القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

المغرب اليوم -

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

 

وأخيراً بدأ الدم الفلسطيني والأرواح التي استشهدت بالآلاف أطفالاً ونساءً ورجالاً يعطيان على الأقل نتائجَ ذاتَ قيمة ومعنى لأول قضية في تاريخ العالم: القضية الفلسطينية.

نعم ما حصل الأسبوع الماضي ليس قليلاً ويعد من أخطر ما حصل لإسرائيل، وهكذا يمكن أن نبدأ التأريخ للخسارات الكبرى لإسرائيل في عدوانها الغاشم ضد أهالي غزة انطلاقاً من يوم 28 من الشهر الحالي، وذلك على خلفية القرارات التاريخية لكل من إسبانيا والنرويج وآيرلندا التي أعلنت اعترافها رسمياً بدولة إسرائيل.

إنَّ هذا الأمر يعد حدثاً نوعياً كبيراً لفائدة القضية الفلسطينية وتحولاً نوعياً كبيراً من المهم إيلاؤه حق قدره من المعنى والدلالة. ومن المهم أن نتذكر أن مثل هذا الاعتراف لم يحصل عندما تم اتفاق أوسلو مثلاً ولكنه حصل اليوم. ومن المهم أن ندرك أن هذا الاعتراف نص على الحق في دولة فلسطينية، أي أنه اعتراف سياسي مهم سيترجم إلى تبادل العلاقات الدبلوماسية. لذلك؛ فإن إعلان ثلاث دول أوروبية دفعة واحدة اعترافها بالدولة الفلسطينية هو نجاح للقضية الفلسطينية وخسارة فادحة لإسرائيل. وهنا نتذكر أن السويد هي أول دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تعترف بدولة فلسطين وكان ذلك سنة 2014.

لنقل إن باب الاعتراف بالدولة الفلسطينية قد فُتح على مصراعيه، وإن إمكانية سريان عدوى الاعتراف بها قابلة للانتشار على نحو يقوي الوجود السياسي في الفضاء الغربي لفلسطين، وهذا يمثل في حد ذاته نتيجة استراتيجية دقيقة جداً.

صحيح أن هذا التحول النوعي هو نتيجة لدماء هائلة وآلاف من الأرواح التي زهقت، وأن هذا الإنجاز على أهميته لا شيء أمام تضحيات الشعب الفلسطيني الجسام والمظلمة التي تعرض لها على امتداد عقود طويلة والتي لا تشبه أي مظلمة أخرى في التاريخ.

إذن ما حصل يصبُّ في صالح الفلسطينيين والقضية الفلسطينية رغم كل شيء.

ولكن في الوقت نفسه نعتقد أن حصول اعتراف ثلاث دول دفعة واحدة يعد حدثاً متعدد الدلالات، ولعل أقواها وأهمها أن الفكرة التي بنت عليها إسرائيل دعم الغرب لها قد تعرضت إلى نوع من الشرخ منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك بسبب الكم الهائل من الجرائم المرتبكة في حق نساء أهل غزة وأطفالهم.

إنَّ فكرة إسرائيل الضحية لم يعد من الممكن الترويج لها. فهي فكرة فقدت صلاحيتها. وهنا الخسارة الكبرى لإسرائيل، والفراغ الكبير. السؤال كيف ستقنع العالم بأنها الضحية بعد كل الجرائم والصور الشنيعة التي شاهدها العالم؟ بمعنى آخر: لقد فقدت إسرائيل سرديتها وباتت دون سردية الشيء الذي يضاعف من إرباكها الراهن.

طبعاً من المهم بالنسبة إلى الجانب الفلسطيني والعربي التقاط هذه اللحظة بما تحمله من تغييرات واستثمارها لصالح القضية الفلسطينية التي تمثل قلب قضايا العالم العربي والإسلامي، وكل تقدم فيها هو تقدم أيضاً لصالح الشرق الأوسط والفضاء العربي والإسلامي كله.

من المهم جداً أن ندرك أنّ تتالي الاعترافات بالدولة الفلسطينية وإحداث تراكم نوعي يقويان من الوجود السياسي الفلسطيني في العالم، ويعززان واقع الدولة الفلسطينية، وهو واقع سيغير بدوره أشياء كثيرة قد لا تبدو ظاهرة حالياً، ولكن كل شيء سيتغير نحو الأفضل لفلسطين ونحو الأسوأ لإسرائيل.

لقد كاد اليأس يدب في القضية الفلسطينية، ولكن جرائم إسرائيل واستهتارها بالقانون الدولي الإنساني واستباحة الأطفال والنساء، فضحت إسرائيل وأسقطت سردية الضحية، وأعادت القضية الفلسطينية إلى اهتمام العالم وفق مقاربة جديدة تثبت تحقق انتصار نوعي للقضية الفلسطينية.

ويبدو لنا أن ما يجري حالياً من تغير يستحق الانتباه وحسن القراءة، ومن ثمة التحلي بالتفاعل المطلوب والمدروس، لأنَّ القضية الفلسطينية تشهد منعرجاً إيجابياً مهماً من جهة، إضافة إلى أن الدمار الذي لحق بقطاع غزة يحتاج إلى مقاربة مختلفة وإلى وقفة أكثر أهمية.

كما أنه من المهم أيضاً أن نفهم ونعي وندرك أن حل القضية الفلسطينية حاجة حيوية لكل بلداننا، ولن يهنأ لنا بال إلا بتسوية القضية الفلسطينية وتقرير الشعب الفلسطيني لمصيره بنفسه.

يوم الثلاثاء القادم يوم مفصلي في تاريخ فلسطين: اعتراف النرويج وآيرلندا وإسبانيا. إنه يوم سيفتح الباب لاعترافات أخرى ستأتي على مراحل ودفعة واحدة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية القضية الفلسطينية في لحظة نوعية



GMT 17:44 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

الشهادة القاطعة

GMT 17:43 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

دروز سوريا… تاريخ لا يمكن تجاوزه

GMT 17:41 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

لا تطمئنوا كثيرًا..!

GMT 17:36 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

استنزاف الشرع أم تفكيك سوريا؟

GMT 17:34 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إعادة قراءة لتواريخ بعيون فاحصة

GMT 17:32 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

إيران دون عقوبات: تمكين الحلفاء بديل النووي

GMT 17:30 2025 الإثنين ,05 أيار / مايو

هل عاد زمن العطارين؟

أمينة خليل تتألق في الأبيض بإطلالات عصرية ولمسات أنثوية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 14:41 2023 السبت ,22 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 4.5 درجة في اليونان

GMT 07:39 2019 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

"الغجر يحبُّون أيضًا" رواية جديدة لـ"الأعرج"

GMT 15:40 2019 السبت ,21 أيلول / سبتمبر

كيفية اختيار لون المناكير المناسب

GMT 23:58 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

ساني يهزم نيمار في سباق رجل جولة دوري أبطال أوروبا

GMT 19:43 2018 السبت ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

البدواوي يكشف أن "حتا" شهدت إقبالاً كبيراً من السياح

GMT 14:00 2018 الجمعة ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

نادي "إشبيلية" يرغب في التعاقد مع ماركوس يورينتي

GMT 00:51 2018 الجمعة ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

التلفزيون الملون لم يدخل بيوت الآلاف في بريطانيا

GMT 00:29 2018 الخميس ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

صفية العمري تؤكّد أنها تبحث عن الأعمال الفنية الجيدة فقط
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib