إنّها ثقافة سياسيّة طُرد منها المدنيّون
فيسبوك يطلق دعم مفاتيح المرور لمكافحة هجمات التصيد الاحتيالى عودة تدريجية لخدمات الاتصالات الثابتة والإنترنت جنوب قطاع غزة صعوبات فى الوصول إلى خدمات الإنترنت بإيران لدرء الهجمات الإلكترونية الإسرائيلية انفجار مركبة الفضاء "ستارشيب" خلال الاستعدادات للرحلة التجريبية العاشرة وسائل إعلام إسرائيلية تقول إن الجيش الإسرائيلي رصد إطلاق صواريخ جديدة من إيران، و يُطلب من "الإسرائيليين تقليل حركتهم ودخول المناطق المحمية فور تلقي الإنذار في الدقائق المقبلة . استهداف مباشر لمقر الحكومة الاسرائيلية في تل ابيب وسقوط قتلى ، ومسيّرات إيرانية تعبر سماء لبنان باتجاه الداخل و محاولات فاشلة لإسقاطها. تم الإبلاغ عن سقوط العديد من الصواريخ الباليستية في جنوب إسرائيل، ومن المرجح أن تكون حول بئر السبع أو إيلات. شركة مصر للطيران تطلب 6 ست طائرات إضافية من طراز "إيرباص إيه 350-900" إلغاء 20 رحلة جوية من إلى جزيرة بالي الإندونيسية بعد ثوران بركان هبوط أول رحلة طيران تعيد إسرائيليين إلى بلادهم في مطار بن غوريون
أخر الأخبار

إنّها ثقافة سياسيّة طُرد منها المدنيّون

المغرب اليوم -

إنّها ثقافة سياسيّة طُرد منها المدنيّون

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

في عقود سابقة كان «الانعزاليّون» في لبنان يوصفون بـ»الحفنة» و»الزمرة» التي تستمدّ أسباب قوّتها من «عمالتها للاستعمار». وكان تعبير «الانعزال» نفسه مقصوداً به الإيحاء بالضآلة وبالهامشيّة. فـ»الزمرة» تلك إنّما هي انعزال عن حالة جماهيريّة جارفة ومُجمعة على زجّ لبنان في المعارك المصيريّة الكبرى.

والآن، وربّما بفعل الشعبيّة التي أظهرتها حركتا 14 آذار 2005 ثمّ 17 تشرين الأوّل 2019، بات الناطقون بلسان المعارك المصيريّة في الصحافة والتلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعيّ، يُقرّون بأنّ من يخالفونه الرأي في لبنان هم «نصف سكّانه»، وعند بعضٍ منهم، هم «أكثر من نصف سكّانه». مع هذا فتغيير التسمية لم يغيّر الوصف، إذ بات هؤلاء «جبهة إسناد للعدوّ الصهيونيّ». أهمّ من هذا، أنّ تغيير التسمية لم يغيّر السلوك، إذ السياسة التي يتّبعها دعاة معارك المصير ثابتة خالدة لا تحول ولا تزول، سيّان أكان في مواجهتها «حفنة» و»زمرة» أم كان في مواجهتها «أكثر من نصف السكّان».

ووراء هذا الثبات عوامل كثيرة بطبيعة الحال، لكنّ واحداً منها أنّ المواطنين المدنيّين لا يُحسب لهم أدنى حساب. فما دام الأخيرون مدنيّين، أي غير مسلّحين، وكانوا بالتالي أضعف من أن يهدّدوا قوّة الطرف المسلّح، أو يتحدّوه، جاز المضيّ في نهج لا يأخذهم بعين الاعتبار. أمّا الديمقراطيّة، بوصفها ناظماً للعلاقة معهم، فحديث خرافة تلهج به الألسنة إلاّ أنّ النوايا تسخر منه.

وعدم الاكتراث بالمدنيّين، كثيرين كانوا أم قليلين، تقيم فيه بذور جريمة محتملة دائمة بحقوق الإنسان، لأنّ مَن لا يُكترث بهم لدى اتّخاذ قرار الحرب لن يُكترث بهم عند مباشرة الحرب وتساقط القتلى وتوسّع نطاق الدمار. أمّا ما يتذرّع به أصحاب هذا السلوك تبريراً لسلوكهم فلا يعدو كونه فكرة ينعتونها بالصواب، بل بالقداسة. لكنّ كلُّ فكرة قابلة لأن تُثبت الأيّام خطأها، بحيث لا يتبقّى لنا، والحال هذه، غير إهالة التراب على الراحلين والترحّم عليهم بوصفهم ضحايا الخطأ الذي انطوت عليه فكرة الذين فكّروا.

والاستخفاف بالمدنيّين له في ثقافتنا السياسيّة السائدة أشكال كثيرة أخرى، عهدْنا بعضها في سوريّا حين كان السكّان الذين تتساقط عليهم البراميل يوصفون بأنّهم قوى تتصدّى للمؤامرة على شعب سوريّا. ويُلاحَظ اليوم كم يُستَفزّ دعاة المعارك المصيريّة عند الحديث عن الألم الذي يصيب مواطني غزّة المدنيّين بسبب الضربات الإسرائيليّة المجرمة، أو لدى التقاط محطّة تلفزيونيّة صورة لطفل يبكي أو لامرأة أو رجل تمكّنَ منهما اليأس والإحباط. فكلّ حديث أو صورة من هذا الصنف يُرذَلان بوصفهما شراكة في المؤامرة على غزّة وعلى صمودها. ذاك أنّ إبداء الألم لا يكون مقبولاً إلاّ في حدود قابليّته للتوظيف السياسيّ، أي لتوكيد الوحشيّة الإسرائيليّة وإدانتها. أمّا ما خلا ذلك، ودرءاً للمؤامرة وللتخاذل، فإنّ الطفل الغزّاوي إنّما يزهو فرحاً بسبب تضوّره جوعاً، فيما لا تعبّر الأمّ الحامل التي تُجهضها عمليّة جويّة إسرائيليّة إلاّ عن بهجة ومتعة لا توصفان.

وفي هذا، ترتسم صورة للبشر، كما يتصوّرهم دعاة القضايا المصيريّة، بوصفهم مقاتلين فحسب. لا الألم يؤلمهم ولا الموت يخيفهم ولا الجوع والعطش يهدّان عزائمهم، أمّا الذين يؤلمهم الألم ويجهرون بذلك فلا يستحقّون الحياة أصلاً، مثلهم مثل أطفال إسبارطة الذين كانوا يُعرّضون لامتحان الطبيعة والوحشة، فإذا كُتبت لهم الحياة باتوا في شبابهم محاربين، وإذ قضوا تكفّلت آلة الإنجاب تعويضنا خسارتهم. وآلة الإنجاب هي المرأة التي لا معنى لها في مجتمع حربيّ خارج هذه الوظيفة ما دام أنّها ليست محاربة.

فالمدنيّ، في آخر المطاف، لزوم ما لا يلزم، ومَن يساوره الشكّ فليسأل المثقّفين ممّن يُفترض أنّهم خزّان النقد لأخطاء أهلهم، بما فيها أخطاؤهم في مواجهة حرب الإبادة الإسرائيليّة. بيد أنّهم، وعلى عكس المفترض، تحوّلوا ويتحوّلون كتيبةً في جيش المجتمع العسكريّ المتطلّب للحرب. ومن يتطلّب الحروب شرطاً لوجوده ولاستمراره يكون يتطلّب العدوّ على نحو دائم، لأنّه ببساطة لا حرب من دون عدوّ.

في الأحوال كافّة فإنّ البشر، كما ترسمهم اللوحة النضاليّة، شيء آخر غير البشر كما هم فعلاً. فبشر الحالة النضاليّة الذين لا يفعلون غير القتال والصمود، ولا يعلنون ألمهم أو جوعهم إلاّ لفضح العدوّ وأفعاله، بشر غير موجودين، وإذا وُجدوا كانوا كائنات مخيفة للبشر الفعليّين، أو كائنات لا تملك في مواجهة الحياة سوى الانتحار.

وإبّان معركة أوكيناوا، آخر معارك الحرب العالميّة الثانية، نُظر باحتقار إلى كلّ تعبير عن الحزن والألم، وقيل إنّ تعابير كهذه تجافي روح أمّة حربيّة مقاتلة كالأمّة اليابانيّة. أمّا أحد الشعارات الشعبيّة الذي رُفع حينذاك فيدعو إلى انتحار الأمّة اليابانيّة كلّها لأنّنا «كلّنا كاميكازيّون».

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إنّها ثقافة سياسيّة طُرد منها المدنيّون إنّها ثقافة سياسيّة طُرد منها المدنيّون



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:12 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"سانغ يونغ" تعّدل سيارات "Korando" الشهيرة

GMT 20:09 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشفِ أفضل الأماكن لقضاء "شهر العسل" في إندونيسيا

GMT 00:32 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

بسيسو يُثمن الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية

GMT 04:32 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

"Stratos" أول مطعم دوار في أبو ظبي لعشاق الرفاهية

GMT 13:55 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

"HP" تطرح رسميًا "لاب توب "Elitebook 800 بمواصفات حديثة

GMT 02:28 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

أسرع طريقة لتنظيف الشعر في فصل الصيف

GMT 10:50 2015 الجمعة ,22 أيار / مايو

إصدار نسخة أقوى من سيارة "Land Rover Defender"

GMT 02:59 2014 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

سينما الفن السابع تعرض فيلم "حمى" في الرباط

GMT 17:50 2015 الثلاثاء ,13 تشرين الأول / أكتوبر

أفضل مطاعم الأكل البيتي للعزومات

GMT 11:56 2016 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

الاحتفال بالذكري 72 لتقديم وثيقة الاستقلال في العيون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib