في ما خصّ العقلانيّة والعلمانيّة العربيّتين
أردوغان يعلن عن مؤامرة جديدة تتزامن مع مئوية سايكس بيكو ويؤكد أن إسرائيل لن تحقق أهدافها أفادت وكالة مهر الإيرانية بأن العالم النووي الإيراني طبطبائي قامشه وزوجته استُشهدا جراء هجوم إسرائيلي استهدفهما جيش الاحتلال الإسرائيلي يرصد إطلاق موجة صواريخ جديدة من إيران تجاه الأراضي المحتلة دونالد ترامب يهاجم مديرة الاستخبارات الوطنية بسبب تقييماتها بشأن النووي الإيراني مستشفيات الاحتلال الإسرائيلي تعلن إرتفاع حصيلة الضربة الإيرانية على حيفا إلى 33 مصاباً غارة جوية استهدفت منطقة محيط ميناء الناقورة في جنوب لبنان في تصعيد جديد ضمن التوتر المتصاعد بين إسرائيل ولبنان الدفاعات الجوية الإيرانية تسقط طائرات مسيّرة إسرائيلية فوق مدينة مشهد شمال شرقي البلاد فيسبوك يطلق دعم مفاتيح المرور لمكافحة هجمات التصيد الاحتيالى عودة تدريجية لخدمات الاتصالات الثابتة والإنترنت جنوب قطاع غزة صعوبات فى الوصول إلى خدمات الإنترنت بإيران لدرء الهجمات الإلكترونية الإسرائيلية
أخر الأخبار

في ما خصّ العقلانيّة والعلمانيّة العربيّتين

المغرب اليوم -

في ما خصّ العقلانيّة والعلمانيّة العربيّتين

حازم صاغية
بقلم : حازم صاغية

 

هناك في الثقافة السياسيّة العربيّة فئة لا تكفّ عن قرع طبول العقلانيّة والعلمانيّة والحداثة والتنوير. بعض المعبّرين عن ذلك يشهّرون بـ «العرب» و»المسلمين»، من غير تمييز، لأنّهم لم يأخذوا بهذه القيم. بعضهم الآخر يتحدّثون عن القيم إيّاها بوصفها ما «ينبلج» انبلاجاً أو «ينفجر» انفجاراً، فلا ندخل التاريخ إلّا بعد اشتغال الأسطورة، وهذا وفق لغة مستوحاة من مخيّلة ملحميّة تستوحي بدورها أفعال الطبيعة الهائجة. أمّا البعض الثالث فيشتم «الغرب» لأنّه من منعنا من أن نكون حديثين وعقلانيّين وعلمانيّين. وغالباً ما تخرج الأصوات الثلاثة هذه من حنجرة واحدة، فيما تُعرض مسألتها وفق ثنائية جامدة وفقيرة: تقدّم وتخلّف، تحضّر وتأخّر، تحوّل وثبات... أمّا البرهان الصلب وراء تلك الحجج فهو النصوص، وهذا علماً بأنّ لفعل النصوص حدوداً، وأنّ الوقائع هي، إلى حدّ بعيد، ما يملي تأويل النصوص. يكفي كمثَل غير حصريّ، أنّ الموقف الدينيّ من الشعر لم يمنع العرب من إنتاج إحدى أكبر نسب الشعراء في العالم.

والحال أنّ القيم المذكورة، أي العقلانيّة والعلمانيّة والتنوير...، لا يُمارى في أهميّتها وفي ضرورة استيطانها المنطقة العربيّة إذا كان لهذه الأخيرة أن تقلع وتتقدّم. مع ذلك، فالدوران الدائم حول هذا المطلب، لا يقدّم كثيراً ولا يؤخّر، ولا يزيد شعبيّة العقلانيّة والعلمانيّة ميليغراماً واحداً. ذاك أنّ التبشير الفصيح لا يلبث، بعد تجربة فاشلة أو تجربتين، أن ينتهي بالمبشّر إلى إعلان اليأس والقنوط، أو إلى الدعوة لسلوك طريق الانقلاب والعسكر والأمن، بوصفها ما يوصلنا إلى انتصار تلك القيم، وربّما التعويل على أتاتورك ما ينتهي معه عصر الظلمة ويبدأ عصر النور.

أغلب الظنّ، ووراءنا كمٌّ هائل من التجارب، أنّ العقلنة والعلمنة لا تحصلان «انفجاراً» و»انبلاجاً»، بل هما تنجمان عن عمليّات مديدة وسيرورات معقّدة. أمّا فرض التقدّم من أعلى، بسلاح القوّة والانقلاب والزعيم الكاريزميّ، فيحمل في ذاته تناقضات لا حصر لها، فيما تقول الشواهد إنّه يبقى سطحيّاً ولا يعمّر كثيراً. وما مصائر تركيّا الأتاتوركيّة وإيران الشاهنشاهيّة وأفغانستان أمان الله خان...، سوى إعلانات كثيرة عن ذاك الحصاد البائس.

والراهن أنّ حصول انحياز شعبيّ عريض لهذه القيم لا بدّ أن يأتي تتويجاً لحركة فكريّة تخضّ المجتمع وتستدرجه إلى نقاش عامّ مفتوح ودائم. فكيف يؤمل حصول انحياز فكريّ كهذا فيما النظام الأمنيّ والعسكريّ يمنع التفكير أصلاً، فيما المسموح به من «التفكير» هو ما يكون تزكية لخيارات النظام العريضة. وطبعاً سوف يكون من المتاح دائماً التسلّي بترجمة أفكار «طليعيّة» وتِرداد أخرى، إلاّ أنّها لا تتّصل بأحوالنا إلاّ لماماً. وبدوره فحبس التفكير على هذا النحو إنّما يجد إسناده في إشاعة نظرة للعالم بوصفه ساحة لأعداء ومؤامرات ومتآمرين ليسوا سوى صياغة حديثة للجنّ والعفاريت، أو بوصفه مسرحاً لحدث تكراريّ مادّته الحروب والمعارك، ما ينزع عن الجديد مبرّراته التي يحتكرها الاستعداد لتلك المواجهات.

فوق هذا، فحصول انحياز شعبيّ عريض لتلك القيم يفترض اقتناع الأكثريّات الشعبيّة بأنّ القيم المذكورة تدرّ على السكّان حقوقاً ومصالح وحرّيّات أكبر وأكثر. ونعرف بالملموس أنّ الأنظمة الانقلابيّة، العسكريّة والأمنيّة، لا تكتفي بامتصاص الحرّيّات، بل تُفقر المجتمع كذلك، جاعلة الصراع اليوميّ لأجل البقاء الهمّ العامّ الأكثر شعبيّة وإلحاحاً. وبالطبع سوف تبقى مصالحة الأكثريّات الشعبيّة مع تلك القيم رهناً بجذب خصوم تلك القيم الألدّ إلى السياسة، شرط تخلّيهم عن العنف وإقرارهم بالعمليّة السياسيّة وبالاحتكام إليها. فكيف وأنّ تلك الأنظمة غالباً ما تصطبغ بلون فئويّ، طائفيّ أو إثنيّ، يطرد سواه وينفّر فئات عريضة من السكّان من الحداثة والعقلنة والعلمنة التي تتذرّع بها الأنظمة المذكورة.

كذلك، وبالاستناد إلى التجربة الأوروبيّة التي تقاس الأمور عليها، يصعب أن يحصل الانحياز المأمول إلاّ من ضمن حركة صعود تاريخيّة عريضة. فالعقلنة والعلمنة إنّما واكبتا، أو توّجتا، تطوّرات كبرى لا تعرف منطقتنا إلاّ ما يعاكسها. صحيح أنّنا لم نعد بحاجة إلى اكتشاف أميركا ثانية، ولسنا مدعوّين لأن نعيد ربط أجزاء العالم وتوحيدها. لكنّ أفعالاً كإغلاق بلداننا عن العالم ليست الحاضن الذي يلائم ازدهار التنوير والعقلانيّة والنهضة، إلاّ بالقدر الذي تشهده كوريا الشماليّة.

والعوامل هذه تُلحّ جميعاً على طرح مسألة السلطة السياسيّة بوصفها المدخل الذي لا بدّ منه. فحسم مسألة السلطة هو الإنجاز الضروريّ، وإن غير الكافي بطبيعة الحال. ويُخشى أن يكون الكثير من الضجيج الراهن حول العقلانيّة والعلمانيّة والتنوير وسواها لا يستهدف إلاّ طيّ هذه المسألة الأرضيّة جدّاً وإطلاق الرصاص على السماء.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

في ما خصّ العقلانيّة والعلمانيّة العربيّتين في ما خصّ العقلانيّة والعلمانيّة العربيّتين



GMT 14:15 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

في ذكرى النكبة..”إسرائيل تلفظ أنفاسها”!

GMT 12:08 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

مشعل الكويت وأملها

GMT 12:02 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

بقاء السوريين في لبنان... ومشروع الفتنة

GMT 11:53 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

“النطنطة” بين الموالاة والمعارضة !

GMT 11:48 2024 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

نتنياهو و«حماس»... إدامة الصراع وتعميقه؟

هيفاء وهبي تتألق بتنسيق اللون الزهري والأسود مع لمسة الذهبي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:12 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

"سانغ يونغ" تعّدل سيارات "Korando" الشهيرة

GMT 20:09 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

اكتشفِ أفضل الأماكن لقضاء "شهر العسل" في إندونيسيا

GMT 00:32 2018 الثلاثاء ,16 تشرين الأول / أكتوبر

بسيسو يُثمن الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية

GMT 04:32 2018 الخميس ,27 أيلول / سبتمبر

"Stratos" أول مطعم دوار في أبو ظبي لعشاق الرفاهية

GMT 13:55 2018 الثلاثاء ,13 شباط / فبراير

"HP" تطرح رسميًا "لاب توب "Elitebook 800 بمواصفات حديثة

GMT 02:28 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

أسرع طريقة لتنظيف الشعر في فصل الصيف

GMT 10:50 2015 الجمعة ,22 أيار / مايو

إصدار نسخة أقوى من سيارة "Land Rover Defender"

GMT 02:59 2014 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

سينما الفن السابع تعرض فيلم "حمى" في الرباط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib