«بوليساريو» الداخل

«بوليساريو» الداخل..!

المغرب اليوم -

«بوليساريو» الداخل

بقلم عبد الله الدامون

مرة أخرى لا ندري ما نقوله لأولئك الموتورين الذين ينادون بإلغاء عقوبة الإعدام ونحن نرى ما جرى للطفل البيضاوي عمران، الذي كتب له عمر جديد لكي يحكي بعض ما وقع له على يد مغتصب وحش. نعرف أنه لو تم النطق بإعدام ذلك الوحش المغتصب صباح الغد فإن جمعيات ممسوخة ستخرج في مساء اليوم نفسه لكي تندد بعقوبة الإعدام وستصفها بالوحشية. تلك الجمعيات يتصرف أفرادها مثل «روبوهات» مبرمجة على التصرف والكلام بطريقة معينة. فلو أننا برمجنا إنسانا آليا على ترديد «صباح الخير» فإنه سيفعل ذلك في منتصف الليل أو في عز المساء، هذا ما يفعله أعضاء تلك الجمعيات، فعقوبة الإعدام وحشية في نظرهم مهما فعل القاتل، لكن لو كان الطفل عمران ابن أو قريب أحدهم فلن تكون هذه العقوبة وحشية بالتأكيد. قبل الطفل عمران جرت أمام عيوننا مئات الأمثلة البشعة، وتتبعها حكايات تفطر القلب والعقل، وتأملنا جثثا صغيرة مغتصبة ومطمورة في الأودية والآبار أو ملقاة في حاويات القمامة، ومع ذلك لا نزال لا نعرف ما نفعل. في أي مجتمع من المجتمعات يعتبر مغتصبو الأطفال أعداء حقيقيين للبشرية ينبغي التعامل معهم بكل الحزم اللازم، فمن الجنون الحكم على مغتصب بالسجن بضع سنوات لكي يصرف عليه الناس أكله وشربه ونومه داخل سجنه ثم يخرج من جديد لكي يرتكب جرائم أفظع ويعود إلى السجن، وفي أحيان كثيرة يبقى المغتصبون طلقاء. عقوبة لا علاقة لها بالانتقام بقدر ما هي مرتبطة بتخليص المجتمع من الجراثيم والميكروبات، خصوصا وأن الأغلبية الساحقة من المغتصبين لا يتوبون، بل ينذرون حياتهم لهذه الآفة. هناك آفة أخرى يجب أن نعترف بها وهي أن المجتمع المغربي لا يفعل ما يجب فعله تجاه هذه المصيبة رغم كل ما رأيناه وسمعناه، ورغم انتشار رقعة الضحايا في كل المدن والقرى المغربية، وحتى الجمعيات المتخصصة تقوم فقط بحملات موسمية ثم تعود إلى سباتها، بينما القضية هي قضية مجتمع بكامله. في مناسبات كثيرة خرج ملايين المغاربة للتظاهر في الشوارع من أجل قضايا مصيرية. وخلال السنوات الماضية فعل المغاربة ذلك أكثر من مرة من أجل قضايا قومية وإنسانية مثل قضايا فلسطين والعراق وغيرهما. تلك المسيرات المليونية تحولت بعد ذلك إلى قضايا وطنية، مثل مسيرة الأحد الماضي للتنديد بتصريحات الأمين العام الأممي حول الصحراء. المسيرات القومية والوطنية حشدت الناس ضد أعداء نعرفهم، إننا نعرف جيدا أمريكا وإسرائيل، لكننا لا نزال في حاجة إلى مسيرات مليونية كثيرة أخرى ضد الأعداء المتسترين الذين يعيشون تحت جلودنا، أعداء مثل السوس الذي ينخر الأجساد، وعلى رأسهم مغتصبو الأطفال وتجار المخدرات الصلبة. دائما تنتبه الشعوب للأعداء الخارجيين وتعد لهم ما استطاعت من قوة ومن رباط الخيل، لكن الأعداء الداخليين لا أحد يأبه بهم، والمشكلة أن الأعداء الداخليين أكثر عددا وخطورة من أعداء الخارج، وأكثر من كل هذا فإن الكثيرين منهم يحظون بالأبهة والاحترام، مع أنهم طابور خامس حقيقي يدمر الحاضر والمستقبل ويحطم الأسوار الحامية للقيم والمجتمع. في المغرب طوابير خامسة كثيرة، بدءا بالفاسدين «الخامجين»، ومرورا بوحوش العقار والأبناك وانتهاء بالمغتصبين وتجار المخدرات الصلبة، والكفاح ضد كل هذه الطوابير أصعب كثيرا من مواجهة أعداء الخارج. حتى في الداخل هناك فرق بين الأعداء الساكنين تحت جلودنا. فنحن نعرف الفاسدين واللصوص ومن يشبهونهم، لكننا لا نكاد ننتبه إلى لوبي على قدر كبير من الخطورة، وهو لوبي المخدرات الصلبة، يعني الكوكايين ومشتقاتها، وأفراد هذا اللوبي أكثر خطورة بكثير من أعضاء البوليساريو، فإذا كان تنظيم البوليساريو يهدد الصحراء، فإن لوبي المخدرات الصلبة يهدد أصل ووجود الإنسان المغربي. تجار المخدرات الصلبة في المغرب يقتلون كل يوم عددا كبيرا من المغاربة ومع ذلك لا أحد يطاردهم بتهم القتل، ويزرعون القنابل والكمائن المتفجرة في وجه المجتمع ولا أحد يصفهم بالإرهابيين، ويتسببون في مآسي اجتماعية رهيبة ولا أحد يتهمهم بالتخريب، ويغرقون المدن والقرى المغربية بكميات قياسية من المخدرات الصلبة ولا أحد يتساءل كيف ومن أين تدخل كل هذه الأسلحة الفتاكة التي تتفوق على الأسلحة الكيماوية في التدمير. إنها حرب خطيرة تخوضها عصابات ترويج المخدرات الصلبة ضد الشعب المغربي ومستقبل أجياله ومع ذلك لم يفكر المغاربة يوما في تنظيم مسيرات مليونية ضد «بوليساريو الداخل»!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«بوليساريو» الداخل «بوليساريو» الداخل



GMT 07:47 2016 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

كْلاسيكُو بنما

نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة - المغرب اليوم

GMT 22:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
المغرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 02:59 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات
المغرب اليوم - أحلام تشعل مواقع التواصل بنصيحة غير متوقعة للزوجات

GMT 16:11 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تثق بنفسك وتشرق بجاذبية شديدة

GMT 12:58 2019 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الشمامي يتراجع عن الاستقالة من الجيش الملكي

GMT 15:14 2019 الثلاثاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

تفاصيل مشروع قانون المالية المغربي لسنة 2020

GMT 17:38 2018 الأحد ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

حيوان المولوخ الأسترالي يشرب الماء عن طريق الرمال الرطبة

GMT 13:15 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

سعد الصغير يعلن عن قلقه من الغناء وراء الراقصات

GMT 12:18 2012 الأربعاء ,27 حزيران / يونيو

جهود دولية لمكافحة الجرائم الإلكترونية

GMT 13:15 2012 الأحد ,02 كانون الأول / ديسمبر

لكل زمن نسائه

GMT 15:54 2015 الإثنين ,06 تموز / يوليو

متأسلمون يستدرجون يستعملون وبعد ذلك يسحقون
 
almaghribtoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday almaghribtoday almaghribtoday
almaghribtoday
RUE MOHAMED SMIHA ETG 6 APPT 602 ANG DE TOURS CASABLANCA MOROCCO
almaghrib, Almaghrib, Almaghrib