ليبيا الدولة المؤجلة

ليبيا... الدولة المؤجلة

المغرب اليوم -

ليبيا الدولة المؤجلة

د. جبريل العبيدي
بقلم : د. جبريل العبيدي

بعد أن تم نسف وإنهاء الحلم الانتخابي للشعب الليبي في القريب المنظور، وانتكاسة تحقيق الاستحقاق الانتخابي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، الموعد الذي تعهدت به الدول الداعمة «للحل» السياسي في ليبيا، حتى الفشل في ترحيله إلى فبراير (شباط) الحالي، أصحبت ليبيا دولة مؤجلة القيام، لتستمر الأجسام المنتهية الشرعية في الحكم والسلطة والتصرف بالمال العام من دون أدنى متطلبات التوافق على الشرعية السياسية والقانونية، ولتستمر الفوضى بضع سنين أخرى.
فليبيا الدولة المؤجلة القيام منذ أن أسقط حلف الأطلسي «الناتو» الدولة في ليبيا، وليس فقط النظام «الديكتاتوري» القائم عام 2011، بحجة حماية المدنيين من قمع النظام، ليتركهم 10 سنوات عجاف تحت رحمة الجماعات والميليشيات والمرتزقة المسلحة، حتى أعملت «داعش» سكاكينها على شواطئ سرت وبنغازي ودرنه ومصراتة، فـ«الأطلسي» مسؤول عن الفوضى في ليبيا وتوظيف الصراع، بعد أن أسقط الدولة الليبية وتركها وذهب، فأصبحت البلاد أرضاً مشاعاً لجميع التنظيمات الإرهابية والإجرامية والعصابات العابرة للحدود، فـ«الأطلسي» لم يجمع السلاح من أيدي الميليشيات ولم يكبحها، واكتفى بل تركها تفتح أبواب مخازن سلاح، تجاوزت قطعة 40 مليون قطعة وترسانة تكفي حروب أفريقيا لسنوات، وليس فقط لقتال الليبيين بعضهم بعضاً.
بعد فوضى 2011 الممتدة والمستمرة، في ظل غياب المؤسسات وتغييب منصب الرئيس، أصبحت ليبيا في حكم الدولة المؤجلة منذ أن غدت الأزمة الليبية ضحية للترحيل المتعمد من حوار غدامس الليبية، إلى ماراثون اتفاق الصخيرات المغربية، إلى تونس مروراً بسلطنة عمان وبجنيف، وبرلين الأولى والثانية، وباريس الأولى والثانية، مع إعادة تكرار الوجوه نفسها والشخوص تقريباً بترتيب مختلف، كأمراء الحرب وقادة ميليشيات وقيادات «إخوانية»، بل متهمين ومسجلين على قوائم الإرهاب في بعض الدول، ومنها قوائم «الرباعية» لاستكمال الصورة النمطية التي لم تنتج ولن تنتج حلاً ممكناً قابلاً للتعايش أو التطبيق والديمومة، حتى يصلح ليكون خطوطاً ومعالم لخريطة طريق للخروج من الأزمة.
تعرضت الأزمة الليبية لسياسة الإغراق في مستنقع كيسينغر بصراع الفرعيات وتفتيت الأزمة وترحيل الحل من مكان لآخر، فمنذ نقل الحوار من «ليبي ليبي على أرض ليبية» إلى متعدد الجنسيات، بدأت سياسة توظيف الأزمة التي هي في الأصل ليست ليبية خالصة، بل هي أزمة دولية، ولهذا يسعى كثير من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية إلى استمرارها، ويمكن حلّها عند إبعاد هذه الشخصيات الجدلية، وملاحقة المجرمين منهم، عبر محكمة الجنايات الدولية ودعوة جادة للنشطاء الوطنيين ومشايخ القبائل، وأساتذة الجامعات والمجتمع المدني، إلى مؤتمر ليبي ليبي جامع، لا يحمل أي رؤى أو أجندات خارجية ولا مؤدلجة، مثل التي يحملها جماعات الإسلام السياسي من «إخوان» و«قاعدة»، والدعوة إلى انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بشكل مباشر، وإلا نصبح في دوران مستمر، وترحيل الأزمة وإطالة عمرها، ما دامت لا تزال الدول ذات المصلحة سباقة لإعادة إنتاج هذه الشخصيات وفرضها ضمن قائمة أي حوار ليبي.
الأزمة الليبية والصراع والتدخل الخارجي توقف عند خط سرت الجفرة (وسط ليبيا) بينما الأطراف المتصارعة لا تزال بعيدة عن أي اتفاق أو توافق، وذلك لانعدام الثقة بين الطرفين من جانب، وبسبب الاستقواء بالخارج، ما جعل القرار خارج الحدود الليبية، فالصراع الأوروبي (الإيطالي الفرنسي)، والتنسيق الروسي التركي، واستخدام ليبيا ورقة ابتزاز، وصراعات أخرى، جميعها جعل من الأزمة الليبية أزمة دولية.
حلّ الأزمة الليبية في الواقع أولى به الليبيون وحدهم، وهم أولى بالتفاهم فيما بينهم، ولتبقَ الدول الراعية والسفراء والأمم المتحدة مجرد وسيط.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا الدولة المؤجلة ليبيا الدولة المؤجلة



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - المغرب اليوم

GMT 11:40 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
المغرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 13:17 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

اعتقال أمين سر المجلس السياسي للحوثي بشبهة التجسس في صنعاء
المغرب اليوم - اعتقال أمين سر المجلس السياسي للحوثي بشبهة التجسس في صنعاء

GMT 07:22 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

أنطونيو غوتيريش يدين إنتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف
المغرب اليوم - أنطونيو غوتيريش يدين إنتهاكات حقوق الإنسان في مخيمات تندوف

GMT 03:21 2018 الثلاثاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السلطات الإثيوبية تنشئ مخيمات إجبارية لإعادة تأهيل الشباب

GMT 11:59 2021 الإثنين ,02 آب / أغسطس

حميد شباط يعلن مغادرة حزب الإستقلال

GMT 13:09 2021 الجمعة ,22 كانون الثاني / يناير

من هم اصدقاء برج الجدي والابراج الذين يتفق معهم

GMT 01:44 2020 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

«ثندر سنو».. أول جواد يحقق كأس دبي العالمي مرتين توالياً

GMT 03:33 2020 الثلاثاء ,30 حزيران / يونيو

أحذية نابضة بالألوان لتتألقي في صيف 2020

GMT 04:02 2019 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

السجن مدى الحياة لسائق تاكسي اغتصب أكثر من 100 امرأة

GMT 01:08 2019 الخميس ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

خالد سليم يكشف تفاصيل طرحه 3 أغنيات جديدة

GMT 05:17 2019 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد شعبان يكشف عن أنواع الطاقات وأخطرهم على صحة الإنسان

GMT 01:01 2019 الجمعة ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أنغام تُبكي والدتها خلال حفلها في دار الأوبرا المصرية

GMT 04:54 2019 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

استئناف سير القطارات بين مراكش والدار البيضاء

GMT 18:29 2019 الخميس ,12 أيلول / سبتمبر

بنهنية يلتحق بالطاقم الفني لشباب الريف الحسيمي

GMT 11:40 2019 الخميس ,29 آب / أغسطس

الرجاء البيضاوي يبلغ 10 آلاف مشترك
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib