حريات شخصية أيها المجانين…حريات شخصية

حريات شخصية أيها المجانين…حريات شخصية !

المغرب اليوم -

حريات شخصية أيها المجانين…حريات شخصية

المختار الغزيوي

حادثان أليمان هزا المغرب في المدة الأخيرة: اعتداء شنيع على شابين في بني ملال بدعوى أنهما يمارسان المثلية الجنسية، ثم اعتداء آخر على رجل في مدينة ثانية بتهمة ضبطه متلبسا بممارسة “الخيانة الزوجية”
في الحادثين معا قطعنا مسافة أخرى نحو بربرية لا قبل لنا بها نحن في المغرب الذين تعودنا على أن نحتضن اختلافاتنا بأكبر قدر ممكن من الحدب والحنو عليها، والتغاضي إن لم يكن التقبل.
أجيال عديدة من مغاربة الماضي الذي يبدو سحيقا الآن تتذكر أنها كانت تعيش بسلام مع حكاية المثلية الجنسية هاته، ولم تكن تشكل لها أي مشكل.
والأكبر سنا منا يتذكرون أن عروض “لافوار” في المدن والقرى المغربية كانت تتضمن عرضا لا غنى عنه ل”ترافيستي” لا هو رجل ولا هو امرأة يرقص أمام لعبة حظ شهيرة
لم نتذكر ونحن في بدايات العمر الأول أن أحدا ضرب تلك الراقصة/الراقص بحجرة أو حاول تغيير المنكر فيه أو فيها، ولا نتذكر أن أحدا كان يستطيع التعرض لجماعات من المختلفين جنسيا يذرعون مدننا وقرانا بكل حرية وبكل إعلان شجاع عن هذا الاختلاف الجنسي. وطبعا لا نتذكر أننا دخلنا منزلا ما بعد أن ضبطنا فيه رجلا رفقة رجل أو امرأة رفقة امرزة لكي نضربهما وندخل الجنة بعد أن نعتدي عليهما بوحشية
هاته كلها أمور مستوردة علينا، أتت بعد “الفتح الداكن” لتيارات الإسلام السياسي التي ينبغي الاعتراف لها أنها غيرت فعلا وجه المجتمع المغربي الذي قاومها نعم، لكن تسللت إليه عديد من رداءاتها وفي مقدمتها رداءة عدم القدرة على احترام الاختلاف أو مايسميه المغاربة “دخول الصحة”
دخول يعطيك الإحساس أنك صاحب سلطة وإن كنت لا تمتلكها ويفرض عليك باسم ما تعتنقه وتؤمن به أنت أن تسير الكون كله على هواك، وهذه مسألة غير ممكنة وهي تقترب  بنا من “السيبة” أكثر من اقترابها بنا إلى أي شيء آخر، لذلك علينا أن نكون حازمين في التعامل معها والحديث عنها، وعلينا أن نعود باستمرار مع الأغبياء إلى البديهيات لكي نلقنهم إياها ولكي نذكرهم بها خوفا على هذا المشترك الذي يجمعنا بهم أن يسقط يوما على رؤوسنا جميعا لا نعرف مانحن فاعلون
في حكاية الجنس هاته لابد من قولها وإن أغضبت من يغضبون دائما: هذه حريات شخصية، واحترامها ليس ترفا أو اختيارا. احترامها واجب وفرض لأنها تتعلق بأفراد في علاقاتهم بأعضائهم الحميمية، ولا أحد منا يستطيع أن يقول لأحد آخر ماعليه أن يفعله أو ألا يفعله بأعضائه الحميمية.
المسألة بالإضافة إلى أنها تتوفر على قدر كبير من قلة الحياء، غير ممكنة، لأنه من الممكن لأي منا أن يختفي عن الأنظار وأن يفعل مايشاء. وفي حالة شابي بني ملال هما معا كانا يعرفان المجتمع الذي يعيشان فيه، لذلك اختفيا عن الأنظار لكن المجتمع لاحقهما وأشبعهما ضربا ودماء واعتقد أنه حل المشكل وكفى
العكس هو الذي وقع، وعوض أن نحترم عيش رجلين أو امرأتين لحياتهما مثلما يتصورانها، تجدنا بغباء منقطع النظير نحشر الأنف فيما لا علاقة لنا به، ونخلق مشاكل من نوع آخر تصبح جرائم فيما بعد، وتقدم عنا أسوأ الصور فعلا
حسنة الاختلاف والقبول به هاته لا يؤتيها الإله إلا لمن يحبهم ويمنحهم كمية راجحة من العقل. صغار الأذهان يتصورون في الدين وفي السياسة وفي الجنس وفي الكرة وفي كل ميادين الحياة أن عليهم أن يفرضوا تصورهم هم للأشياء أو أن عليهم بالمقابل أن يبيدوا من يؤمنون بتصورات أخرى
إسمه التزمت أو التطرف أو التحجر ولادواء له إلا الاطلاع وفتح الرأس لكي تدخله بعض من تيارات هواء العقل عساه يستوعب أن الكثير مما يرتكبه البعض منا يسمى الجهل فقط لا أقل ولا أكثر
كل التضامن مع شابين بني ملال، وكل التضامن مع كل المختلفين في مجتمع جبان يهاب الاختلاف فعلا…

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حريات شخصية أيها المجانين…حريات شخصية حريات شخصية أيها المجانين…حريات شخصية



GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 15:21 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 15:18 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 15:07 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

العودة إلى إسحق رابين

GMT 14:59 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

GMT 14:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

فضيحة في تل أبيب!

GMT 14:45 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تفرح بافتتاح المتحف الكبير (1)

GMT 14:42 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

شخص غير مرغوب فيه

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 02:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات
المغرب اليوم - في يوم العلم الإماراتي استوحي أناقتك من إطلالات النجمات

GMT 10:46 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة
المغرب اليوم - أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 18:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير
المغرب اليوم - بوريس جونسون يهاجم بي بي سي ويتهمها بالتزوير

GMT 20:20 2019 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

4 أصوات تشير إلى أعطال في محركات السيارات

GMT 06:27 2018 الثلاثاء ,05 حزيران / يونيو

دراسة تؤكّد تأثير حجم المخ على التحكّم في النفس

GMT 21:07 2018 الأربعاء ,04 إبريل / نيسان

"سباق الدراجات" يدعم ترشح المغرب للمونديال

GMT 01:40 2018 السبت ,10 آذار/ مارس

رجل يشكو زوجته لسوء سلوكها في طنجة

GMT 05:32 2017 الأربعاء ,03 أيار / مايو

محمود عباس فى البيت الأبيض.. من دون فلسطين!
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib