المراهنة على الإرادة السياسية في بناء أحزاب حقيقية…

المراهنة على الإرادة السياسية في بناء أحزاب حقيقية…

المغرب اليوم -

المراهنة على الإرادة السياسية في بناء أحزاب حقيقية…

أسامة الرنتيسي
أسامة الرنتيسي

 التجربة الحزبية الأردنية لا ينقصها مزيدٌ من الإحباطات، والشواهد على ضعفها وأحوالها، وهي أحوال على كل حال لا تتحمل الأحزاب وحدها المسوؤلية عن واقعها الصعب، فعقل الدولة في فترات طوال لم يكن مقتنعا بالحياة الحزبية وأهميتها، لكن ما نسمعه ونلمسه هذه الأيام قد يكون مختلفا عن الماضي لهذا علينا أن لا نبقى في مربع النقد واليأس من بناء تجارب جديدة، بعد أن ثبت للجميع أن لا حياة سياسية بلا حياة حزبية حقيقية متجذرة.

منذ أن أنهت لجنة منظومة الإصلاح السياسي أعمالها وقدمت مشروعات قوانين للأحزاب والانتخاب تحركت العجلة فورا في محاولات تحضيرية لبناء أحزاب وتيارات جديدة، بعد أن شعر المشتغلون بالحياة السياسية بجدية التوجه.

قد يكون بعض التحركات لبناء أحزاب تتم من دون خبرة، واهتمام فقط بالشكليات، والفزعة، والتسابق، لكني شخصيا، أسمع وأتابع محاولات جادة لبناء أحزاب واعتماد نهج وتوجهات جديدة تبني على تجارب أثْرَت وأثّرَت في السنوات الأخيرة في تقديم مشروع لتيار وطني ديمقراطي مدني برامجي، يقوم على مبدأ المواطنة والعدالة، من الممكن تجويد هذا التيار وتعزيزه بأسماء وخبرات سياسية وبرلمانية وإعلامية واقتصادية وحزبية ومهنية تمتلك من التجارب ما يؤهلها لبناء تجربة حزبية جديدة تستطيع تقديم أشياء مختلفة للنهوض بالبلاد ودخول مرحلة المئوية الثانية للدولة بمشروع سياسي مختلف ومميز.

طبعا؛ لا أحد يريد “دكاكين حزبية”، ولا أحد يريد أحزاب الشخص الواحد والقائد الملهم، ولا أحد لديه أدنى علاقة بالإصلاح السياسي، ويؤمن إيمانًا عميقًا بالديمقراطية والتعددية واحترام الرأي الآخر، يضع الأحزاب السياسية خصمًا له، ويبدأ بتوجيه النقد الموضوعي وغير الموضوعي للحياة الحزبية في الأردن.

لا يمكن لعملية الإصلاح السياسي ان تبدأ بالتدرج نحو الأفضل من دون حياة حزبية، وتعددية فكرية، وعدم إقصاء الآخرين، فالحياة الحزبية هي الحاضنة الطبيعية لتطور المجتمع، وهي الوعاء الذي يتخرج منه السياسيون الذين يتبوأون المناصب والمواقع القيادية، وهي المرجعية لهؤلاء، والجهة التي تحاسب أعضاءها على ما يقدمون، إيجابًا ام سلبًا.

منذ سنوات، والمعادون للحياة الحزبية كلهم، يكررون اسوأ تعليق أدلى به مدير مخابرات سابق، ووزير داخلية سابق جرت في عهده اسوأ انتخابات نيابية، عندما قال: “إن أحزابنا لا تملأ “بِكَمْ ديانا” (باللهجة الأردنية) والسائق من عندنا”، حيث أصبحت هذه العبارة دارجة على لسان كل من يريد ان يوجه سهامه إلى الأحزاب.

يضاف إلى ذلك، بعض الشخصيات الذين تبوأوا مناصب قيادية في الدولة الأردنية، وكانوا قياديين في الأحزاب الأردنية، وتم خطفهم بطريقة ما، يقدمون أنموذجًا بائسًا عن الحياة الحزبية، ولا يتورعون عن المشاركة في الهجوم على الأحزاب، خاصة الحزب الذي تركوه بعد أول غمزة حكومية، فهم لا يحترمون البنيان الثقافي لشخوصهم، ولا يحترمون جزءا من تأريخ حياتهم التي قضوها أعضاء في هذا الحزب.

لم تحتضن الدولة يوما حزبا سياسيا أردنيا سوى جماعة الإخوان المسلمين، وهذا ما اعترف به قبل أيام رئيس الوزراء السابق العضو في بداية حياته مع جماعة الإخوان عبدالرؤوف الروابدة، هذا الاحتضان أفسح المجال للجماعة أن تشكل حزبا جماهيريا وتسيطر على الحياة الطلابية، مثلما سيطرت على الحياة الحزبية.

الآن؛ المراهنة في رؤية إرادة حقيقية في عقل الدولة لبناء حياة حزبية ناضجة لتعزيز مشروع الإصلاح السياسي الذي تأخر سنوات طوال بسبب التردد والتلكؤ، وخسارتنا في ذلك كبيرة جدا جدا.
الدايم الله…..

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المراهنة على الإرادة السياسية في بناء أحزاب حقيقية… المراهنة على الإرادة السياسية في بناء أحزاب حقيقية…



GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 20:02 2025 الأحد ,19 كانون الثاني / يناير

عالم جديد حقًا!

GMT 06:19 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 19:43 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أصول النظام السياسى

GMT 19:56 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

عيد سعيد!

إستوحي إطلالتك الرسمية من أناقة النجمات بأجمل ألوان البدلات الكلاسيكية الراقية

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 20:23 2025 الإثنين ,04 آب / أغسطس

عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله
المغرب اليوم - عمرو دياب يثير الجدل بما فعله في حفله

GMT 09:34 2025 الأحد ,06 تموز / يوليو

الرجاء يخاطب منخرطيه قبل الجمع العام

GMT 05:15 2018 الأحد ,08 إبريل / نيسان

"قميص الدنيم" لإطلالة أنيقة ومريحة في آن واحد

GMT 07:07 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

ناصر بوريطة يناقش قضايا متعددة مع وزيرة خارجية السويد

GMT 15:36 2020 الإثنين ,01 حزيران / يونيو

تنفرج السماء لتظهر الحلول والتسويات

GMT 20:46 2019 الثلاثاء ,14 أيار / مايو

اعتقال رجل يقود سيارته برفقة زوجته "المتوفاة"

GMT 21:49 2019 الثلاثاء ,05 آذار/ مارس

وفاة والد خالد بوطيب مهاجم الزمالك

GMT 09:29 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وجهات مشمسة لقضاء عطلة صيفية في قلب الشتاء

GMT 17:46 2014 السبت ,14 حزيران / يونيو

"سابك" تنتج يوريا تزيد كفاءة محركات الديزل

GMT 11:48 2017 السبت ,18 شباط / فبراير

لن أستحيي أن أضرب مثلا في حبكم .. عجزي ….

GMT 20:50 2017 الأحد ,08 تشرين الأول / أكتوبر

ماركة "LIODADO" التركية تصدر ملابس سبور رائعة

GMT 17:50 2017 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الاختلاف والتميز عنوان ديكور منزل الممثل جون هام
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib