هلوسات بصدد «كورونا»
استقالة مدير عام بي بي سي ورئيسة الأخبار بعد جدل حول تغطية خطاب ترمب قصف إسرائيلي يستهدف سيارة جنوب لبنان وارتفاع حصيلة الشهداء في غارات متواصلة على النبطية والمناطق الحدودية حماس تندد بجولة رئيس الاحتلال الإسرائيلي في إفريقيا وتدعو الدول لرفض التطبيع وقطع العلاقات اسرائيل تتهم الجيش اللبناني بالتراخي وواشنطن تضغط لقطع تمويل ايران عن حزب الله سحب دفعات من حليب رضع في أميركا بعد تسجيل 13 حالة تسمم والتحقيقات مستمرة لمعرفة مصدر التلوث غزه تواصل النزيف حصيله الشهداء ترتفع الى 69 الفاً والاصابات تتجاوز 170 الف منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي في 7 اكتوبر وزارة الداخلية السعودية تنفذ حكم القتل تعزيراً بحق مواطنين لانضمامهما إلى تنظيم إرهابي يستهدف أمن المملكة غرق قارب قبالة الحدود الماليزية التايلاندية ومفقودون يقاربون 290 شخص ستة قتلى ومئات المصابين بإعصار شديد في ولاية بارانا البرازيلية سوء الطقس في الكويت يجبر تسع طائرات على الهبوط الاضطراري في مطار البصرة الدولي
أخر الأخبار

هلوسات بصدد «كورونا»...

المغرب اليوم -

هلوسات بصدد «كورونا»

بقلم -حازم صاغية

تنظر في الصور التي تنقلها محطّات ومنصّات إعلامية لساحات المدن الخالية، فتُضطرّ أحياناً أن تقرأ التعريف بالصورة كي تتأكّد من أنّ «تايمز سكوير» أو «بيكاديللي سيركوس» هما فعلاً «تايمز سكوير» و«بيكاديللي سيركوس». أمكنة يعرفها واحدنا جيّداً، أو على الأقلّ يعرف صورها جيداً. إلا أنّها تغدو، من دون بشرها وازدحامهم، غير قابلة للتعرّف إليها.
ذاك أنّ نزع البشر عن المكان، وهو ما تفعله الحروب بطاقة تدميريّة أقوى كثيراً، يحرم المكان أن يكون نفسه، أي يردّه إلى بطاقة بريديّة لا حياة فيها سوى الوحشة.
شعور كهذا يزيده قوّة أن يسير واحدنا في شوارع مدينته المغلقة. هنا يأتيك إحساس جارف بالتساوي بين الصباح والمساء، وبين الليل والنهار، وبين الريف والمدينة. وقد يتراءى لك أنّ هذا الشارع الذي تسير وحدك فيه هو مُلك لك وحدك، إلاّ أنّ إحساساً ملازماً ينتابك من أنّك لا تملك شيئاً، أو أنّ هذا الذي تتوهّم امتلاكه ملكيّة مهجورة لا يريدها أحد. فقط القطط الجائعة، بسبب إغلاق المطاعم التي كانت تُطعمها فضلاتها، هي التي تحتلّ المكان.
هذا التساوي بين الأمكنة يتعدّى البلد الواحد إلى العالم كلّه، وهو ما أجاز للبعض استخدام تعبير «الحرب العالميّة» في وصف «كورونا» ومفاعيلها. لكنّه أيضاً، وإلى حدّ بعيد، تساوٍ بين الأزمنة، أو بكلام أدقّ، بين فسحات الوقت، حيث الاثنين كالثلاثاء، والثلاثاء كالأربعاء، والصباح كأي صباح آخر والمساء كذلك.
لهذا لا يملك المرء إلاّ أن يضحك حين يواجهه السؤال الذي يحمله إليه التليفون أو الإيميل: ما أخبارك؟ ذاك أنّ الأحداث، التي تصبح أخباراً، لا تحدث في ظلّ هذا التساوي الشامل بين أشيائنا وما يحيط بنا ونحيط به. هناك ثلاثة أو أربع وظائف نزاولها جميعاً، ولا نختلف بعضنا عن بعض في مزاولتها إلاّ في التفصيل المُملّ، كأنْ يمشي واحدنا قليلاً حول بيته صباحاً فيما يمشي غيره في المساء، أو كأنْ يسبّق واحدنا وظيفة الطبخ على الغسل، أو للبعض القراءة على الكتابة، أو العكس.
كلّ شيء إذن يتماثل مع كلّ شيء، وكلّ واحد مع كلّ واحد، فيما الخبر الكوروني الأوحد يهيمن على نهارنا منذ أن نفيق صباحاً: كم عدد الإصابات؟ كم عدد الوفيّات؟ ماذا عن إيطاليا؟ عن بريطانيا؟ عنّا نحن؟
أمّا بعض الذين درسوا التوتاليتاريّة فوجدوا أنّها تسيّس كلّ شيء، وتجعل الجميع واحداً، وتسيّج الحياة حول قضيّة وحيدة يُعبّأ الكلّ باسمها، وتتحكّم بهم كلّهم، فقد يعثرون في أفاعيل «كورونا» على ما يشبه أفاعيل التوتاليتاريّة، خصوصاً أنّ الاثنتين تنزعان من الناس أغلى ما يملكونه: الحرّيّة، وتُقفلان البيت عليهم.
وإذ يحتقن العنف المكبوت، وتتكاثر أجهزة «الرفاق» المتنافسة، تجعل «كورونا» يد المرء خصماً له، أو طرفاً مشتبهاً به ينبغي رصد حركاته وسكناته. ذاك أنّ اليد قد تضلّ طريقها في اللمس فتخون صاحبها وتعود عليه بالعدوى، وفي داخل البيت يحتدم النزاع على المساحة المتوفّرة وعلى العطس والسعال، ويحتكم الأقوى جسديّاً إلى العنف المنزلي ضدّ «شريكته» الضحيّة.
وبدوره، فالكلام يفقد في الحالتين الكثير من معناه. فلنتأمّل مثلاً كلمة غالباً ما يقولها الواحد منّا للآخر: «اشتقنا». هذا الشعور بالشوق قد يكون صادقاً تماماً، لا سيّما في ظلّ «التباعد الاجتماعيّ» لـ«كورونا». مع ذلك، فالتعبير غير قابل للتحقّق، وقائلوه غير راغبين في تحقيقه فعليّاً، نظراً لاحتمالاته الضارّة المعروفة.
وكان شيزلو ميلوش، الشاعر والروائي البولنديّ، قد ترك لنا كتاباً رائعاً سماه «العقل الأسير» عن تحوير الكلام وتزييفه في ظلّ الشيوعيّة البولنديّة. فهو استعار من الأرستوقراطي والمنظّر العنصري الفرنسي دو غوبينو، نظريّته في «الكتمان»، كما لمسها كرحّالة ودبلوماسي عاش في بلاد فارس بين 1861 و1863. ذاك أنّ الذين استدخلوا الكتمان يمكنهم العيش وسط تناقضات تحملهم على قول الشيء ونقيضه، والتكيّف مع أهواء حكّامهم والاعتقاد أنّهم يحتفظون باستقلاليّة الأحرار، أو أنّهم، في أحسن الأحوال، أحرار قرّروا أن يضحّوا بحريّتهم طوعاً. وهذا الكتمان يوفّر لصاحبه الراحة والاطمئنان، كما يؤمّن سوراً لتأمّلاته الرغبوية. وبسبب الكتمان، يعيش المواطنون على مستوى داخلي وآخر خارجيّ، مستوى مكتوم وآخر معلن. يترافق هذا مع تغيير عميق يطال طبيعة المشهد والمدينة والمهنة، ممّا ينبغي التكيّف معه وإلاّ كانت العاقبة لا تُطاق.
وهناك أدبيّات كثيرة عن اللغة التي لا تعني ما تقوله، من «الكلام الجديد» لجورج أورويل إلى «كما لو أنّ» في وصف ليزا ويدين لـ«سوريّا الأسد»، حيث المهمّ ليس ما يقال، بل ما يُراد قوله. لكنّ المشكلة الأخرى أن نتطبّع مع كلامنا هذا، بل مع حياتنا الكورونية أو البيتية هذه، فيستبدّ بنا خوف «العودة إلى الحياة» حين تغدو الحياة متاحة، وهذا أيضاً ما عصف ببعض الذين سقطت أنظمتهم التوتاليتاريّة، فاستولى عليهم خوف التغيّر والخروج إلى العالم. إلاّ أنّ انهيار الأنظمة ترك بلداناً بكاملها أقرب إلى القاع الصفصف، وهذا أيضاً ما يُخشى أن تخلّفه «كورونا» بعد انقضائها.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هلوسات بصدد «كورونا» هلوسات بصدد «كورونا»



GMT 10:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

‏مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:45 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:42 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 07:14 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت
المغرب اليوم - نانسي عجرم تتألق بصيحة الجمبسوت الشورت

GMT 23:21 1970 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية
المغرب اليوم - غارات مسيرة تستهدف قيادات القاعدة في شبوة اليمنية

GMT 15:53 2020 الإثنين ,20 إبريل / نيسان

فضيحة أخلاقية في زمن الحجر الصحي بنواحي أكادير

GMT 15:34 2020 السبت ,18 كانون الثاني / يناير

عملاق فرنسا يبدي رغبته في ضم حكيم زياش

GMT 07:22 2018 الخميس ,02 آب / أغسطس

"جاغوار" تطرح نسخة مبتدئة دافعة " two-wheel"

GMT 04:03 2018 الخميس ,12 إبريل / نيسان

غاريدو يكشف أن الرجاء مستعد لمواجهة الوداد

GMT 16:51 2017 الإثنين ,24 إبريل / نيسان

طريقة عمل بروكلي بصوص الطماطم

GMT 05:00 2016 الأحد ,23 تشرين الأول / أكتوبر

طريقة عمل مشروب التوت بالحليب مع الشوكولاتة المبشورة

GMT 01:09 2015 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طبيب ينجح في إزالة ورم حميد من رأس فتاة

GMT 04:40 2016 الجمعة ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

موقع "أمازون" ينشئ سلة مهملات ذكية تدعى "جيني كان"

GMT 02:53 2015 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

المهاجم مراد باطنا يقترب من الانتقال إلى "انطاليا التركي"

GMT 04:17 2012 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

كوزوميل جزيرة الشعاب المرجانية ومتعة هواة الغطس

GMT 10:00 2017 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

النجمة أمل صقر تكشف أن المجال الفني يعج بالمتحرشين
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib