مقام الكرد

مقام الكرد

المغرب اليوم -

مقام الكرد

إنعام كجه جي
بقلم : إنعام كجه جي

فعلتها مها حسن. كتبت، حسب علمي، أول رواية عربية تفاعلية. والمقصود نص لا يعتمد على ما هو مكتوب على الورق فحسب، بل يحيل القارئ إلى روابط مدرجة في الهوامش ويدعوه لسماع هذه الأغنية أو تلك الموسيقى المذكورة في الرواية. تأخذ هاتفك الذكي وتمسح الرابط فيطلع لك، مثل جنّي، التسجيل الصوتي المقصود.

ومها حسن روائية سورية مقيمة في فرنسا. كردية القومية عربية اللغة. ثنائية جميلة في حال أتقن المرء اللغتين. لكن حال الكاتبة مثل واقع بطلة روايتها، لم تتعلم لغة أجدادها. وإذا كنا نعرف مها التي تكتب بدأب وقد جعلت من الكتابة إكسير حياتها، فمن هي بطلة الرواية؟ أهي فالنتينا التي تتكلم الفرنسية وتعجز عن نطق كلمة بالكردية، أم فرانسواز أم تالين أم خزامى أم دلشان؟

يمكن للاغتراب اللغوي أن يكون بطل «مقام الكرد»، الرواية الصادرة حديثاً عن منشورات المتوسط. حالة نلمسها حولنا وتمسّ الملايين من أبناء الأوطان الطاردة. يضيع المهاجر وابن المهاجر بين اللغات والثقافات وهو يجتهد لأن يستكين إلى لغة البيت. يلجأ إليها ويتدفأ بها ويستعين على منفاه. يجد في أغانيها سلامه الروحي. ليس من العبث أن يضع المهاجر أشرطة الكاسيت في الحقيبة.

في «مقام الكرد» تفاصيل عن سوريا التي نعرف ولا نعرف. تبعث فالنتينا، الطالبة المتفوقة، رسالة إلى بشار الأسد تشكو فيها حرمانها من البعثة العلمية لأنها ابنة معتقل. «سيدي الرئيس أنا مواطنة لا علاقة لها بالسياسة. كنت في السادسة حين أفقت على أصوات رجال يقتحمون دارنا في القرية ويركلون أبي النائم وهم يصيحون ويشتمون. تبولت من الرعب سيدي الرئيس».

تلجأ مها حسن إلى الصوت لاستعادة صلتها بلغة أمها. تقدم لنا رشوة لطيفة: «هناك جينات موسيقية في الذاكرة الفردية لكلّ منا». نقرأ في المدخل: «بينما أسمع الأغاني الكردية كنت أكتب هذه الرواية باللغة العربية. ساعدتني الموسيقى الكردية على كتابتها. فهي التي خلقت لديّ الفكرة الأولى ثم أكملت معي مسيرة السرد. كأن الموسيقى من تكتب».

أعرف روائيين كثراً يصغون إلى أسطوانة كلاسيكية أثناء الكتابة. الجديد هنا هو دعوة القارئ إلى أن يكون شريكاً في الاستماع. أن يدخل في مزاج السرد عيناً وأذناً. تنشر مها حسن جدولاً بالأغاني الواردة في الرواية مع وصلاتها على النت. تحلم الكاتبة، في حال تحول النص إلى رواية مسموعة، بأن يرافق الحكاية المروية تسجيل للأغاني. سيتضافر السرد مع الغناء.

تحلم أيضاً، وأحلم معها، بالرواية الإلكترونية. أن يفتح القارئ النص المكتوب فيجد مقاطع مصورة وأخرى مسموعة. وبالعودة إلى «مقام الكرد» نكون مع شخصيات تداوي بالموسيقى انفصامها اللغوي. بل إن الكاتبة مغتربة مرتين، عن لغة القرية ولغة المهجر. وهي مثل بطلتها فالنتينا، تطارد صوتاً صدح في ماضيها. تلتقط المقام وتسحب خيوط الذكرى. نقرأ على الغلاف الأخير: يعيش الكرد بالموسيقى وبالحب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقام الكرد مقام الكرد



GMT 19:06 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

ما بدأ في غزة… انتهى في داخل إيران

GMT 19:04 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الدمار والتدمير

GMT 18:59 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

تحليل الحروب على طريقة الأهلى والزمالك!

GMT 18:52 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الأهمّ هو بقاء النظام وليس بقاء النووي

GMT 18:50 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

الصفقة الكبرى أو الحرب الكبرى

GMT 18:49 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

إيران وأحصنة طروادة

GMT 18:48 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

دول الخليج ورسائل الوسطية

GMT 18:47 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

طبقية في زمن الحرب!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 18:28 2025 الثلاثاء ,17 حزيران / يونيو

لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025
المغرب اليوم - لمحة عن أبرز صيحات ديكور المنزل لصيف 2025

GMT 16:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:54 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تنجح في عمل درسته جيداً وأخذ منك الكثير من الوقت

GMT 21:53 2025 الخميس ,03 إبريل / نيسان

أداة سحرية لنسخ أي نص من شاشة جهاز ماك بسهولة

GMT 21:07 2025 الأربعاء ,09 إبريل / نيسان

"إنستغرام" تختبر خاصية "الريلز" المقفلة

GMT 18:58 2017 الجمعة ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

القنوات المجانية الناقلة لمباراة المغرب والكوت ديفوار
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib