ثورة الاتصالات والضحايا السعداء
وسائل إعلام لبنانية الجيش ينتشر على طريق مطار رفيق الحريري لمنع محاولات من مناصري حزب الله لقطع الطريق الخارجية اللبنانية ترد بقوة على تصريحات مستشار خامنئي مستشار خامنئي يؤكد دعم إيران لحزب الله ورفضها ممر القوقاز سموتريتش يعلن فقدان الثقة في قدرة نتنياهو على الانتصار في غزة محمد صلاح يحرج يويفا بصمته بعد مقتل بيليه فلسطين النيابة الفرنسية تُحقق مع الحاخام الإسرائيلي دانيال ديفيد كوهين بعد تهديده ماكرون بالقتل بسبب خطته للاعتراف بدولة فلسطين الجيش العراقي يعلن اعتداء عناصر من كتائب حزب الله والحشد الشعبي على دائرة زراعة الكرخ ويكشف خللا في القيادة مجلس الأمن الدولي يؤجل جلسته الطارئة بشأن قطاع غزة 24 ساعة استجابة لطلب إسرائيل الجيش اللبناني يعلن مقتل ستة جنود وإصابة آخرين في انفجار بمخزن أسلحة جنوب البلاد والتحقيقات مستمرة لمعرفة ملابسات الحادث الشرطة البريطانية تعتقل أكثر من 50 متظاهراً لاحتجاجهم على قرار حظر أنشطة منظمة "فلسطين أكشن"
أخر الأخبار

ثورة الاتصالات والضحايا السعداء

المغرب اليوم -

ثورة الاتصالات والضحايا السعداء

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

 

إن وضع المجتمعات العربية اليوم كوضع من ركب القطار متأخراً. هناك دائماً نوع من الوعي بالمستجدات متأخر جداً، الأمر الذي يجعلنا في دوامة من الإخفاقات. بل إن تصورنا للصراع لم يبرح فكرته القديمة وما زال الاعتقاد بالصراع على الشاكلة القديمة التقليدية، والحال أن الحروب بالمعنى التقليدي للكلمة تقريباً قد تم تجاوزها خصوصاً فيما يتصل بآليات الحرب وأسلحتها.

فالقوة حسب تصورنا هي امتلاك جيش قوي وضمان الحد الأدنى من السلاح وانتشار روح الفداء. وهذا أمر لا محالة ليس خاطئاً ولكنه لم يعد كافياً كما كان في الصراعات والحروب التقليدية. وهنا لا بد من التمييز بين الحرب والصراع: الحرب في طريقها إلى الزوال من حيث الشكل وترتيب الأدوات والآليات. أما الصراع فهو باقٍ بقاء المجتمع الإنساني لأنه جوهر الوجود في كوكب الأرض. لذلك فإن أشكال الصراع هي التي تتغير والحرب باقية ولكن بأقنعة مغايرة.

مَن يكسب الصراع اليوم هو الأقوى من حيث التحكم في عالم الاتصالات وفي قدرته على تحويله إلى قطاع حيوي وحساس مثله مثل الزراعة.

من يتحكم في الاتصالات يتحكم في العالم، ويستطيع أن يتعقب أنفاس أعدائه وخصومه وجيرانه وحتى أصدقائه.

ولا شك في أن الجاسوسية طريقة قديمة، والطرف الذي يملك الأكثر من الأسرار والمعلومات عن خصمه كانت حظوظ النصر وافرة أمامه. هذا الجانب الخفي من الحروب والصراعات هو ما اصطلح على تسميته في العصر الحديث بالمخابرات، التي شهدت ثورة حقيقية مع تكنولوجيا الاتصال. إن تاريخاً جديداً من موازين القوى بدأ مع ثورة الاتصالات.

ويمكن تحديد خطورة هذه الثورة من رصد التغييرات الحاصلة من تاريخ دخول الهاتف الجوال إلى مجال العلاقات الاجتماعية والتواصل بين الأفراد، إضافة إلى بداية زمن شبكات التواصل الاجتماعي ومختلف البرمجيات الخاصة بتحديد الأماكن من خلال الهاتف وتعقب السيارات من خلال جهاز مراقبة، وأيضاً أجهزة التنصت وكاميرات المراقبة.

طبعاً صحيح أن هذه الثورة أفادت البشرية جمعاء في نواحٍ عدة، كما سهلت كاميرات المراقبة فك ألغاز جرائم عويصة ومعقدة، وأيضاً خفضت شبكات التواصل من تكلفة التواصل والفواتير المرتفعة للهاتف الثابت. وصحيح أنها قربت المسافات والتواصل أصبح أسهل. ويكفي أن نتذكر أن الأم تستطيع التواصل مع ابنها المسافر والبعيد في قارة أخرى ورؤيته أيضاً بالكاميرا مما يخفض معاناة الشوق ويذلل فكرة البعد... ولكن إلى جانب كل هذه المزايا هناك تأثيرات سلبية لا ننتبه إليها. فهي ثورة أطاحت بالحرية والشفافية، وجعلت الناس مكشوفين ومراقبين (ميشال فوكو أشار إلى هذه المسألة في كتاباته). والذين يتحكمون في الفضاء الافتراضي يقومون بإحصاء معمق ودقيق لسكان العالم، ويعرفون عنهم كل صغيرة وكبيرة، ويمتلكون نسخاً من المحادثات، وثمة مَن يعرفون كل شيء عن مستخدمي وسائل الاتصال، والمستخدمون لا يدركون مع الأسف مدى درجة انتهاك بياناتهم وحكاياتهم.

وفي خضم كل هذا فنحن ضحايا سعداء لثورة الاتصالات، بل وتغمرنا الفرحة ونحن نشتري أحدث أجيال الهواتف الجوالة ونتسارع في إنشاء حسابات على أي شبكة تواصل اجتماعي جديدة من دون أن نضع في الحسبان أننا بصدد الوقوع في فخ الانتهاك الذاتي لكل بياناتنا، وما يعتمل في عقلنا وداخلنا ومشاعرنا.

هذا على المستوى الاجتماعي والفردي، فما بالنا بالجانب السياسي وتوظيف الثورة التي انتقلت إلى عالم المخابرات القائم أساساً على الاتصال والتجسس المعلوماتي. فإلى أي حد يمكن ضمان عدم سرية القرارات السياسية والخطط السرية للأنظمة وللأحزاب وللحركات التي تقدم نفسها حركات مناضلة؟ وهل يمكن لأي مناضل اليوم أن ينقطع عن استعمال الهاتف الجوال غير المضمون للتواصل مع رفاقه؟

لو نراجع قليلاً ما حصل في الأشهر الأخيرة من السنة الماضية، وندقق في دور الاتصالات في إحداث زلزال وتغيير موازين القوى. أليست الاغتيالات التي حصلت كانت بسبب خرق اتصالي؟ كما أن اغتيال أمين عام «حزب الله» ومعظم قادته ومن معهم ألم يسبقه تشويش وخرق مجال أجهزة الاتصالات في لبنان؟

لقد جعلت ثورة الاتصالات الجميع تحت مجهر مالكي وسائل الاتصال والبرمجيات والتطبيقات. الجميع مخترق باستثناء مَن يتحكمون في ابتكارها ويحتكرونها ثم يتم التعميم من أجل الرصد والمراقبة.

وعلى المستوى السياسي خصوصاً نعتقد أن الحل ليس فقط في جلب كفاءات كبيرة في مجال الاتصالات لإعداد أنظمة حماية للدولة من الاختراق، بل في الاستثمار العلمي في هذا المجال؛ لأن الكفاءة المستوردة تقدم لك برنامج حماية إلى حين، بينما الباحث الوطني يبتكر ويسبق بخطوة. نحن بحاجة ماسة إلى أن نسبق بخطوة كيلا نظل ضحايا وسعداء في الآن ذاته.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثورة الاتصالات والضحايا السعداء ثورة الاتصالات والضحايا السعداء



GMT 18:51 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً: النهاية!

GMT 18:42 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

تيه في صخب عربي مزمن

GMT 18:40 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

الظهور الثاني لعوض الدوخي

GMT 18:38 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

قضيتا الاستعصاء السياسي!

GMT 18:36 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

نصرة غزة!

GMT 18:32 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

غياب الساحل الطيب

نانسي عجرم تتألق بفستان فضي من توقيع إيلي صعب في إطلالة خاطفة للأنظار

دبي - المغرب اليوم

GMT 10:50 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

درة تتألق بإطلالات صيفية ملهمة في 2025
المغرب اليوم - درة تتألق بإطلالات صيفية ملهمة في 2025

GMT 18:02 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

الكشف عن حالة أنغام بعد الجراحة الثانية
المغرب اليوم - الكشف عن حالة أنغام بعد الجراحة الثانية

GMT 01:08 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

مخيتريان يبيِّن أن الانضمام لآرسنال من أهم أحلامه

GMT 02:18 2017 الجمعة ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

رسل العزاوي تكشف عن امتلاكها قدرة على التقديم وجذب الحضور

GMT 15:34 2022 الإثنين ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

 مميش يؤكد أن مصر ستكون مصدرًا إقليميًا للهيدروجين الأخضر

GMT 09:06 2022 الخميس ,24 آذار/ مارس

طرق لإضافة اللون الأزرق لديكور غرفة النوم
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib