القابليّة للتّفوق

القابليّة للتّفوق

المغرب اليوم -

القابليّة للتّفوق

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

بعين الموضوعيةِ العقلانية فإنَّنا لا نستطيع أن ننكرَ أنَّ العالم العربي كان يمكن أن يكون أفضلَ بكثير مما هو عليه الآن. وصحيح أيضاً أنَّنا أهدرنا زمناً لا يستهان به وأضعنا فرصاً حقيقية لنكون أمةً متقدمةً بأتمّ معنى الكلمة.
ولا شك أيضاً أن مشكلات كثيرة وتحديّات عدّة كان بالإمكان عدم حصولها وعدم دفع تكلفتها الباهظة مادياً ونفسياً.
كل هذا صحيح. ولكن صحيح أيضاً أنَّ كلَّ ما سبق ذكره لم يقتلع من العالم العربي بذور التميز، ولم تغب في كل مراحله التاريخية رسالة تثلج صدور كل المجتمعات العربية وتجعلها تستعيد ثقتها بنفسها. وهي لحظات مهمة جداً نعرف فيها ما يساعدنا على الصمود بعدها.
إننا مجتمعات لها قابلية التفوق. وهذا في حدّ ذاته رأسمال ذهني ووجداني ونفسي مهم جداً يجعلنا قادرين على الحلم وصنع المستقبل بأكثر قوة وإرادة.
لا تنسَ أن هناك علماء عرباً اليوم تزخر بهم كبرى جامعات العالم. ولا تنسَ أن عربياً تحصل على جائزة نوبل للسلام وجائزة نوبل في الكيمياء. لا ننسى أن العرب يحصدون جوائز مرموقة في مسابقات الأدب والفكر والعلم... ولا ننسى أيضاً أنه حتى في الرياضة أظهر العرب تميزاً وآخرها بطولة كأس العالم.
مفكرون كثيرون تناولوا بالدرس الإنسان العربي ومنهم مالك بن نبي صاحب مقولة «القابلية للاستعمار»، وكان في تناوله معززاً بالمبررات والمنطق، ولكن في نفس الوقت فإن هناك سردية مقابلة ما لبثت تقارع هذه المقولات وتدحضها بالمبررات والمنطق والأمثلة أيضاً.
السؤال: كيف يمكن فهم أمّة هي قابلة للشيء ونقيضه؟
يبدو لنا المهم في كل هذا وفي سياق المقاربة الإيجابية للأشياء هي أن المجتمعات العربية قابلة للتفوق والتميز والتقدم، وأن تكون ضمن مقدمة الركب الحضاري. ويمكن الدفاع عن هذه القابلية بالأحداث والحجج الملموسة لا بالشعارات والأوهام. وهذا ما يجب البناء عليه والتركيز عليه لتعزيز الصمود والثقة بالذات العربية.
الجيد أيضاً أن التحديات التي عرفها العالم في السنوات الأخيرة أجبرت الجميع على الانخراط في مسار اللحاق بالركب بشكل يجعل من عملية اللحاق ذاتها، وما تعرفه من جهد ونتائج هي المهمة في حد ذاتها بلفت النظر عما إذا كان اللحاق سيكون سنة 2030، حسب انتظارات الخطة الأممية للتنمية المستدامة أو بعد ذلك التاريخ. أي أن العبرة في شق الطريق نحو الركب، وأن الرحلة أهم من نقطة الوصول.
طبعاً ليس كل هذا والأمور ليست بسيطة كما نحب أن نبسطها. الإيجابي هو أن القابلية للتفوق والنجاح والتفرد قائمة الذات، ولكن المقلق هو أن هذه القابلية تظهر وتغيب ولم يتم تغليبها بشكل يجعلها هي القاعدة في طريقة وجودنا في العالم اليوم. ومن هذا المنطلق الذي تبرز فيه حالة التردد الواضحة بين حالتين هما القابلية للتفوق والقابلية للتراجع ولإهدار المكاسب تحتم علينا الاشتغال على حالة التشظي بين القابليتين، ووضع كل الاستراتيجيات والخطط الكفيلة بتغليب القابلية للتفوق والنّجاح والتقدم.
هنا التحدي الكبير الذي من المهم الانتباه إليه وتسميته وتوصيفه بشكل جيد، هو الذي سيحسم التردد بين القابلية للتفوق والنجاح والقابلية للفشل.
نعتقد أن كل ما يخلق الثقة بالذات العربية وقدرتها على التميز والعطاء من المهم تثمينه وإيلاؤه القيمة التي يستحقها. فلا خير يرجى من خطاب الإحباط وجلد الذات والتقزيم. وها هي الأحداث نفسها تطيح بمثل هذا الخطاب.
إنَّ طريق الرهان على التعليم ومواصلة مقاومة الأمية والفقر وبناء إنسان أكثر حرية وأكثر استقلالية وأكثر كرامة ستجعلنا نحرز خطوات معمقة وحقيقية تجعل من الكفة تميل نحو مجتمعات عربية ذات قابلية للتفوق والنجاح.
ولعل كل تعزيز لفكرة القابلية للتفوق من المهم المضي فيه لما لذلك من مردود رمزي هائل يقطع مع مقولات رغم ما تتضمنه من موضوعية، إلا أنّها لا تُعين أمة باحثة عمّا يُعزز صمودها في لحظات عالمية صعبة وذات إكراهات ليست هينة بالمرّة على الجميع بما في ذلك البلدان القويّة الغنيّة.
في الحقيقة الآخر، أي العالم الأوروبي والغربي عموماً، يعلم جيداً أن العرب لديهم قابلية تاريخية للتفوق، ولقد أدركوا ذلك جيداً من الكفاءات العربية التي تعج بها بلدانهم كالأطباء والأساتذة والمهندسين والعلماء في الاختصاصات الدقيقة الصعبة الذين استوعبتهم مخابر بحوثهم عالية التجهيزات... هم يدركون كم نحن قادرون على التفوق وقد حان اليوم الوقت أن تؤمن الأمة العربية بنفسها أكثر، وأن تطوي صفحات القابلية للاستعمار والقابلية للتقهقر، وتواصل الكتابة بغزارة في صفحات: القابلية للتفوق. وكل ما يغني الثقة البناءة بالنفس والقدرات هو الجدير بالاعتماد.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

القابليّة للتّفوق القابليّة للتّفوق



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

الأناقة الكلاسيكية تجمع الملكة رانيا وميلانيا ترامب في لقاء يعكس ذوقًا راقيًا وأسلوبًا مميزًا

نيويورك - المغرب اليوم
المغرب اليوم - أنواع النباتات المثمرة المناسبة في بلكونة المنزل

GMT 07:42 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

مرسيدس تطلق سيارة رياضية بمواصفات فائقة

GMT 15:45 2018 الأربعاء ,01 آب / أغسطس

المصري محمد صفوت يودع بطولة لوس كابوس للتنس

GMT 23:22 2018 السبت ,14 إبريل / نيسان

طرق بسيطة لاختيار ساعات عصرية تناسب الرجال

GMT 04:08 2018 الأحد ,18 آذار/ مارس

... مَن قال ليس حقيبة؟

GMT 01:12 2018 الأربعاء ,24 كانون الثاني / يناير

"نيس" الفرنسي يظهر اهتمامه بضم المغربي أمين باسي

GMT 13:19 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

لاس بالماس الإسبانية المدينة المثالية لقضاء أحلى شهر عسل

GMT 08:40 2017 الثلاثاء ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الطقس و الحالة الجوية في جبل العياشي

GMT 00:43 2016 الجمعة ,23 أيلول / سبتمبر

شاطئ "الكزيرة" في المغرب جوهرة شمال غرب إفريقيا

GMT 00:02 2017 الثلاثاء ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عمرو السنباطي يعلن عن رؤيته لمستقبل نادي هليوبوليس

GMT 07:58 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

مطعم ماهيكا مانو في طوكيو لمحبي الأماكن الرائعة والمختلفة
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib