لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية

لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية؟

المغرب اليوم -

لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية

عبدالله بن بجاد العتيبي
بقلم - عبدالله بن بجاد العتيبي

المناظرات الرئاسية الأميركية تمنح رؤية وجيزة لخطط المرشحين المتنافسين، وتسعى لتغطية غالبية المجالات التي تهم الناخب الأميركي، وبينما ينظر العالم لتوجه المرشحين في السياسة الخارجية إلا أن حجم الاهتمام بها عند الناخب الأميركي ليس أولويةً، بل يأتي في مرتبة متأخرة، وهذا أمرٌ طبيعي. خاض الرئيس السابق دونالد ترمب مناظرتين في هذه الانتخابات، الأولى مع الرئيس الحالي جو بايدن وانتصر فيها ترمب انتصاراً ساحقاً ما دفع بالحزب «الديمقراطي» لإخراج بايدن من السباق والدفع بنائبته كامالا هاريس مكانه ثم خاض ترمب المناظرة الثانية مع هاريس، ولكن النتيجة لم تكن مثل الأولى.

أي «ديمقراطي» سيقف في مواجهة ترامب سيكون أفضل من بايدن، وهاريس تحديداً هي نائبته ومطلعة على كل الملفات الحساسة والمهمة، وهي حاضرة الذهن واستعدت استعداداً كاملاً للمناظرة، وبالتالي خرجت هذه المناظرة طبيعية، وفيها تنافس وطروحات متماسكة، ومن الطبيعي أن يرفض ترامب مزيداً من المناظرات والانتخابات على بعد شهرين فقط ما دام أنه انتصر في واحدةٍ وربما تعادل في الثانية وإن كان يعتقد أنه انتصر.

والسؤال هو لماذا كل هذا الاهتمام في الإعلام العربي بالانتخابات الرئاسية الأميركية؟ والحقيقة أنه ليس اهتماماً عربياً فقط، بل هو اهتمام عالميٌ بوصف أميركا هي الإمبراطورية الأقوى في التاريخ وهي أقوى دولة معاصرة بلا منازع، وانتخاباتها تحدد مصير العديد من القضايا والسياسات حول العالم لأربع سنواتٍ مقبلةٍ على الأقل، والإعلام الأميركي يقود الإعلام في العالم ويعتبر نموذجاً لاحترافية الإعلام، وهو وإنْ كان في غالبيته منحازاً لليسار الليبرالي الأميركي الذي تمثله هاريس إلا أنه يتفنن في تغطية الانتخابات ومن السهل العثور على أفكارٍ وبرامج ومعلوماتٍ تهم المتابعين.

يتحدث الحزبان الأميركيان أن هذه الانتخابات ستحدد مصير أميركا لسنواتٍ طويلةٍ قادمةٍ، وهذا يبدو صحيحاً بعد تصعيد الصراع بينهما إلى مستوياتٍ غير مسبوقةٍ في تاريخ أميركا، ولأنها تمثل مفترق طرقٍ تجاه مستقبل أميركا والعالم معها، ولذلك فالاهتمام بها مضاعفٌ داخل أميركا وخارجها. اليسار الليبرالي الأميركي ممثلاً في الحزب «الديمقراطي» والأوبامية السياسية تمثل أيديولوجيا عالميةٍ لها أنصارٌ ومؤيدون حول العالم وفي العالم العربي من وسائل إعلام وتياراتٍ سياسيةٍ وثقافيةٍ وكتابٍ ومحللين بينما الحزب «الجمهوري» حزبٌ يمينيٌ تقليديٌ لا يملك أيديولوجيا عالميةٍ قابلةٍ للتصدير، والمتابع العربي لا تعنيه سياسات أميركا الداخلية، بل يهتم بأثرها على بلدانه ومصالحه.

ومما يزيد هذه الانتخابات تأثيراً أنها تمثل صراعاً على هوية أميركا الحالية والمستقبلية، والصراعات على الهوية بالغة التأثير قوية الأثر وإن لم يستوعبها كثيرٌ من الناس ويحسبونها ترفاً، وأميركا بحسب دستورها هي «أمة من المهاجرين»، وكان المقصود بذلك المهاجرين البيض من أوروبا وإنما كان «السود» وقتها سلعةً ولم ينالوا حقوقهم كاملة إلا منذ عقودٍ قليلةٍ مضت، وانضمت إليهم جماعاتٌ من المهاجرين الجدد من شتى أنحاء العالم، ولكن أهمهم المهاجرون المكسيكيون الذين بدأوا في إحداث تغييرات ديموغرافية في العديد من الولايات الأميركية.

الجدل حول المهاجرين والحدود بين الحزبين جدلٌ عميقٌ وليس مجرد صراعٍ انتخابيٍ، فترامب يصرّ على بناء جدارٍ لحماية الحدود وتهجير المهاجرين غير الشرعيين حماية لهوية أميركا، بينما هاريس تريد المزيد منهم، ويكفي لقراءة عمق وتشعب هذا الخلاف حول هوية أميركا قراءة الكتاب الضخم للمفكر الأميركي المعروف صموئيل هنتنغتون «من نحن؟ المناظرة الكبرى حول أميركا». أخيراً، فبغض النظر عن المنتصر في هذه الانتخابات الأميركية فدولنا قادرةٌ على التعامل مع الطرفين غير أن «الجمهوريين» أقل ضرراً من «الديمقراطيين» في المدى المنظور.

* نقلا عن " الاتحاد"

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية لماذا نهتم بالانتخابات الأميركية



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 10:26 2015 الثلاثاء ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

منزل ريفي في بريطانيا من وحي تصميمات روبرت ويلش

GMT 11:35 2017 الخميس ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

زيّن حديقة منزلك مع هذه الفكرة الرائعة بأقل تكلفة

GMT 17:00 2023 الإثنين ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ديوكوفيتش يسعى للفوز بذهبية أولمبياد باريس

GMT 06:20 2023 الأربعاء ,04 كانون الثاني / يناير

230 ألف شخص يشيعون بيليه إلى مثواه الأخير

GMT 15:10 2022 الأربعاء ,23 آذار/ مارس

شركة "توتال" الفرنسية توقف شراء النفط من روسيا

GMT 20:10 2022 الجمعة ,07 كانون الثاني / يناير

مشروع قانون لتنظيم أسعار المحروقات في المملكة المغربية

GMT 14:16 2021 السبت ,31 تموز / يوليو

فساتين سواريه للنحيفات المحجبات

GMT 23:27 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تعرف على قائمة الأسعار الجديدة للسجائر في المغرب

GMT 15:22 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 20:49 2019 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

أسعار مازدا mazda 3 في مصر

GMT 21:11 2019 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شركة أميركية ترصد صورًا لأهم أحداث الكوكب خلال العقد الماضي
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib