ناهيك عن «الفيتو» الذي تضعه جماعة الإسلام السياسي على ترشح المشير حفتر «قائد الجيش الليبي»، تارة بالتحجج بالبدلة العسكرية، والتي وافق الجنرال حفتر على خلعها فور الترشح، وتارة أخرى بموضوع مزدوجي الجنسية واشتراط التخلي عنها قبل الترشح، فيما يرى البرلمان الليبي أنه يمكن التنازل عنها في حالة الفوز لأي مرشح.

كانت عجلة الانتخابات الليبية انطلقت بإعلان «المفوضية العليا للانتخابات» البدء في تسلم طلبات الترشح للرئاسة، وكذلك لمجلس النواب، وتقدَّم المترشحون، إلا أن أعداء الانتخابات وشركاء المصلحة معهم من القوى المتدخلة في الشأن الليبي عرقلوها بحجة «القاعدة الدستورية» التي يتم على أساسها الانتخابات، رغم أن الانتخابات السابقة جميعها جرت في غياب هذه البدعة الدستورية، ولكن شركاء العرقلة اتفقوا جميعاً على ضروة أن يكون هناك «قاعدة» دستورية وقوانين انتخابية لم ينجَز منها شيء، وبقينا في دوامة الخلاف حولها.

جدل بيزنطي أشبه بمن جاء الأول: الدجاجة أم البيضة، لا نجني منه سوى الخلاف بعد الاختلاف، دون تحقيق أية منفعة، وكذلك هي حال الجدل القائم بين مجلس الدولة «ذي الأغلبية من عناصر الإسلام السياسي»، ومجلس النواب؛ الكيان الوحيد المنتخب في عناصر معادلة الاختلاف والخلاف السياسي الليبي.

اعتاد مجلس الدولة «غير المنتخب» عناد مجلس النواب، والاختلاف معه، مما أصبحت الحال هي ديمومة للصراع والخلاف، وإنتاج أزمة تلو أخرى، لضمان بقاء المجلسين في السلطة، واغتيال الانتخابات بطرق الخلاف المتعددة الأوجه.

بات من المسلَّم به أن لا انتخابات في المدى القريب، أو ربما لا انتخابات أبداً في ليبيا المنكوبة بالفوضى والمراحل الانتقالية وصراع الشرعيات، أو هكذا أرادت السلطات الثلاث (البرلمان ومجلس الدولة الاستشاري والحكومة الانتقالية المؤقتة)، ومن يملكون القرار في ليبيا، لنعود إلى المربع الأول، غير قادرين على إنتاج حكومة توافقية قادرة على حلحلة المشكلات القائمة، والدفع باتجاه الاستقرار، بل لم يستطع مجلس النواب مساءلة حكومة من الحكومات التي منحها الثقة، ولهذا تبقى خريطة الطريق ما هي إلا محاولة بقاء دائم، وتأجيل الانتخابات أو حتى اغتيالها.

عرقلة الانتخابات بذرائع مختلقة وعديدة؛ منها الزعم بالتزوير في قائمة الناخبين والأرقام الوطنية، رغم النفي المطلق من دائرة السجل المدني «النفوس»، ولكن شركاء المصلحة في عرقلة الانتخابات، خاصة جماعة الإخوان والتي اعتادت عرقلة أي شيء ليس مفصلاً على مقاس أعضائها، مما جعلها تتحالف مع أصحاب المصلحة في التأجيل للبقاء في السلطة.

فمنع الانتخابات، وبهذا الشكل، يُعتبر عملية انقلابية على المسار الديمقراطي المتعثر أصلاً في ليبيا؛ لأن جماعة الإخوان كانت ترغب في وضع شروط للترشح الرئاسي تُقصي خصومها وتكون تفصيلاً على مقاس مرشح إخواني أو تابع إخواني.

الاستمرار في تبادل أدوار الاختلاف والخلاف بين مجلسي النواب والدولة، لا يمكن قراءته إلا من خلال اتفاق بينهما على الاختلاف، للبقاء في السلطة، وبذلك يبقى انطلاق صافرة بدء الانتخابات محفوفاً ومحاطاً ورهين مخاوف عرقلتها،

ويبقى الشعب الليبي رهيناً بين زنقة القذافي والمطاردة «زنقة زنقة»، وانتظار النواب الليبيين في زنقة بوزنيقة المغربية.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وزنقة بوزنيقة المغربية ليبيا وزنقة بوزنيقة المغربية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - المغرب اليوم

GMT 16:43 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء
المغرب اليوم - منع دخول مغاربة إلى تونس يثير موجة شكاوى واستياء

GMT 11:40 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
المغرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 16:01 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

كتائب القسام تعلن تسليم رفات رهينة إسرائيلي مساء الثلاثاء
المغرب اليوم - كتائب القسام تعلن تسليم رفات رهينة إسرائيلي مساء الثلاثاء

GMT 16:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره
المغرب اليوم - الذكاء الاصطناعي يساعد الأطباء على منع السكري قبل ظهوره

GMT 07:22 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أنطونيو غوتيريش يدين إنتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف
المغرب اليوم - أنطونيو غوتيريش يدين إنتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف

GMT 03:21 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السلطات الإثيوبية تنشئ مخيمات إجبارية لإعادة تأهيل الشباب

GMT 11:59 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

حميد شباط يعلن مغادرة حزب الإستقلال

GMT 13:09 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

من هم اصدقاء برج الجدي والابراج الذين يتفق معهم

GMT 01:44 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

«ثندر سنو».. أول جواد يحقق كأس دبي العالمي مرتين توالياً

GMT 03:33 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

أحذية نابضة بالألوان لتتألقي في صيف 2020

GMT 04:02 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

السجن مدى الحياة لسائق تاكسي اغتصب أكثر من 100 امرأة

GMT 01:08 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

خالد سليم يكشف تفاصيل طرحه 3 أغنيات جديدة

GMT 05:17 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد شعبان يكشف عن أنواع الطاقات وأخطرهم على صحة الإنسان

GMT 01:01 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أنغام تُبكي والدتها خلال حفلها في دار الأوبرا المصرية

GMT 04:54 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

استئناف سير القطارات بين مراكش والدار البيضاء

GMT 18:29 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

بنهنية يلتحق بالطاقم الفني لشباب الريف الحسيمي

GMT 11:40 2019 الخميس ,29 آب / أغسطس

الرجاء البيضاوي يبلغ 10 آلاف مشترك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib